«إيلاف» من لندن: تراجعت أسعار النفط أمس الثلاثاء بعد موجة من التنبؤات من بنوك استثمارية تخفض توقعاتها في تحركات الأسعار بسبب التخمة.

حيث سجل أمس خام القياس العالمي مزيج برنت 46.58 دولار للبرميل، بانخفاض قدره 30 سنتا، بينما نزل الخام الأميركي 25 سنتا إلى 44.15 دولار للبرميل، بينما خفض بنك «بي.إن.بي باريبا» توقعاته لخام برنت تسعة دولارات إلى 51 دولارا للبرميل في 2017 وبمقدار 15 دولارا إلى 48 دولارا لعام 2018. كما خفض «بنك باركليز» توقعاته لخام برنت في 2017 و2018 إلى 52 دولارا للبرميل للعامين، بدلا من 55 دولارا و57 دولارا على التوالي.

ومن المتوقع ان تبقى الأسعار تراوح مكانها بين 50 الى 53 دولار في المستقبل المنظور.

وتقل أسعار الخام بنحو 18 في المئة عن المستوى الذي سجلته في بداية العام، على الرغم من الاتفاق الذي قادته منظمة البلدان المصدرة للبترول «أوبك» لتقليص الإنتاج اعتبارا من يناير.

أزمة قطر

تجاهلت الأسواق بشكل عام أزمة قطر والتوترات السياسية في الخليج العربي بين قطر ودول عربية أخرى التي تشمل مصر والسعودية والامارات والبحرين والتي قطعت علاقاتها الديبلوماسية والاقتصادية مع قطر في الخامس من حزيران الماضي والتي لا تزال تحتدم ولا يوجد في الأفق ما يدعو للتفاؤل ان الأزمة على وشك الانتهاء. هذا رغم الوساطة الأميركية ومحاولات وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون بتقريب وجهات النظر وايجاد مخرج للأزمة.

 ورغم مرور أكثر من 5 أسابيع على ظهور الأزمة لم ينتج عنها اي انقطاع للامدادات النفطية والغاز الطبيعي هذا رغم المخاوف التي عبرت عنها الأسواق الشهر الماضي.

وعبر مراقبون غربيون عن مخاوفهم من اتساع رقعة النزاع وهذا سيؤثر سلبا على الامدادات النفطية مما سيؤدي الى ارتفاع كبير في أسعار النفط وقد تشهد الأسواق ارتفاعا مفاجئا في الأسعار في حالة نشوب أي تصادم عسكري وهذا سيكون كارثيا سياسيا واقتصاديا للمنطقة وقد يؤدي الى ارتفاع شهيق في اسعار الغاز والنفط وهذا الاحتمال مستبعد على المدى القصير. ومن جهة اخرى اذا تصاعد التوتر الايراني السعودي قد نرى انهيار اتفاق منظمة أوبك لخفض الانتاج ونعود لسيناريوهات 2015 و 2016 وضخ أكبر كميات ممكنة من النفط واغراق السوق بالنفط وتهاوي الأسعار لمستويات متدنية قياسية.

السوق لا يزال مشبعا بالنفط

ورغم التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط تبقى الأسعار دون الخمسين دولار للبرميل. ويأمل المنتجون ان تنتعش الأسعار لأواسط الخمسينات خلال شهور الصيف وربما الى اوائل الستينات مع اقتراب نهاية العام. ولكن لتحقيق سعر في اواسط الخمسينات ربما تحتاج منظمة" اوبك" الى تعميق التخفيض بواقع 200 الى 300 الف برميل يوميا اضافية وتقوم بتمديد اتفاق التخفيض حتى اواخر 2018. وهذا غير محتمل مما يطرح السؤال كيف سيعود التوازن الى الأسواق؟ لا بد من التذكير أنه في مايو آيار هذا العام اتفقت "أوبك" بقيادة المملكة العربية السعودية مع دول خارج "اوبك" مثل روسيا على تخفيض الانتاج بواقع 1.8 مليون برميل يوميا لكبح جماح الانتاج الفائض وحتى الآن لم تأتي النتيجة المطلوبة. هذا رغم أن انخفاض قيمة الدولار الصرفية في الفترة الأخيرة ساعد قليلا في انعاش الأسعار مؤقتا. 

