«إيلاف» من لندن: حتى اللحظات الأخيرة هناك من يتنبّأ نجاح اجتماع اوبك في فيينا في التوصل الى اتفاق لخفض الانتاج، وهناك من يعتقد عكس ذلك، ولقد هبطت الأسعار الثلاثاء بنسبة 3% كرد فعل للتنبؤات ان منظمة أوبك لن تتوصل الى اتفاق لتخفيض الانتاج ويبدو ان هناك اختلافات حول تفاصيل خطة التخفيض وحول ايجاد صيغة عملية فاعلة.

موقف سعودي متفائل

وقبل عدة ايام، عبر وزير الطاقة السعودي خالد الفالح عن تفاؤله أن تستعيد اسواق النفط توازنها خلال العام المقبل حتى لو لم يتفق اعضاء اوبك على صيغة لتقليص الإنتاج، لافتاً إلى أن إبقاء الإنتاج عند المستويات الحالية قد يكون مبرراً في وقت لاحق.

ونص الاتفاق المبدئي، الذي جرى التوصل إليه في سبتمبر في الجزائر، على تقليص الدول الأعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" إنتاجها إلى ما يتراوح بين 32.5 و33 مليون برميل يوميا في أول خفض لإنتاج المنظمة منذ 2008.

ويجتمع وزراء نفط أوبك في فيينا الأربعاء 30 نوفمبر لإكمال ذلك الاتفاق. كما تطلب أوبك من المنتجين من خارجها مثل روسيا أن تلعب دورا ايجابيا في تقليص إنتاجهم.

وقال الفالح، خلال لقاء بالصحافيين نهاية الاسبوع الماضي في مقر شركة أرامكو السعودية، إن المملكة العربية السعودية ملتزمة بموقفها بشأن اتفاق الجزائر "وعلى الجميع أن يتعاونوا".

وردا على سؤال حول ما إذا كانت المملكة ستبقي إنتاجها مرتفعا في نوفمبر عند 10.6 ملايين برميل يوميا، قال الفالح إن مستوى الطلب على الخام السعودي ما زال مرتفعا.

ويعتبر وزير النفط السعودي أنه لا يوجد مسار واحد فقط مطروح أمام اجتماعات أوبك والمتمثل في خفض الإنتاج، مشدداً على أن إبقاء الإنتاج عند المستويات الحالية مبرر مع أخذ تعافي الاستهلاك والنمو في الأسواق النامية والولايات المتحدة في الاعتبار.

المتفائلون

ومن ناحية أخرى يرجح الخبراء ان احتمال نجاح اجتماع اوبك في فيينا للتوصل الى اتفاق بشأن تخفيض الانتاج يزيد عن 90 بالمائة نظرا لاستعداد المنتجين الكبار كالسعودية وروسيا في لعب دور حاسم. ومن جهته قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قبل يومين إنه متفائل بشأن توصّل "أوبك" إلى اتفاق حول الحدّ من إنتاج النفط، مشيراً إلى أن بلاده ستعلن عن خططها لخفض الإنتاج في اجتماع فيينا.

وأضاف زنغنه عقب اجتماعه مع وزير النفط الجزائري نورالدين بوطرفة، أن إيران درست الاقتراح الذي عرضته الجزائر، والذي يقضي بخفض إجمالي إنتاج "أوبك" بمليون ومئة ألف برميل يومياً، وخفض إنتاج الدول غير الأعضاء بـ 600 ألف برميل يومياً.

وتوقع بوطرفة أن يصل سعر البرميل إلى نطاق 50 إلى 55 دولاراً العام المقبل، وإلى 60 دولاراً مع نهاية 2017، في حال التوصل إلى اتفاق

وفي ايلول وافقت اوبك في الجزائر على تخفيض انتاجها الاجمالي من 33.34 مليون برميل يوميا الى 32.5 مليون برميل. وستقرر كل دولة حصة التخفيض في الاجتماع في فيينا 30 نوفمبر الحالي.

ولا بد من الاشارة إلى أن أي تخفيض سيؤدي الى ارتفاع الأسعار ويرفع ايرادات الدول المنتجة. ويبقى التساؤل قائما بما يتعلق بالدول المنتجة خارج اطار اوبك مثل روسيا وكندا والولايات المتحدة وقبولها بتخفيض انتاجها. ويعتقد المراقبون ان الولايات المتحدة لا تستطيع فرض تخفيضات على العديد من الشركات التي تنتج النفط في اميركا.

تحذيرات من عواقب وخيمة

وحسب تقارير في الفايننشال تايمز اصدرت شركات تجارة النفط تحذيرا لأوبك ان الفشل في التوصل الى اتفاق لتخفيض الانتاج في الاجتماع المقرر الاربعاء سيكون له عواقب وخيمة على الأسعار خاصة بعد عامين من الأسعار المتدنية التي نسفت ميزانيات المنتجين. وقد تبدأ مرحلة جديدة بالتهاوي. 

ويطالب التجار بتخفيض يزيد عن مليون برميل يوميا واذا لم يتم التوصل الى اتفاق قد تتهاوى الأسعار باتجاه 10 دولارات للبرميل وهذا كارثي لأعضاء اوبك وكل المنتجين.

ومن الجدير بالذكر انه بعد اتفاق الجزائر المبدئي ارتفعت الأسعار الى 53 دولارا للبرميل ولكنها تراجعت بنسبة 20 بالمائة على خلفية توقعات متشائمة ان اوبك ستفشل في التوصل الى اتفاق حيث استقرت الأسعار نهاية الاسبوع الماضي على 47 دولارا لمزيج برنت القياسي.

من المؤكد ان السعودية والدول الأخرى تحتاج الى اسعار عالية لكي تتغلب على المصاعب الاقتصادية التي تواجهها. اضف الى ذلك ان الدول النفطية والشركات الانتاجية قلّصت ميزانيات الاستثمار في التكنولوجيا والتنقيب والاكتشاف بمئات المليارات من الدولار وهذا سيخلق متاعب في المسقبل ويخلق تراجعا حادا في الانتاج ونقصا في الامدادات.

السعودية لا تريد الاستمرار بلعب دور المنتج الترجيحي وتتحمل عبء تخفيض الانتاج او زيادته بمفردها.

وتترقب الأسواق بحذر ما سيحدث في فيينا في الساعات المقبلة.