&أكد خبراء اقتصاديون، أن السعودية ما زالت تمتلك ربع احتياطي العالم من النفط، وهي أكبر دولة منتجة للنفط في العالم وأنها لم تصل إلى مرحلة ما يتداول من نظرة سلبية وسوداء اقتصاديا.

الرياض: أشار خبراء اقتصاديون في حديث لـ "إيلاف" إلى أن وزن السعودية الاقتصادي والنفطي حاضر وقوي، والرهان على المستقبل وقواعده لم يتغير ولن يتغير بسهولة، وان ما يحدث من تراجع لأسعار النفط، سبق وإن حدث سابقاً وإنها دورة اقتصادية يجب أن تأخذ حقها من الفاعلية والتفاعل.
&
وكانت تقارير إعلامية قد أشارت إلى&أن تدهور أسعار النفط عرّض السعودية لأزمة عجز مالي متزايد، تحاول سده عن طريق الاقتراض واستهلاك الاحتياطات، حيث انه مع استمرار انخفاض أسعار النفط إلى أكثر من النصف، بدأت السعودية اللجوء بشكل متزايد إلى إصدار المزيد من السندات الحكومية لتمويل العجز المتزايد في ميزانيتها، كما قامت بسحب المزيد من المليارات من صندوقها السيادي الاحتياطي الذي تشكلت أمواله من فوائض الطفرات النفطية.
&
أما صندوق النقد الدولي فأعلن أن السعودية ستواجه خلال عام 2015 أكبر عجز في تاريخ ميزانيتها قد يصل إلى 150 مليار دولار، وانه في حال استمرار تراجع الإيرادات النفطية، فإن السعودية ستواجه مشكلة مالية كبيرة بسبب الزيادة الكبيرة في الإنفاق الحكومي الذي ارتفع سنويا بنسبة 17 إلى 18% خلال السنوات العشر الماضية، حيث قال الصندوق إن على السعودية إجراء إصلاحات شاملة في أسعار الطاقة واحكام فاتورة الأجور في القطاع العام، ورفع كفاءة استثماراته.
&
الوديعة وبطاقة الائتمان
&
الخبير الاقتصادي، فضل البوعينين، شبه الوضع الاقتصادي في السعودية ، بالرجل المستثمر الذي لديه وديعة بنكية بعشر ملايين ريال، وهو بحاجة إلى 30 ألف ريال، فيضطر - لعدم كسر الوديعة- الشراء بالدين عن طريقة بطاقة ائتمان، وعندما يحل أجل الوديعة يقوم بالسداد، مشيراً في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن السعودية لا تعاني أزمة مالية بقدر ما تعاني من مشكلة في تنظيم المدفوعات والتدفقات النقدية أو ما يعرف "الكاش سلو"، وأضاف "السعودية لديها احتياطات مالية تقدر 2.5 تريليون ريال ، فهل يمكن أن نقول إن دولة تحتفظ باحتياطات مالية بهذا الحجم إن لديها أزمة مالية ، أنا لا اعتقد ذلك".
&
وفي ما يتعلق بالعجز في الموازنة ، قال البوعينين يجب الاعتراف أولا بأن انخفاض أسعار النفط ، يعني انخفاضا في الدخل والإنفاق العام وبالتالي يعني عجزا في الميزانية ، لذا فالسعودية مضطرة إلى أن تغطي هذا العجز من ثلاثة مصادر وهي الودائع الخارجية والاستثمارات في السندات الأميركية وإصدار السندات من السوق المحلية، وأضاف " السعودية استخدمت السحب المباشر من احتياطاتها في الودائع الخارجية اعتقادا أن أسعار النفط ستتحسن، لكن عندما بدأت أسعار النفط تنحدر أكثر، سيّلت بعض سنداتها في الخارج ، ثم بدأت بإصدار سندات حكومية".
&
وبين البوعينين ، أن السعودية ستركز الآن على إصدار السندات لان إصدار السندات هي أفضل طريقة لمعالجة العجز وتمويل الموازنات ، خاصة وان الدين العام لا يمثل إلا 1.06 من الناتج المحلي الإجمالي، وبالتالي تستطيع السعودية أن تتوسع ما شاء في هذا الجانب ، مشيرا إلى أن القطاع المصرفي لديه فائض سيولة كبيرة وهذه السيولة تؤثر سلبا&في تغذية التضخم المحلي، وسحب جزء من السيولة عبر إصدار سندات، سوف يساعد كثيرا ، ليس في تمويل العجز فحسب ، بل أيضا في خفض معدلات التضخم في السعودية .
&
وفي ما يتعلق بتغيير سياسات الإنفاق العام، قال البوعينين ، الحكمة تقول إن السعودية مطالبة بضبط الإنفاق وهذا ينقسم إلي قسمين، أولا ضبط الإنفاق في موازنة العام الحالي 2015 عبر الاستغناء عن بعض المشاريع غير الضرورية أو تأجيلها، بحيث يكون هناك أولية للمشروعات، أما الأمر الثاني وهو يجب أن تكون السعودية أكثر دقة في بناء موازنتها للعام 2016 لان هناك عجزا متوقعا ، فيجب أن تكون هناك انضباطية في الإنفاق بما يساعد على تقليص العجز.
