إيلاف - متابعة: أكدت صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية، أن المملكة العربية السعودية تتطلع بشكل واضح نحو المستقبل، وتحديدًا إلى الفترة التي تلي نفاذ البترول من العالم، مشيرة إلى أن المملكة التي لم تكن تفرض ضرائب على الدخول أو الشركات، تعيد الآن رسم ملامح اقتصادها بما يخدم سد عجز الموازنة الناتج عن انخفاض أسعار النفط على مدار الأعوام السابقة.

وسلطت الصحيفة الأميركية خلال تقرير بعنوان “السعودية.. مملكة بنيت على البترول وتخطط لمستقبل ما بعده”، الضوء على رؤية 2030 التي أطلقها الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد، لإعادة رسم ملامح الاقتصاد في المملكة، والتي تضمنت عرض 5% من أسهم شركة “أرامكو” العملاقة للاكتتاب العام خلال 2018، لافتة إلى أن إصلاحات الرؤية الاقتصادية الشاملة نوقشت من قبل على مدار السنوات الماضية، إلا أنها باتت تمثل ضرورة ملحة بعد ارتفاع عدد السكان في المملكة 50% منذ عام 2000، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب.

وأشارت “واشنطن بوست” إلى أن الأمير محمد بن سلمان يعكف على رسم اقتصاد متوازن للمملكة، قادر على إدارة ميزانيته دون النظر إلى الإيرادات الناتجة عن النفط، والتي شكلت خلال 2015 ما قيمته 72.5 % من إجمالي الإيرادات الحكومية.

ترحيب واشنطن

وقالت الصحيفة إن السعوديين كانوا على خلاف مع الرئيس السابق باراك أوباما حول ملف حقوق الإنسان ورغبته في عدم التدخل عسكريًا في سوريا. وأضافت أنهم أصبحوا مستفيدين بقدوم إدارة الرئيس ترامب.

والتقى محمد بن سلمان الرئيس الأميركي في مارس الماضي، في حين كانت أول زيارة خارجية لمايك بومبيو، مدير الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه)، إلى السعودية. كما أجرى وزيرالدفاع، جيم ماتيس، زيارة إلى الرياض خلال الأسبوع الماضي.

وفي خطاب أمام غرفة التجارة الأميركية الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون –الذي شغل منصب رئيس شركة إيكسون موبيل للطاقة لفترة طويلة- إن إدارة ترامب تبحث عن اتفاقيات لشركات نفط أميركية في السعودية، وأنه التقى السفير السعودي لمرات عديدة.

ولفتت الصحيفة الأميركية إلى أن قدرة خطط محمد بن سلمان الكبرى على كسب دعم شعبي ما زالت غير معروفة. ويقول جريجوري جاوس، الأستاذ في جامعة تكساس: "هناك عدد من العوائق الحقيقية أمام أهدافهم لتحويل الاقتصاد والتحرك بعيدًا عن الاعتماد على صادرات النفط".

على سبيل المثال، فالقطاع الخاص شهد نموًا خلال السنوات الأخيرة وارتفعت الوظائف إلى الملايين خلال الفترة من 2004 إلى 2014، لكن في نفس الوقت تتعاقد الشركات بشكل كبير مع عمال أجانب وليس محليين. واختتمت واشنطن بوست بأن خفض الدعم وزيادة الضرائب ليسا بالإجراءات التي تقبل شعبيًا.

رؤية 2030

وأثنت الصحيفة الأميركية على العديد من الخطوط العريضة للرؤية الاقتصادية “2030”، والتي تتضمن بناء مدينة ترفيهية موسعة بالرياض، وقالت إن تلك الخطوة تهدف الى جذب السعوديين لقضاء عطلاتهم داخل المملكة، ومن ثم توفير نفقات السفر السياحي بالخارج.

ولفتت إلى أن الولايات المتحدة تولي أهمية بالغة للطرح الذي بصدد أن تنفذه “أرامكو” بالعام المقبل، حيث أكد بافل مولشانوف، محلل الطاقة في شركة “ريموند جيمس” الاستشارية، أن “أرامكو” تمثل “صندوقًا أسود كاملاً”، مشيرًا إلى بعض العبارات التي خرجت من المستثمرين، والتي أكدت إحداث الاكتتاب السعودي لتحول واضح في سياساتهم الاستثمارية.

أموال أرامكو

وقال وزير المالية محمد الجدعان، إن المملكة قد تستغل الأموال الناتجة عن اكتتاب “أرامكو” لتوجيهها في مجالات التعدين، خاصة وأن اعتماد المملكة على النفط قديمًا لم يخلق الحاجة إلى استغلال هذا المجال، مشيرًا إلى أن الحكومة قد تشارك كـ”مستثمر رئيسي”، والقيام ببعض الأبحاث الأولية في المشروعات المختلفة بالتعدين.

وأشارت الصحيفة إلى أن جزءًا من الأموال قد يذهب إلى مجالات الطاقة المتجددة، لاسيما وأن الحكومة أعلنت عزمها إنتاج 9500 ميغاواط بحلول عام 2030، الأمر الذي قد يحمل تطويرًا لما يزيد عن 30 مشروعاً في مجالات استغلال الطاقة الشمسية والرياح، كجزء من برنامج قيمته 50 مليار دولار يهدف إلى تنويع الطاقة وتخفيف الاعتماد على المحروقات لتوليد الكهرباء.