وجهت مؤسسة النقد العربي السعودي المصارف والبنوك في المملكة بإعادة جدولة قروض العملاء المتأثرين بتعديل الدخل الشهري، بحيث لا تزيد نسبة الاستقطاع الشهري من 33 في المئة من الراتب، ويأتي ذلك بعد قرار مجلس الوزراء السعودي القاضي بخفض رواتب العاملين في القطاع الحكومي وإلغاء البدلات والمكافآت والمزايا المالية في خطوة لترشيد الإنفاق، وذلك على ضوء انخفاض عائدات النفط.

وبلغ إجمالي قيمة القروض الاستهلاكية والعقارية وبطاقات الائتمان التي منحتها البنوك السعودية للموظفين بنهاية الربع الثاني من العام الجاري 461.6 مليار ريال، حيث بلغت القروض الاستهلاكية 343.07 مليار ريال، و108.22 مليارات ريال قروض عقارية، و10.34 مليارات ريال قروض بطاقات ائتمان، بإجمالي 461.6 مليار ريال.

اعادة الجدولة والعثرات

قال الباحث الاقتصادي على الفوزان إن قرار الجدولة مهم جدًا، ولا سيما أنه سيحافظ على نسبة الاستقطاع من دخل الموظف بحيث لا تؤثر في مصروفاته الأخرى، مشيرًا في حديثه لـ"ايلاف" إلى أن النتائج ستكون إيجابية على الطرفين المقرض والمقترض، بحيث لا تحدث عثرات اقتصادية.

أضاف: "كان من الأحرى من البداية بأن لا تحتسب البنوك البدلات ضمن إجمالي صافي الراتب عند منح القرض لأن البدلات متحركة قد تقل وقد ترتفع، والواجب احتساب القرض على قيمة الراتب الأساسي، وهذه المشكلة هي بسبب عدم اهتمام البنوك بهذه المسألة".

اوضح الفوزان انه على الرغم من مراقبة مؤسسة النقد للبنوك في موضوع الجدولة لضمان عدم استمرارها تحصيل نسبة 33 في المئة من الراتب لصالح أقساط القروض، فهذا لن يمر من دون عثرات، ابرزها التأخير الذي سيطال عملية الجدولة بسبب عدد المقترضين المهول، وآلية عمل البنوك والتي قد تأخذ مسارًا أطول في المعالجة بداعي التحقق من انخفاض الراتب الإجمالي، وبالتالي يصبح العميل تحت وطأة القسط القديم الذي يفوق ما نسبته 33 في المئة من راتبه.

خسائر البنوك

قال اقتصاديون إن عملية الجدولة لن تكبد البنوك أي خسائر، إنما سيكون لها تأثير في هوامش أرباحها، بينما اكد آخرون أن الجدولة ستتسبب في تقليل هوامش الربح للبنوك بشكل كبير، لأن مدة القرض ستطول وبالتالي ربما تتخذ البنوك اجراءات خاصة للمحافظة على ارباحها من التأكّل.

قال المحلل الاقتصادي سعود الشمراني إن في إعادة الجدولة بالسعر تفسه كلفة على البنوك وأرباحها وإيراداتها، مشيرًا في حديثه لـ "إيلاف" الى أن الهدف من الجدولة هو التخفيف على الجميع قدر الامكان، الموظفين والبنوك، وليست هناك جهة واحدة تتحمل على حساب جهة أخرى.

أوضح الشمراني، أنه من السهل أن تحميل البنوك المسؤولية، لكن الضغط عليها وتحميلها اكثر من طاقتها، سينتج عنه انسحابها من السوق ورفع اسعارها في منح القروض مستقبلًا.

حدث سلبي

لا تحبذ البنوك في العالم إعادة الجدولة لأنها تمثل حدثًا سلبيًا حيث تؤدي إلى تدهور الحالة والتصنيف الائتماني، ما ينتج عنه انهاك وإخلال للدورة الاقتصادية والتي ليست من صالح أي طرف في المنظومة الاقتصادية، وبالتالي على جميع القطاعات التي ستتأثر أن تتحمل جانبًا من المسؤولية، فالجدولة وسيلة موقتة والجميع مطالب بالمشاركة في تخفيف آثاره بواقعية ومنطقية.

تجدر الاشارة الى أن اعادة الجدول هي عملية يتم بمقتضاها تغيير بنود الدين المتعلقة بسعر الفائدة، وذلك من خلال تأجيل استحقاق الدفعات عبر تمديد فترة السداد، وتتم إعادة الجدولة بناء على طلب المدين عادة الذي يواجه صعوبات في السداد والوفاء بالتزاماته المالية تجاه الدائن في آجال استحقاقها.

تحقق عملية إعادة الجدولة مكاسب بالنسبة للمدين والدائن معًا، فهي تمكن المدين من خفض سعر الفائدة أو تمديد فترة السداد إلى مستويات قابلة للتحمل، كما تتيح للدائن فرصة استعادة أصل دينه فضلًا عن بعض الفائدة.