مع بقاء الأسعار منخفضة نسبيا وارتفاع الانتاج الليبي والنيجيري وتم استثناء كليهما من اتفاق خفض الانتاج وكذلك امتناع "اوبك" عن تخفيض المزيد ستبقى الأسعار دون الخمسين دولار او حول الخمسين وهذا قد يشجع منتجي الزيت الصخري على عدم رفع الانتاج ولكن المراقبين يريدون ويأملون الان أن معدل المخزونات الأميركية سيتراجع خلال فصل الصيف وارتفاع الطلب في الغرب على النفط مما سيساهم في دعم السوق وانعش الأسعار.

وستستمر تخفيضات "اوبك" وشركاءها خارج "اوبك" بمقدار 1.8 مليون برميل يوميا لتسعة شهور اخرى حتى مارس آذار 2018 حسب القرار الذي اتخذ في اجتماع مايو آيار 2017. وتعتقد "اوبك" ان الصفقة ستعيد حالة التوازن للسوق. ولكن على واقع الأرض لا يوجد أي ملامح لانخفاض الامدادات في السوق ومن الجدير بالذكر أن انتاج "اوبك" في حزيران ارتفع الى 32.7 مليون برميل يوميا وهذه اقصى كمية منذ 6 شهور بفضل ارتفاع الانتاج الليبي والنيجيري. وعودة التوازن للسوق تبقى بطيئة وهذا خلق حالة من الاحباط في صفوف اعضاء "اوبك" وحتى في صفوف المتعاملين حيث ان كل تخفيض من قبل اعضاء اوبك يتم الغاءه من قبل الانتاج الأميركي المتزايد.

والانتاج من خارج اوبك يستمر في الصعود وسيرتفع بمقدار 1.5 برميل يوميا في العام المقبل. وارتفع عدد الحفارات الأميركية الى 763 وهذا أعلى رقم منذ 2015.

الانتاج الأميركي يؤخر عودة التوازن للسوق

وتشير تقارير أدارة معلومات الطاقة الأميركية الاسبوعية الأخيرة ان الانتاج الأميركي بلغ 9.3 مليون برميل يوميا وهو أعلى رقم منذ 2015 وقد يصل الى 10 ملايين برميل يوميا في الشهور المقبلة. وتتوقع دائرة معلومات الطاقة ان يرتفع انتاج الزيت الصخري هذا الشهر بواقع 127 الف برميل يوميا ليصل الى 5.47 برميل يوميا. ومما يزيد المسألة تعقيدا هو ظهور تقارير تشير ان شحنات النفط من دول "أوبك" ارتفعت الشهر الماضي رعم الاتفاق بخفض الانتاج وأكدت روسيا انها لا تنوي زيادة خفض الانتاج.

حيث قامت أوبك بتصدير 25.92 برميل يوميا خلال شهر حزيران وهذا 450 الف برميل فوق صاجرات شهر ماي و آيار و 1.9 مليون برميل يوميا فوق معدلات عام 2016. وساهم الانتاج الليبي والنيجيري في الجزء الأكبر من الزياة وكلاهما لا تخضعان لاتفاق خفض الانتاج بين اوبك ودوزل منتجة حارجها.

الروس يعارضون اي تعميق لخفض الانتاج من اجل دعم الأسعار وحجتهم انها تعطي اشارة خاطئة للسوق ولم يوضحوا ما هي تلك الاشارة بالضبط.

من المتوقع ان تبقى الأسعار في نطاق أول الخمسينات والعامل الرئيسي خلف هذا التنبؤ الحذر هو ارتفاع الانتاج الأميركي من الزيت الصخري مما يزيد كمية الامدادات التي تغرق الأسواق بالنفط ناهيك عن الانتاج الكندي من الزيت الرملي. 

وصلت المخزونات النفطية الأميركية ذروتها في مارس آذار وتبقى فوق المعدل للخمس سنوات الماضية لذا لا يتوقع المحللون ارتفاعا كبيرا في الأسعار في الأعوام القليلة المقبلة.