«إيلاف» من لندن: تشير مصادر بريطانية متخصصة في المال والأعمال ان تجار العقود الآجلة يتوقعون سعرا بحدود 80 دولار للبرميل لمزيج برنت خلال عام 2018، ولكن هناك بعض التباين في الاراء كما نرى.

وعلى سبيل المثال رفعت وزارة الاقتصاد الروسية توقعاتها لأسعار مزيج يورال لعام 2018 فوق 50 دولار للبرميل بعد تمديد اتفاق تخفيض الانتاج بين اوبك وشركاؤها التي تم الاعلان عنها في فيينا نهاية نوفمبر تشرين الثاني الماضي عندما أكدت مصادر داخل منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» أن الأعضاء اتفقوا مع حلفائهم من المنتجين خارج المنظمة وعلى رأسهم روسيا، على تخفيض إنتاج النفط بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا حتى نهاية عام 2018، حيث قال وزير الاقتصاد الروسي ماكسيم أورشكين اوائل هذا الشهر إن وزارته سترفع توقعاتها لسعر النفط لعام .2018 

وقال أورشكين إن الوزارة سترفع توقعاتها لعام 2018 للبرميل من خام الأورال إلى ما يزيد على 50 دولارا مقارنة مع تقديراتها السابقة البالغة 43.8 دولار للبرميل.

والسؤال الذي يواجه اوبك وشركاؤها يتعلق باستراتيجية الخروج من الاتفاق بعد عودة التوازن للسوق. وفي هذا الاطار قال أليكساندر نوفاك وزير الطاقة الروسي قبل أيام أن التحدي الكبير هو كيفية تفكيك اتفاق تخفيض الانتاج بعد عودة السوق الى حالة التوازن، لذا علينا التحضير لذلك اليوم. ولكن وزير الطاقة السعودي خالد الفالح قال لموقع بلومبيرغ المالي "انه من المبكر الحديث عن استراتيجية الخروج من الاتفاق. هناك 150 مليون برميل من النفط في الأسواق فوق حاجة السوق ويجب العمل على استنزافها قبل الحديث عن انهاء الاتفاقية".

النظرة المستقبلية للغاز الطبيعي

بدأت ثورة الزيت الصخري عام 2006 مع نمو الاهتمام في الغاز الطبيعي، فارتفع انتاج النفط عام 2009 ومعه جاءت الزيادة في انتاج الغاز الطبيعي. يمكن القول ان الزيت الصخري والغاز الطبيعي معا ساهما في انهيار اسعار النفط عام 2009. وكذلك ارتفاع انتاج الغاز الطبيعي دفع اسعار الغاز للأسفل.

يبقى الطلب على الغاز الطبيعي قويا ويرافق ذلك نموا في الانتاج. وحسب التقارير الأخيرة بداية هذا الأسبوع هبطت أسعار الغاز الطبيعي خلال تعاملات نهاية الاسبوع الماضي لأدنى مستوى منذ أكثر من 9 أشهر، وسط ترقب بيانات المخزونات في الأسبوع الماضي، وتوقعات بارتفاع الامدادات.
وتراجع سعر العقود الآجلة للغاز الطبيعي بنحو 1.8% الى 2.667 دولار لكل مليون وحدة حرارة بريطانية، وهو أدنى مستوى منذ إغلاق جلسة 24 فبراير الماضي. وحسب بيانات أدارة معلومات الطاقة أن مخزونات الغاز الطبيعي خلال الأسبوع المنتهي في 1 ديسمبر الماضي ارتفعت بعكس التوقعات بمقدار ملياري قدم مكعب الى 3695 مليار قدم مكعب.
فيما كانت توقعات المحللين قد أشارت إلى ان مخزونات الغاز الطبيعي ستسجل تراجعا بمقدار 7 مليارات قدم مكعب.
وتوقع وزير الطاقة والصناعة القطري وجود تخمة في معروض الغاز الطبيعي خلال السنوات القادمة، وعزى ذلك إلى تنامي الإنتاج خلال الفترة الحالية، مرجحا أن سوق الغاز الطبيعي ستشهد تشديدًا بحلول عام 2025.

في الولايات المتحدة تضاعف انتاج النفط وارتفع انتاج الغاز الطبيعي بنسبة 50% ولكن انهيار أسعار النفط الذي شهدناه اواسط 2014 لعب دورا كبيرا في تخفيض انتاج النفط الخام والغاز الطبيعي. لا بد من الذكر ان نمو انتاج الغاز في السنوات القليلة الماضية كان أعلى من نمو الطلب عليه مما رفع تخمة الغاز المخزون وهذا بدوره ضغط على الأسعار وبقيت في مستويات اقل من المتوقع. ولكن خلال الثلاثة اعوام الماضية بقيت الأسعار تحت 3 دولار لمليون وحدة حرارة بريطانية طوال تلك الفترة.

