بدأت الحكومة المصرية عملية ترشيد الدعم، بحذف نحو مليون مواطن من بطاقات دعم السلع الغذائية، وتستهدف الوصول إلى حذف نحو 50% ممن يحصلون على الدعم ويقدر عددهم بـ 70 مليون شخص، أي ما يعادل 35 مليون مواطن من أصحاب الدخول المرتفعة والأثرياء والمتوفين والمسافرين للخارج.

«إيلاف» من القاهرة: في اطار خططها الرامية إلى تقليص عجز الموازنة، وتحقيق نموّ اقتصادي، بدأت الحكومة المصرية في تنقية بطاقات دعم السلع الغذائية من غير المستحقين، وحذفت وزارة التموين نحو مليون مواطن في خطوة مبدئية.

ووفقًا لتقديرات وزير التخطيط والإصلاح الإداري أشرف العربي، فإن 70 مليون مصري يستفيد من دعم السلع التموينية من إجمالي 92 مليون مصري، في حين أن المستحقين الفعليين للدعم منهم تتراوح نسبتهم ما بين 40% و 50%، أي ما يقارب 35 مليون مصري.

وتخصص الحكومة المصرية 46 مليار جنيه أي ما يعادل 2.3 مليار دولار أميركي في موازنة العام الجاري 2015 - 2016 لدعم السلع الغذائية، بما يقدر بـ18 جنيها شهريًا لكل مواطن أي ما يعادل أقل من دولار واحد في الشهر. ومع اتخاذ الحكومة قرارًا بـ"تعويم الجنيه"، قررت زيادة الدعم بمبلغ ثلاث جنيهات ليبلغ 21 جنيهًا مع شهر ديسمبر المقبل، أي ما يعادل 1.2 دولار أميركي شهريًا.

وتسعى الحكومة إلى حذف نحو عشرة ملايين مواطن في المرحلة الأولى من تنقية بطاقات الدعم، وتشمل المرحلة الأولى المتوفين والأسماء المكررة والمسافرين إلى الخارج.

جريمة التزوير

وتتوقع وزارة التموين حذف نحو 1.5 مليون مواطن خلال الأيام المقبلة، ولن تطالب الحكومة المحذوفين برد المبالغ التي حصلوا عليها بغير وجه حق، إلا إذا كان الحصول عليها من خلال ارتكاب جريمة التزوير في المستندات الرسمية.

ووفقاً لمعايير الحذف التي وضعتها لجنة العدالة الاجتماعية، وتضم وزراء الصحة والتضامن والتموين والتخطيط والداخلية والإنتاج الحربي، وحصلت "إيلاف" على ملامحها، فإن قائمة المستبعدين من الدعم، تشمل الأسر التي يزيد دخلها عن عشرة آلاف جنيه شهريًا أي ما يعادل 574.3 دولارًا أميركيًا. والأسر التي يتلقى أبناؤها التعليم في المدارس الدولية أو الخاصة، التي تتجاوز مصروفات الطالب الواحد 20 ألف جنيه سنويًا، والأسر التي تمتلك عقارات في مناطق راقية أو سياحية، أو الأسر التي تمتلك أراضي زراعية تزيد مساحتها عن عشرة أفدنة. وكذلك سيتم حذف الأسر التي تمتلك سجلات تجارية لشركات كبرى ودافعي الضرائب من الشريحة الأولى.

وتقترح اللجنة أن يتم اللجوء إلى فاتورة الكهرباء لتحديد غير المستحقين، ومن المقترح أن يتم استبعاد الأسر التي يزيد استهلاكها عن 650 وات شهريًا، وهي الشريحة التي تم رفع دعم الكهرباء عنها. ويشمل الحذف من يمتلكون خطوط موبايل بنظام الفاتورة على أن تتجاوز قيمة الفاتورة سنويًا ستة آلاف جنيه.