&
وحول البدائل المتاحة للحيلولة دون تراجع النمو، أوضح البوعينين ان للسعودية بدائل استراتجية و قطاعات غير مستغلة حيث يمكن زيادة الإيرادات من خلال تطوير الموانئ و تحويلها إلى موانئ رئيسة لاستخدامها كمواقع للتجارة الحرة، وبالفكرة نفسها تحويل المطارات، ومن البدائل أيضا خصخصة القطاعات العامة والتي ستحقق ثلاثة أهداف، إزالة&الأعباء المالية عن كاهل الدولة، والحصول على دخل مالي ببيعها، وتقديم خدمات متطورة للمواطنين، كما تمتلك السعودية صناعات أساسية يمكن أن تتحول إلى تحويلية من خلال صناعة المنتجات في السعودية بدلا من تصدير المنتجات الخام فقط
&
وحول من يقول، إن من لم يستطع البناء أثناء السعة، لن يستطيع البناء أثناء الأزمات، قال البوعينين ان المنح تخرج من بطون المحن، واليوم اكتشفنا بما لا يدع مجالا للشك إن الاعتماد على النفط بشكل كبير أمر غير مقبول، وان التحديات الحالية يفترض أن تدفعنا نحو مراجعة الخطط الاقتصادية التي لم تسهم في تحقيق الأهداف الرئيسة وأن تحفز الحكومة لمراجعة خططها الإستراتيجية ذات العلاقة بتنويع مصادر الدخل؛ وبناء قطاعات الإنتاج والانعتاق التدريجي من الإيرادات النفطية.

احتياطيات تكفي 8 سنوات قادمة
&
من جهته، قال الخبير والمحلل الاقتصادي، راشد الفوزان ، إنه وبلغة الأرقام السعودية لا تعاني من مشكلة تمويل ضخمة متعثرة أو ديون ضخمة متعثرة أو حتى تضخم بالمؤشر العام مبالغ به ، وان الأزمة هي في انخفاض أسعار النفط، مشيرا في حديثه لـ "إيلاف" ونظل رغم ذلك أكبر دولة منتجة وتملك احتياطيات، تكفي من 5 إلى 8 سنوات لسد أي عجز، &نعم هناك حاجة للتنويع بالدخل لكي يكون اقتصادا أكثر مرونة ويمتص الصدمات، ولكن لم نصل لمرحلة ما يتداول من نظرة سوداء اقتصاديا، فوزن السعودية الاقتصادي والنفطي حاضر وقوي، وإن ما يحدث في السوق بسبب تراجع النفط حدث سابقاً ووصل 35 دولارا وارتد لمستويات تفوق 90 دولارا، وإنها دورة اقتصادية يجب أن تأخذ حقها من الفاعلية والتفاعل.
&
وقال الفوزان، إن الاقتصاد السعودي لم يدخل بعد مرحلة الأزمة أو المصاعب، وتقرير البنك الدولي يقول إن السعودية احتلت المرتبة السادسة عشرة عالميا والأولى عربيا، مشيرا إلى أن دعم السعودية للطاقة يبلغ 370 مليار ريال سنويا، ومع ذلك السعودية أكدت أنها لن ترفع الدعم عن الطاقة ، وبلغة رقمية لا تقبل الخطأ فان أي دولة تعاني أزمة مالية لن تقوم بهذه الخطوة ، وأضاف "هناك دول نفطية وأقل في عدد السكان من السعودية لا تتحمل ما تتحمل السعودية ، فمثلا الإمارات وقطر والكويت والعراق وليبيا ، وكلها دول نفطية ، تبيع الطاقة لمواطنيها بأسعار عالية مقارنة بالسعودية ".&
&
وأكد الفوزان&أن مديونية السعودية لا تتجاوز 4% من الناتج القومي ، أي 100 مليار مقارنة بناتج يقارب 2,5 تريليون ريال، مشيرا إلى أن الإشاعات التي تم تداولها بأن الدولة قد باعت أسهماً لكي تتحصل على سيولة، هي بالمنطق المالي والاقتصادي غير صحيحة ، فالدولة لم تلجأ لذلك في ظروف أصعب أيام العجز المالي في التسعينات وعدم وجود احتياطيات ضخمة، فكيف يمكن اللجوء لهذه الخطوة الآن، مبينا أن ما يتم حاليا لتغطية العجز هو إصدار السندات، بتوقع شهري 20 مليارا، وسيظل للدولة القدرة على إصدار سندات وإن وصلت لأكثر من تريليون ريال وهو ما يشكل أقل من 50% من الناتج القومي ، وفي النهاية فلن تجد دولة في العالم غير مقترضة، فاليابان الدولة الصناعية الكبرى تعتبر أكبر دولة مقترضة بالنسبة للناتج القومي و بنسبة تفوق 250% من نتاجها القومي.
&