إيلاف من القاهرة: أعلنت الحكومة المصرية، عن بدء تنفيذ خطة إصلاح اقتصادي حتى يونيو 2018، تعتمد على الدعم النقدي.

وقال شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء:" إن الحكومة تدرس التوجه للدعم النقدي شريطة أن يتم بالتدريج، بدلًا من الدعم العيني الحالي".

وبحسب تصريحات سابقة لوزيرة التضامن ( غادة والي) فإن التحول للدعم النقدي يحتاج إلى امتلاك قواعد بيانات مكتملة، وقاعدة البيانات حاليًا تحتاج إلى تحديث، والوزارة تعمل على ذلك الآن.

ومؤخرًا ظهرت مطالبات عدة بضرورة تحويل الدعم العيني الذي يُقدم للمواطنين إلى دعم نقدي حتى يصل إلى مستحقيه، لاسيما أن وزارة التموين كشفت أواخر عام 2015 إلى أن 77% من الشريحة الأعلى إنفاقًا في المجتمع المصري لديها بطاقات تموينية، الأمر الذي دفع البعض إلى الحديث عن ضرورة تنقية تلك البطاقات من الذين لا يستحقون الدعم.

التحول من الدعم العيني إلى النقدي يلقى تأييدًا كبيرًا داخل مجلس النواب، فقد قال الدكتور علي عبد العال، رئيس مجلس النواب: "إن مشكلة الدعم لن تحل إلا بتحويله إلى الدعم النقدي، فكل الدول وآخرها دولتان عربيتان تمران بظروف اقتصادية صعبة، قامت بتحويل الدعم العيني إلى نقدي". متابعًا: "الدعم العيني بوابة للفساد".

وأضاف عبد العال خلال الجلسة العامة للبرلمان أن هناك وقائع فساد حول بطاقات التموين، وتابع قوله:" نحن نواب الشعب لابد أن نسير بالسفينة إلى بر الأمان"، مطالبًا الحكومة بضرورة إعادة ترتيب أوراقها.

وكان عمرو الجارحي، وزير المالية، قد صرح بأن فاتورة الدعم خلال العام المالي الحالي 2016-2017 وصلت نحو 206.4 مليار جنيه، مقابل نحو 231.2 مليار جنيه خلال العام المالي السابق.

"أنواع الدعم"

يأخذ الدعم في مصر أشكالًا عدة منها: "الدعم المباشر وغير المباشر، ودعم مساندة الهيئات الاقتصادية"، ويأخذ الدعم المباشر شكلين أساسيين هما: "الدعم الموجه لحماية المستهلك، والدعم الموجه لتشجيع المنتج".

يشمل النوع الأول دعم السلع الأساسية، والذي تظهر أرقامه صريحة في الموازنة العامة للدولة، ويشمل دعم السلع التموينية ورغيف الخبز، بينما يشمل النوع الثاني دعم الصادرات السلعية، وكذلك الدعم الموجه لفرق فوائد القروض الميسرة للمشروعات الصغيرة، أما الدعم غير المباشر فهو الفرق بين تكلفة الإنتاج وثمن البيع أو ثمن التصدير، ويشمل جميع المنتجات البترولية كالبنزين والكيروسين والسولار والمازوت والغاز الطبيعي والكهرباء ومياه الشرب.

اتساقًا مع ما سبق، يتضح أن أغلب أشكال الدعم في مصر تعتمد على الدعم العيني وهو دعم السلع، وهو ما تسعى الحكومة لاستبداله بالدعم النقدي.

مكاسب عدة 

يؤمد الدكتور إبراهيم صالح ، خبير الاقتصاد والتخطيط بالمعهد القومي للتخطيط، أن ما يدفع الحكومة للحديث دومًا على ضرورة التحويل من الدعم العيني للنقدي، هو ظهور سلبيات عديدة بالنسبة للدعم العيني الموجود حاليًا، أهمهاعدم وصول الدعم لمستحقيه، حيث يحصل عليه المستحق وغير المستحق، كما أن الدعم العيني لا يعود بالضرورة على الفقراء، كذلك الحصص التموينية لتغطية احتياجات الأسر والأفراد غير كافية، كذلك عدم وجود تصنيف واضح يمكن الاعتماد عليه في تحديد طبقات الاستهداف طبقًا لمستويات دخول الأفراد.

وأشار إلى أن جميع الدراسات الاقتصادية أثبتت أن الدعم النقدي لديه عدة مميزات دفعت الجميع مؤخرًا إلى المطالبة بالاعتماد عليه ومنها: وصول الدعم إلى مستحقيه فقط، كما أن تكلفة توزيعه أقل من الدعم العيني، حيث أنه لا يحتاج إلى آلاف الموظفين، ويساعد على ضرب أباطرة الفساد ومهربي السلع التموينية في مصر، وكذلك تقليل الرغبة الشرائية والاستهلاكية لدى الأفراد، حيث أنهم لن يشتروا سوى ما يحتاجونه، حيث ينتظر أن يتم توفير ما يقرب من 41 مليار جنيه يتم دعمها للسلع الغذائية فقط.

وطالب الدكتور صالح (الحكومة) بفتح حوار مجتمعي لبيان إيجابيات التحول من الدعم العيني للنقدي، مما يساعد على تهيئة الرأي العام في حال اتخاذ مثل هذا القرار، مستبعدًا في الوقت نفسه قدرة الحكومة على اتخاذ قرار العمل بالدعم النقدي خلال الفترة المقبلة لعدة أسباب من أهمها ارتفاع العجز في الموازنة والذي بلغ 174.6 مليار جنيه.

مخاطر كبيرة

من جانبه، قال النائب هيثم الحريري، عضو مجلس النواب: "إنه يصعب تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي في ظل عدم توافر قاعدة بيانات واضحة من الحكومة تحدد الأسر التي تحتاج للدعم".

وأضاف الحريري أن التحويل للدعم النقدي مقابل السلع الغذائية الأساسية، لن يفي باحتياجات المواطن في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وضعف النمو، وقلة الإنتاج، مشيرًا إلى أنه مهما حصل المواطن على دعم نقدي لن تفي باحتياجاته خاصة مع وجود قصور في الصحة والتعليم وجوانب أخرى.

وأشار إلى أن الدعم الذي تقدمه الحكومة في السلع أكثر من 100 مليار جنيه، وللطاقة نحو 140 مليار جنيه، وتحويله لنقدي يزيد من تضخم معدلات الموازنة العامة، ولا يمكن أن تتساوى جميع الطبقات في فواتير الكهرباء والبنزين، ولا توجد بذلك طبقة متوسطة وأخرى فقيرة.

وأشار إلى أن الحكومة قامت بخطوات نحو إلغاء الدعم العيني الجزئي بشأن المنتجات البترولية، ومع حلول عام 2018 سيتم إلغاء الدعم على الكهرباء بصورة شبه كاملة.

وطالب الحكومة بضرورة تشديد الرقابة على السوق وتطبيق القانون على المخالفين لمواجهه الفساد، ولكن المواطن المصري حاليًا ليس على استعداد نهائيًا لقبول تداعيات إلغاء الدعم العيني وتحويله لدعم نقدي، على حدّ تعبيره.