«إيلاف» من لندن: ارتفع مزيج برنت الخام فوق 55 دولاراً للبرميل اليوم الاثنين وجرى تداوله عند أعلى مستوى في 16 شهراً، وسط حالة من التفاول إزاء احتمال كبح التخمة في السوق إثر اتفاق أعضاء أوبك التاريخي لخفض الإنتاج في الأسبوع الماضي.

ومكاسب اليوم تصل بالزيادة التي بدأت عقب التوصل لاتفاق يوم الأربعاء الماضي إلى 19 في المئة بالنسبة لخام برنت، وهو الأعلى في نحو ثمانية أعوام، في حين بلغت مكاسب الخام الأميركي 16 في المئة.

ووصفت وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني اتفاق أوبك الأخير في فيينا بـ «الخطوة الكبرى»&في اتجاه عودة التوازن للسوق، لافتةً إلى أن قرار خفض الإنتاج يعد أول تدخل مهم لدعم الأسعار منذ عام 2008 ، ومن المرجح أن يؤدي إلى عودة التوازن للسوق بوتيرة أسرع.

وكانت قد رفعت أخبار الاتفاق معنويات المتعاملين والشركات الانتاجية والمراقبين والدول التي تعتمد على النفط في اقتصاداتها وحتى قيمة أسهم الشركات التي تتعامل في بيع وشراء النفط وفي السمسرة.& ولكن شركات الشحن والنقل البحري لم تبتهج بنفس الدرجة والسبب ان كميات النفط التي ستشحنها هذه الشركات من موانئ الخليج ستنخفض بمقدار 900 الف برميل يوميًا على الأقل، بالاجمال يعادل هذا الانخفاض تعطيل 20 ناقلة بترول عملاقة. هذا اذا التزمت الدول المنتجة بالحصص الانتاجية والتخفيضات التي تم الاتفاق عليها في فيينا الاسبوع الماضي.

ناقلات النفط تتأهب لبيع 33 مليون برميل

وذكرت الصندي تايمز البريطانية في ملحق المال والأعمال الاسبوعي ان هناك 18 ناقلة عملاقة ترسوا في ميناء صنغافورة تحمل ما يعادل 33 مليون برميل ينتظر اصحابها ان ترتفع الأسعار لمستويات جذابة تحقق ارباحًا معقولة قبل ان يطرحوها في السوق. ويطلق على هذه الناقلات المخازن العائمة حسب بيانات تومسون رويترز التي ترصد حركات الشحن والنقل البحري للنفط.&

لذا ليس غريبًا أن يرحب أصحاب هذه الناقلات بانباء اتفاق اوبك في فيينا الاربعاء الماضي على تخفيض 1.2 مليون برميل يوميًا الى 32.5 مليون برميل يوميًا من مجمل الانتاج اليومي لمنظمة أوبك، مما دفع الأسعار من 47 دولارًا للبرميل الى 55 دولارًا. وهذا التطور الايجابي وضع نهاية لعامين بائسين من انهيار الأسعار التي تهاوت من 115 دولاراً للبرميل اوسط 2014 الى 30 دولاراً في يناير 2016. &

&الاقتصادات الهشة

ورغم ارتفاع الأسعار ستبقى بعض الدول الأعضاء في أوبك تعاني من نقص في المداخيل وتحتاج الى المزيد من الصعود في الأسعار لتحل مشاكلها. وهناك خمسة اقتصادات هشة ضعيفة& في صفوف أوبك تبقى عرضة للانهيار رغم الانتعاش المتواضع للأسعار وهي فنزويلا ونيجيريا وليبيا والجزائر والعراق، ولأسباب مختلفة.&

نيجيريا على سبيل المثال تعاني من حركات عصيان داخلي وأعمال ارهابية وتخريبية تستهدف المنشآت والأنابيب النفطية، وكذلك القرصنة في منطقة الدلتا الغنية بالنفط.&

أما فنزويلا فهي تعاني من انهيار قيمة البوليفار الصرفية مقابل الدولار ولم تتمكن الدولة من دفع رواتب العاملين في قطاع النفط ورغم الارتفاع في أسعارالنفط الا ان الانتاج الفنزويلي في تراجع ويرجح خبراء الاقتصاد أن فنزويلا ستفشل في تسديد التزاماتها من الديون المستحقة كما حدث في اليونان في العامين الماضيين. وتتوقع الصندي تايمز أن استمرار الأسعار المنخفضة قد يعرقل خطة الرؤية&الثلاثينية السعودية وقد يؤثر سلبًا على طرح اسهم شركة ارامكو لللاكتتاب العام.

ومن المتوقع ان لا ترتفع أسعار النفط كثيرًا، وتبقى في نطاق 50 الى 60 دولاراً لعدة&أشهر أو ربما عام كامل، وطبعًا هذا لا يلبي طموحات الدول الأعضاء في منظمة أوبك.