وأجرى المركز المصري لبحوث الرأي العام "بصيرة" استطلاعًا للرأي حول البطاقات التموينية، ووجه الباحثون في المركز سؤالًا على العينة محل الدراسة: هل لدى الأسرة بطاقة دعم سلع أم لا؟ وسؤالًا آخر: هل أنتم على استعداد للتنازل عن هذه البطاقة لأسرة أخرى قد تكون في حاجة إليها؟

وأظهرت نتائج الاستطلاع الذي نشر اليوم السبت، أن 8 أسر من كل 10 أسر مصرية، لديها بطاقة تموينية، مشيرًا إلى أن الوجه البحري أعلى نسبة لتغطية البطاقات التموينية للأسر بنسبة 89%، ويأتي بعده الوجه القبلي بنسبة 80%، بينما تشهد المحافظات الحضرية أقل نسبة تغطية بالبطاقات التموينية بنسبة 69%..

وأوضح الاستطلاع، أن 77% من أصحاب المستوى الاقتصادي الأعلى أو الأثرياء - والذين يمثلون 12% من المجتمع المصري- لديهم بطاقات تموين، وأكثر من نصفهم موافقون على التنازل عن بطاقاتهم التموينية.

التنازل عن البطاقات التموينية

وأضاف الاستطلاع أن 31% من الأسر توافق على التنازل عن بطاقاتها التموينية. وأفادت نتائج الاستطلاع أن 11% من الأسر التي لديها بطاقة تموين تمتلك سيارة ملاكي، وتبلغ نسبة من لديهم استعداد للتنازل عن بطاقاتهم التموينية 35% في المحافظات الحضرية و33% في الوجه البحري مقابل 28% في الوجه القبلي. ما يعني إمكانية تنازل حوالى 5.5 ملايين أسرة عن البطاقات التموينية الخاصة بها إذا ما اقتنعت أن هناك أسرا أكثر احتياجاً منها، على حد تعبير المركز.

وبدأت وزارة التموين في تلقي طلبات تنازل المصريين غير المستحقين طواعية عن بطاقات الدعم، وقال محمد على مصيلحي، وزير التموين والتجارة الداخلية ، أن هناك لجنة متخصصة تعكف الآن على استكمال قواعد البيانات ووضع اللمسات الأخيرة للضوابط والمؤشرات والمعايير الحاكمة لتنقية البطاقات التموينية، بالتعاون مع وزارات التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري، والتضامن الاجتماعي، والتموين، مع كافة ممثلي الجهات المعنية بالدولة، ذات الصلة بهدف استكمال قواعد البيانات اللازمة لعمليات التنقية المستهدفة.

وأضاف وزير التموين، في تصريحات صحافية، أن هذه المحددات أو الشروط لا تنطبق على المستفيدين الحاليين داخل منظومة الدعم التمويني، موضحا أن الهدف من عمليات تنقية البطاقات التموينية المطلوبة، ضمان توجيه الدعم لمستحقيه وللفئات الأكثر احتياجاً والأولى بالرعاية، وفور الانتهاء من عمليات التنقية، سيتم إضافة المواليد والمستحقين الجُدد.

وطالب وزير التموين المواطنين المصريين التوجه لمكاتب التموين في كافة أنحاء الجمهورية، اعتباراً من الأول من شهر ديسمبر المقبل، وحتى28 من شهر فبراير 2017، لمدة ثلاثة أشهر، لخصم الأفراد المقيدين على البطاقات التموينية، وهم غير مستحقين (حالات الوفاة، وازدواج الصرف، والسفر للخارج لمدة تزيد عن ستة أشهر، أو لأي سبب آخر)، حيث تقرر إعفاء أصحاب البطاقات التموينية من فروق الأسعار، وكذلك البقالين التموينيين، الذين يتقدمون من تلقاء أنفسهم إلى مكاتب التموين المختصة لتعديل البيانات الفعلية للبطاقات التموينية.

ومن جانبه، قال المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء، في تصريح له، إن ما يجري حاليا من إجراءات لتنقية بطاقات التموين هو أمر يتعلق بتنقية الأسماء المسجلة وحذف حالات الوفيات والمسافرين للخارج أو الأسماء التي قد تكون سجلت بالخطأ أو مكررة. وأضاف أنه "لا صحة نهائيا لما تردد عن تحديد 1500 جنيه كحد أقصى لمن يستحق الدعم".