برلين: ما زال هناك من يعتقد أن امازون ليست إلا النسخة الالكترونية من متجر كبير. ولكنها أكثر من ذلك بكثير فهي عملاق من عمالقة الانترنت، تغير طريقتنا في التسوق وتغزو أسواقاً أكثر فأكثر باستخدام المساعد الشخصي الذكي "اليكسا" لجمع معلومات خاصة عنا من غرف معيشتنا وتحاول الآن دخول بيوتنا لإيصال الطرود حتى عندما لا يكون أحد في الدار. 

فايسبوك ايضاً أصبح منذ زمن طويل أكثر من شبكة للتواصل الاجتماعي والدردشة مع الاصدقاء. وهو الان شركة اعلامية تربح مليارات من الاعلان بنشر محتوى دون تدقيقه اولا. ويصح الشيء نفسه على شركات أخرى مثل غوغل وغيرها. 

وحين تحرك الاتحاد الأوروبي للحد من سطوة غوغل وامازون على السوق الأوروبية شجبت الولايات المتحدة ذلك بوصفه حمائية ومحاولة من الأوروبيين للدفاع عن اقتصادهم الرقمي المتخلف. لكنّ سياسيين واقتصاديين في اميركا نفسها بدأوا الآن يبحثون امكانية تفتيت شركات الانترنت العملاقة. 

وكان الجمهوريون دائما ينظرون بعين الشك إلى هذه الشركات التي عموما لا تخفي دعمها للديمقراطيين. 

لكنّ حتى الديمقراطيين بدأوا يتساءلون عن دور هذه الشركات وخاصة منذ الحملة الانتخابية التي اظهرت ان النموذج التجاري لعمل فايسبوك وغوغل وتويتر، خدم دونالد ترمب حين كانت منصاتها تنشر ملايين المواد الدعائية اليمينية بالارتباط مع محاولات روسيا للتأثير في الناخبين الاميركيين. والآن يخضع دور شركات الانترنت للتحقيق في الكونغرس الاميركي. 

هذه الشركات لا تصنع منتجات ملموسة والزبائن يحصلون على خدماتها مجاناً، لا يدفعون إلا بما تجمعه عنهم من معلومات. وكلما استدرجت زبائن أكثر زادت قدرتها على جمع معلومات أكثر. ولهذا السبب لا تخشى غوغل وفايسبوك ظهور منافسين جدد. 

لهذه الأسباب المطلوب إعادة تحديد قوة هذه الشركات ومنع استغلال نفوذها، وخاصة عدم السماح لها بابتلاع المنافسين المحتملين قبل ان يتمكنوا من النمو والتوسع. ويجب إخضاع عمليات الاستملاك والدمج لرقابة أشد. 

ثانيا، يجب تحديد الجهة التي تملك ما يُجمع من معلومات، وما إذا كان يجب أن تكون متاحة لشركات منافسة أيضاً على سبيل المثال أو ما إذا كان يجب ان يتلقى الزبائن مقابل هذه المعلومات ما هو أكثر من الحصول مجاناً على نتائج بحثهم على الانترنت. 

ثالثا، أن شركات الانترنت التي تنشر المحتوى وتوزعه لا يمكن أن يُسمح لها بالتهرب من المسؤولية عن هذه المحتوى ويجب عدم السكوت على مظاهر الكراهية والادعاءات الكاذبة بكل اشكالها. 

وأخيراً، فإن هذه الشركات التي تحقق ارباحاً طائلة يجب ان تدفع ضرائب تتناسب معها ليس في بلدانها فحسب، بل في جميع البلدان التي تعمل فيها. ان ترجمة هذه المطالب إلى ضوابط ملموسة ليست سهلة والكثير من القضايا ذات الصلة لا يمكن ان تُعالج إلا على المستوى الدولي.

أعدّت "إيلاف" هذا التقرير بتصرف عن "شبيغل أونلاين". الأصل منشور على الرابط التالي:

http://www.spiegel.de/international/business/editorial-time-for-new-rules-for-the-ditigal-economy-a-1176403-druck.html