ومن الجدير بالذكر ان اتفاق فيينا سيكون ساري المفعول لمدة 6&اشهر اعتبارا من اوائل 2017 قابلة للتمديد اذا وافق الأعضاء على ذلك.&

أسباب تمنع ارتفاع الأسعار

ولكن من غير المتوقع ان يؤدي الاتفاق الى ارتفاع كبير في الأسعار على الأقل لمدة سنة&لسببين،&الأول أن الشركات والحكومات استغلت فترة النفط الرخيص منذ اواسط 2014 لبناء مخزونات نفطية ضخمة، حيث بلغت المخزونات الاستراتيجية الاضافية اكثر من 500 مليون برميل فوق معدلاتها العادية،&والسبب الثاني هو أن اي انتعاش في الأسعار سيرفع من انتاج شركات النفط الصخري الأميركية ليصل انتاجها الى 4.5 ملايين برميل يوميًا. حيث تمكنت هذه الشركات في السنوات ألأخيرة من ابتكار اساليب وتقنيات تقلل من تكاليف الانتاج. لذلك اذا بقي السعر قريبًا من الستين دولاراً للبرميل سنرى المزيد من الزيت الصخري.

هل سيلتزمون بالحصص الانتاجية؟

&والسؤال الذي يقلق المراقبين هو هل ستلتزم الدول الأعضاء في أوبك& في الحصص الانتاجية؟& نعرف من خبرة سابقة أن هناك دولاً تنتج وتبيع أكثر من حصتها المقررة ويتم البيع بطرق سرية دون الاعلان عنا أو كشفها في البيانات الرسمية واذا مارست عدد من الدول هذا الخداع سيتم اغراق السوق مجددًا، ونرى تراكم التخمة وانهيار للأسعار. هل فعلا سيلتزمون وينتجون فقط ما تم الاتفاق عليه ام انهم سيخدعون بعضهم البعض كما حدث في التسعينات وفي مناسبات عديدة وينتجون اكثر من الحصص المقررة ويغرقون السوق مجددًا بالنفط الخام؟ رغم أن البلدان الرئيسة في منظمة أوبك عادة تلتزم بحصص الإنتاج، فإن عددًا من البلدان الأخرى لديها سجل حافل بعدم الالتزام ومنها نيجيريا وايران. دول تقول شيئًا وتفعل شيئًا آخر. وكذلك& أن اتفاق "أوبك" الأخير لا يشمل نيجيريا وليبيا، حيث يتوقع قيامهما بزيادة الإنتاج عقب الانقطاعات الأخيرة، على نحو يلغي أثر تخفيض الإنتاج في مناطق أخرى.

أما الدول غير الأعضاء في منظمة أوبك، فإنها لم تعلن رسميا عن قبولها بأي تخفيضات. حتى ان الموقف الروسي يثير الشكوك. بينما تتناقل وسائل الاعلام خبر قبول روسيا بتخفيض انتاجها بما يعادل 300 الف برميل يوميا، قال وزير الطاقة الروسي أليكسندر نوفاك إن روسيا ستلغي زيادة في الانتاج مخطط لها مسبقًا تبلغ 200 الى 300 الف برميل وسوف يقومون بالغاء الزيادة، أي الانتاج الحالي البالغ 11 مليون برميل يوميًا سيستمر دون تخفيض حقيقي، وهذا التفاف حول موضوع التخفيض.&

ولكن ما هو مؤكد ان الأسعار سترتفع خلال عام او عامين بسبب تجميد أو الغاء مئات المشاريع المتعلقة بالاكتشاف والتنقيب عن النفط. ربما اذا بقي السعر في حدود 50 الى 60 دولاراً للبرميل قد تتم اعادة تشغيل بعض المشاريع لتلبية الطلب العالمي المتنامي.& وحسب ارقام وكالة الطاقة الدولية، فإن الطلب العالمي الآن حوالي 93 الى 94 مليون برميل يوميًا، وهذا سيصعد الى 120 مليون برميل يوميًا بحلول عام 2040.

التخفيض غير كافٍ لتقليص التخمة في السوق

ولكن على المدى القصير ان ارتفاع أسعار النفط نتيجة لاتفاق منظمة "أوبك" على خفض الإنتاج سيكون على الأرجح قصير الأمد، نظرًا لأن الاتفاق قد يؤدي فقط إلى سحب مزيد من الإمدادات من صهاريج التخزين، وضخ مزيد من شحنات الخام من الولايات المتحدة. والتخفيض البالغ 1.2 مليون برميل يوميًا، وربما يصل الى 1.5 مليون برميل اذا تعاونت دول منتجة خارج أوبك في التخفيض سوف لا يكون كافيًا لتقليص التخمة في السوق.

&

&