«إيلاف» من لندن: هبطت أسعار النفط الخام صباح الاثنين لمزيج برنت الى 51.56 دولار للبرميل بينما تراجع سعر غرب تكساس الوسيط الى 48.50 دولار للبرميل للعقود المستقبلية. وقال تجار إن الأسعار تواجه ضغوطا بسبب ارتفاع عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة واستمرار الإمدادات المرتفعة من "أوبك" على الرغم من تعهدها بخفض الإنتاج نحو 1.8 مليون برميل يوميا مع بعض المنتجين الآخرين مثل روسيا.

ويعزي المتعاملون ان الأسعار تتأثر سلبا من ارتفاع نشاطات الحفر الأميركية حيث ارتفع عدد الحفارات بواقع 14 منصة حتى 17 مارس آذار الحالي ليصل مجموع الحفارات الى 631 وهذا أعلى عدد منذ ايلول 2015 حسب بيانات شركة "بيكر هيوز" المتخصصة في خدمات اعمال التنقيب والانتاج والتي ترصد انشطة انتاج الزيت الصخري التي ازدادت بشكل ملحوظ في الشهور الأخيرة.

وارتفع الانتاج الاجمالي الأميركي الى 9.1 مليون برميل يوميا الآن مقارنة مع 8.5 مليون برميل يوميا في حزيران 2016.

الشعور العام ان الأسواق لا تزال تعاني من التخمة في المعروض النفطي ويؤمل ان تتقلص التخمة في الشهور المقبلة مع ارتفاع الطلب مع ازدياد نشاط المصافي التي تعود للعمل بشكل كامل بعد الانتهاء من أعمال الصيانة. ويقول المحللون ان التخمة ستختفي من السوق خلال 6 شهور ولكنهم قالوا ذلك قبل 6 شهور ايضا.

يأمل بعض المراقبين ان يبدأ الطلب بالارتفاع في الربيع لتتزامن مع تراجع تخمة المعروض نتيجة لتخفيضات اوبك التي ستترك أثرها على السوق بعد عدة اسابيع. كما ان هناك توقعات ان المخزون الأميركي سيتراجع مع نمو الطلب.

وهناك من يعتقد ان أسعار النفط دخلت ما يسمى مرحلة الاتجاه الهبوطي رغم تخفيضات الانتاج وانتعاش الطلب لا سيما بعد ان انكسر النطاق السعري وتقهقر من 50 – 55 دولار للبرميل باتجاه 45 الى 47 دولار للبرميل بدل من 50 دولار وما فوق. وهذا دليل ان الأسعار لم ترتفع الى حاجز 60 دولار للبرميل الذي توقعه الكثيرون بعد توقيع اتفاق تخفيض الانتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا بين اعضاء اوبك والمنتجين خارج المنظمة مثل روسيا اواخر ديسمبر 2016.

الأسباب

وهناك أربعة اسباب لتفسير ظاهرة الاتجاه الهبوطي:

الأول: شكوك بفاعلية اتفاق تخفيض الانتاج

يوجد شكوك بفاعلية اتفاق تخفيض الانتاج بين منظمة "أوبك" ومنتجين خارجها. نقرأ ان نسبة الامتثال للاتفاق وتطبيق بنوده وصلت الى 90% والحقيقة ان المملكة العربية السعودية تقوم بتخفيض انتاجها أكثر مما هو مطلوب منها حسب الاتفاق اي ان السعودية تتحمل العبء الأكبر. ويقدر ان السعودية تخفض الانتاج اليومي بمقدار 130 الف برميل فوق المقرر حسب بيانات "أوبك". بينما لم تتعد التخفيضات الروسية 118 الف برميل وهذا اقل بكثير من التخفيض المتفق عليه وهو 300 الف برميل يوميا. بينما تتأرجح نسبة التطبيق للاتفاق في الامارات والكويت وفنزويلا والجزائرة ما بين 50 – 60% السؤال الى متى ستستمر السعودية بتحمل العبء الاضافي؟ وفي مقابلة مع بلومبيرغ الا سبوع الماضي قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح ان منظمة "اوبك" ستمدد اتفاقية تخفيض الانتاج اذا بقية التخمة موجودة في السوق.

الثاني: حجر العثرة ايران والعراق

ايران تضخ أقصى ما يمكن ووصلت الصادرات في شباط الماضي الى 3 ملايين برميل يوميا وهذا أعلى مستوى منذ 1979. اما العراق وحسب وكالة الطاقة الدولية تسعى لرفع الانتاج الى 5.4 ملايين برميل يوميا بحلول عام 2022. وايران تعمل على رفع انتاجها الى 4.15 مليون برميل يوميا في السنوات القليلة المقبلة.

الثالث: الانتاج الأميركي

يتسارع الانتاج الأميركي في الصعود وحسب وكالة الطاقة الدولية ارتفع انتاج الولايات المتحدة اليومي بواقع 400 الف برميل. ومن الجدير بالتذكير ان الاعتقاد السائد سابقا ان الزيت الصخري لن يتعافى الا اذا ارتفعت اسعار مزيج برنت الى 65 دولار للبرميل كحد أدنى لم يعد واقعيا. ويبدو الآن ان الانتاج الصخري ينتعش ويستطيع ان يتفادى الخسارة ويحقق عائد ضئيل حتى مع مستوى سعري من 30 الى 40 دولار للبرميل مع توافر تقنيات جديدة تقلل من تكلفة الانتاج يرافقها رفع الكفاءة الانتاجية وتخفيض التكاليف.

الرابع: ارتفاع المخزون

وثمة عنصر آخر يساهم في كبح جماح الأسعار وهو ان مخزونات اعضاء المنظمة الدولية للتعاون الاقتصادي والتنمية OECD ارتفعت لتكفي تغطية حاجة 66 يوم بدل 55 يوم وما يعادل 287 مليون برميل فوق المعدلات المعتادة خلال السنوات الخمس الأخيرة. ناهيك عن المخزونات الأميركية التي وصلت الى مستويات غير مسبوقة حسب دائرة معلومات الطاقة الأميركية.

تمديد اتفاق خفض الانتاج

ومن جهة أخرى وحسب وكالة رويترز أظهر استطلاع لآراء محللين في السوق الاسبوع الماضي أن على "أوبك" تمديد اتفاق خفض إنتاجها النفطي من أجل الحفاظ على تعافي أسعار الخام، في ظل انتعاش الإنتاج خارج المنظمة، والذي قد يبدد أثر جهودها الرامية للتخلص من تخمة المخزونات.
وقال ستة من بين عشرة محللين استطلعت رويترز آراءهم انهم يعتقدون أن المنظمة ستمدد اتفاق تخفيض الإنتاج في اجتماعها المقبل في فيينا في 25 مايو أيار المقبل. ويرى المحللون أن كبح إجمالي إنتاج أوبك عند المستوى الحالي البالغ نحو 32.1 مليون برميل يوميا سوف يساعد في اعادة التوازن للسوق.