تباين في التوقعات بين أوبك ووكالة الطاقة الدولية

لا تتفق وجهة نظر وكالة الطاقة الدولية تماما مع وجهة نظر "أوبك" بما يتعلق بالمشهد النفطي عام 2018. وكلاهما يدرسان امكانية قيام الزيت الصخري بتعويض النقص الناتج عن تخفيضات "اوبك" وهذا سيخرج خطة عودة التوازن عن مسارها أي عرقلة اتفاق تخفيض الانتاج. ولكنهما يتفقان ان اتفاقية تخفيض الانتاج أتت بأكملها ولا يزال تأثيرها ايجابي على الأسواق. والاختلاف بين الوكالة وأوبك يتركز حول ما سيحدث في المستقبل القريب اي 2018.

"أوبك" تعتقد ان الفائض او التخمة في المخزون النفطي المسؤولة عن انخفاض الأسعار ستختفي كنتيجة مباشرة لتخفيضات الانتاج. ولكن وكالة الطاقة الدولية على العكس تعتقد ان التخمة في السوق ستستمر. وهذا يقودنا لقضية ملّحة وهي هل تتخلى "أوبك" عن حصص سوقية لتحقيق أهداف بعيدة المنال. ولكن يمكن تبسيط المعضلة كالآتي: "أوبك" تخفض الانتاج ولكن انتاج الزيت الصخري يرتفع لتعويض النقص، وهنا تكمن المشكلة.

كما ان ارتفاع وانخفاض قيمة الدولار الصرفية تؤثر على تحركات الأسعار. حيث مع كل انخفاض في قيمة الدولار ترتفع اسعار النفط وقيام الاحتياطي الفيدارلي برفع اسعار الفائدة يدعم سعر الدولار وهذا بدوره يرفع قيمة الدولار وتنخفض اسعار النفط.

وتشير مصادر بريطانية ان تجار العقود الآجلة يتوقعون سعرا بحدود 80 دولار للبرميل لمزيج برنت خلال عام 2018. ويعتبر المراقبون ان هذه التوقعات قد لا تتحقق بسبب ارتفاع الانتاج من مصادر خارج أوبك.

وسعر مزيج برنت القياسي لا يزال يتأرجح حول 63 دولار للبرميل وارتفعت الأسعار قليلا بعد اغلاق مؤقت لخط انابيب فورتيز في بحر الشمال مما دفع الأسعار باتجاه 65 دولار للبرميل للمرة الأولى منذ 2015. كما وصلت أسعار غرب تكساس الوسيط الى 57.66 دولار للبرميل في اواسط الاسبوع.

خمسة تحديات تواجه المشهد النفطي خلال 2018

وحسب الفايننشال تايمز البريطانية فانه مع اقتراب عام 2018 لا تزال اجواء المجهولية والضبابية وحالة عدم اليقين تسيطر على الصورة ولكن هناك عدة عناصر بحاجة للمراقبة والرصد خلال عام 2018 وكلها تؤثر على أسعار النفط:

العنصر الأول هو اغلاق 85 بئر في بحر الشمال بسبب تعطيل خط انابيب فورتيز الأمر الذي افقد السوق 400 الف برميل يوميا. وهذه حالة مؤقتة والعمل يسير على قدم وساق لاستعادة الوضع الى ما كان عليه بأسرع فرصة ممكنة.

وعنصر آخر هو قوة الطلب على النفط في ظل أسعار 65 دولار للبرميل وما فوق. النمو الاقتصادي العالمي أدى الى ارتفاع الطلب بمقدار 1.5 مليون برميل يوميا منذ 2014. 

والعنصر الثالث هو استراتيجية "أوبك" وروسيا للخروج من اتفاق التخفيض. السعودية تقول انه من المبكر الحديث عن هذا الموضوع قبل نهاية حزيران 2018. ويترقب المتعاملون ويرصدون كل كلمة او تصريح من وزراء النفط لكي يحتاطوا ويأخذوا القرارات الصحيحة في ظل عودة الانتاج لمستوياته السابقة. 

والعنصر الرابع عنوانه " فنزويلا" العضو ومؤسس في "أوبك" والتي تمر بأزمات مالية وسياسية حادة ويعتبرها المحللون النفطيون انها منطقة محفوفة بالمخاطر وتعطيل في الامدادات. وقد هبط الانتاج الفنزويلي من معدل 2.5 مليون برميل يوميا عام 2016 الى اقل من 1.8 مليون برميل يوميا الآن. 

والعنصر الخامس الانتاج من خارج منظمة "أوبك" لا سيما الزيت الصخري يرتفع مع انتعاش الأسعار وهناك تقديرات تشير ان سعر 65 دولار للبرميل سينتج عنه زيادة في انتاج الزيت الصخري بمقدار 500 الف برميل يوميا كحد أدنى. 

وثمة تطور آخر سيلقي بظله على أسعار النفط وقد يزيد من التخمة في الأسواق وهو اقتراب الانتهاء من مشاريع انتاج نفطية في كندا والبرازيل تم البدء بها اثناء حقبة اسعار 100 دولار للبرميل أي قبل عام 2014 ومن المتوقع أن هذه المشاريع ستضيف ما لا يقل عن نصف مليون برميل يوميا للسوق خلال عام 2018.