على مساحة تمتد لأكثر من خمسة آلاف فدان في محافظة طريف في شمال غرب السعودية، تم تخصيص أراضٍ شاسعة لإقامة أول مزارع للرياح في السعودية، وذلك في إطار خطة الرياض للاعتماد على الطاقة المتجددة بدلًا من الطاقة التقليدية، وهو ما ينسجم مع رؤية السعودية 2030، الرامية إلى توطين الطاقة المتجددة، إذ تم تحديد هدف مبدئي لتوليد 9 جيغاواط عبرها.&

إيلاف من الرياض: اتفاقية ارامكو وشركة جنرال الكتريك، كانت أول مشاريع مزارع الرياح، حيث توصل الجانبان في الشهر الماضي إلى تعاون، سيتم بموجبه تركيب أول توربينات للرياح في السعودية في محافظة طريف، حيث أكدت دراسات سابقة وجود مزايا مناخية في مناطق شمال السعودية، إذ تبلغ سرعات الرياح العالية 8 أمتار أو أكثر في الثانية، وفقًا لتقرير أطلس الطاقة المتجددة. &&

رؤى مستقبلية
وفقًا للاتفاقية، فإن توربينات الرياح التي تم تصميمها لتكون متوافقة مع الظروف المناخية في السعودية، ستتيح الاستغناء عن وقود الديزل المستخدم لتوليد الطاقة في محطة طريف الكهربائية، بما يضمن تعزيز إنتاجية الطاقة الكهربائية وتغطية الطلب المتنامي على موارد الطاقة في السعودية، عبر برنامج تحسين استهلاك وقود أنظمة الطاقة، وتطوير حلول مبتكرة في قطاع الطاقة المتجددة.

الخبير الاقتصادي، عبدالله الحسني، أوضح أن خطوة انشاء مزارع للرياح تأتي منسجمة في مضمونها وأهدافها مع رؤية السعودية 2030 نحو الاستفادة من الخبرات العالمية في توسعة نطاق اعتماد أنظمة الطاقة المتجددة، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن السعودية تسعى بشكل جاد وبخطوات حثيثة إلى إيجاد بدائل من الطاقة التقليدية، حيث لم يعد النفط والغاز طاقتي المستقبل مع تضاؤل مخزوناتهما ونضوبهما على المدى الطويل، فضلًا عن تذبذب أسعارهما.

الحسني أوضح أن خطة السعودية وضعت هدفًا مبدئيًا لتوليد ما لا يقل عن 9 ميغاوات من الكهرباء، عبر مزارع الرياح بحلول 2030، وهو ما يعادل 5.5% من مصادر توليد الطاقة الكهربائية في السعودية، والتي تعتمد حاليًا على الغاز الطبيعي بنسبة 45%، والزيت الخام بنسبة 30%، والديزل بنسبة 15%، والوقود الثقيل بنسبة 10%، حيث تساهم هذه العناصر في إنتاج ما يقارب 247 جيغاوات من الكهرباء في السعودية سنويًا.

وقال الحسني إن إحلال طاقة الرياح بدلًا من أحد المصادر السابقة لتوليد الطاقة الكهربائية سينعكس إيجابًا على القدرة التصديرية للسعودية من النفط، فضلًا عن أن طاقة الرياح تعتبر طاقة آمنة ومناسبة للبيئة، حيث لا تصدر ثاني أكسيد الكربون وغيرها من الملوثات المضرة بالبيئة، مما يساهم في التخفيف من ظاهرة الاحتباس الحراري الذي يسببه استخدام الوقود الأحفوري.&

بعيدًا عن السكان
من جهته، قال الدكتور نبيل عباس، عضو الهيئة السعودية للمهندسين، إن السعودية من أنسب البلدان جغرافيًا لإنشاء مزارع الرياح، مشيرًا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن السعودية تتمتع بأراضٍ صحراوية شاسعة وغير مكتظة بالسكان، وهو المكان الأنسب لقيام مزارع الرياح، حيث لن يكون التوسع فيها على حساب أراضٍ زراعية أو مكتظة بالسكان، إذ من سلبيات مزارع الرياح أنها تحدث ضوضاء، ويؤثر دورانها بصريًا على السكان.

وقال عباس إن المزارع تتكون من ثلاثة مكونات، وهي أبراج ومراوح ومولدات، ويتم توليد الكهرباء من خلال توربينات تتحرك مع حركة المراوح، التي تكون بحجم أجنحة طائرة الجامبو، حيث تتحول طاقة الرياح الحركية إلى طاقة ميكانيكية، والتي يتم تحويلها إلى كهرباء بمولد يتواجد في رأس الطاحونة، والذي يقوم بدوره بتمرير الطاقة إلى الشبكات الكهربائية، وكلما كانت سرعة الرياح كبيرة، كلما كانت الطاقة الكهربائية عالية، مما يمكننا من استغلال هذه الطاقة المتجددة في إنتاج الكهرباء بدلًا من النفط.&

وأوضح عباس أن الرياح في شمال السعودية وفقًا للدراسات تتجاوز متوسط السرعة العادي، وهناك أماكن تكون فيها الرياح متوافرة معظم الوقت، وهو ما من شأنه أن يساهم في تشغيل التوربينات بطاقة إنتاجية مناسبة.&

توفير بعيد المدى
وبيّن أن تكلفة إنتاج الكهرباء من مزارع الرياح تزيد طبعًا عن تكلفة إنتاجها من الطاقة التقليدية، لكن الطاقة المتولدة من الرياح أرخص على المدى الطويل، كما إنها ستكون داعمة لمصادر الطاقة المتجددة الأخرى، وهي الطاقة الشمسية، والطاقة المحولة من النفايات، والطاقة الجوفية الحرارية.&

تجدر الإشارة إلى أنه توجد في العالم آلاف التوربينات ومزارع الرياح العاملة بطاقة إجمالية بلغت 238.351 ميغاواط، حيث &تضاعف توليد طاقة الرياح إلى أكثر من أربعة أضعاف بين عامي 2010 و2015. واشتهرت الولايات المتحدة بمزارع الرياح التي كانت رائدة منذ عقود، قبل أن تحتل الصين المركز الأول في هذا المجال، بطاقة إنتاجية بلغت 62733 ميغاواط، وهو ما نسبته 26.3% من إجمالي إنتاج العالم، بينما بلغت طاقة الولايات المتحدة نسبة 19.7% من إجمالي العالم.