ارتفعت أسعار النفط الخام قليلا يومي الخميس والجمعة على التوالي، كرد فعل لتوقعات ومخاوف بانقطاع امدادات الخام الإيرانية بسبب العقوبات التي ستفرضها أميركا على صناعة النفط الايرانية والتصدير، والتي ستدخل حيز التنفيذ اوائل نوفمبر &المقبل.&

ومما زاد حالة عدم اليقين في الأسواق هو الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين والتهديدات المتبادلة لرفع وتيرة الحرب الجمركية بينهما. ورغم التوترات الجيوسياسية الا أن تحركات أسعار النفط صعودا كانت متواضعة جدا، حيث ارتفعت العقود الآجلة لخام القياس العالمي برنت ارتفاعا ضئيلا لا يزيد عن 14 سنتا للبرميل &في تعاملات آسيا صباح الجمعة لتصل الى 72.21 دولاراً للبرميل. اما غرب تكساس الوسيط ارتفع 6 سنتات ليصل الى 66.87 دولاراً للبرميل. &

وهذا الصعود الطفيف هو في الواقع انخفاض اذا قورن بتعاملات صباح الخميس الباكر في آسيا، حيث ارتفعت الأسعار بأقل من 0.5 بالمائة لتصل الى 72.48 دولاراً للبرميل، هذا بعد انخفاض 3% الاربعاء. اما خام غرب تكساس الوسيط ارتفع فقط 10 سنتات صباح الخميس بعد انخفاض 3.22% في جلسات التعامل اليوم السابق.&

&اغلاق مضيق هرمز كارثة اقتصادية &حتى لايران ذاتها

توقعات بعض المحللين أن فرض العقوبات على ايران سيؤدي الى ارتفاعات غير مسبوقة تجاه 100 دولار للبرميل سوف لا تتحقق الا في حالة اغلاق مضيق هرمز وتعطيل الملاحة النفطية كليا أي منع 30% من الانتاج العالمي المنقول بحريًا من المرور في المضيق وهذا يعادل تقريبا 19% من الانتاج الاجمالي العالمي. والاغلاق سيؤثر سلباً على العراق والكويت والامارات وقطر والسعودية والبحرين وايران ذاتها.

لذلك يعتبر تأثير اغلاق مضيق هرمز أشد خطراً على اسواق النفط من فرض عقوبات تمنع ايران من تصدير معظم انتاجها من النفط الخام. وقد يؤدي اغلاق المضيق الى خطوات عسكرية اميركية ضد ايران وبدعم دولي. اذا فعلا حدث ذلك سترتفع الأسعار الى 100 دولار وفوق ذلك.

ولكن التأثير على الاقتصاد الايراني ذاته سيكون كارثيًا بدليل أن ايران جنت 50 مليار دولار من مبيعات النفط &في النصف الأول من عام 2017، حسب تصريحات حبيب الله بيطرف، نائب وزير البترول الإيراني في يونيو &أي قبل شهرين.

والنفط يمثل &70٪ من إجمالي صادرات إيران. ومع انخفاض قيمة العملة الإيرانية أكثر من 50٪ منذ سحب ترمب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفي ظل توسع الاحتجاجات ضد الحكومة الإيرانية، فإن قطع أكبر مصدر للتمويل عن ايران سيأتي بالضرر الشديد للنظام الذي يواجه تظاهرات واحتجاجات يومية.

تعقيدات صينية

ومما يزيد الصورة تعقيدًا هو قرار الصين بفرض رسوم&جمركية بنسبة 25% على واردات أخرى بقيمة 16 مليار دولار من الولايات المتحدة، مما يلحق الضرر بتجارة سلع تشمل الغاز الطبيعي المسال والوقود ومنتجات الصلب والسيارات والمعدات الطبية.

&وقد خلقت الحرب التجارية والتهديدات المتبادلة بين الصين والولايات المتحدة حالة من الاضطراب في الأسواق العالمية، وهذا بدوره قد يؤدي الى تباطؤ في أكبر اقتصادين في العالم، وإلى تقلص الطلب على النفط الخام ومواد اساسية أولية.

وفي تطور مفاجئ،&وحسب موقع بلومبيرغ 9 أغسطس،&قررت الصين استثناء النفط الأميركي الخام من الرسوم الجمركية، ويرى البعض أن التغيير في الموقف الصيني هو اشارة الى أن الصين تعتبر الولايات المتحدة لاعبًا هامًا في الساحة النفطية.&

ولكن المنتجات المشتقة مثل الديزل والبنزين والبروبين سوف تخضع للتعرفة الجمركية اعتبارا من 23 أغسطس&الحالي، حسب مصادر وزارة التجارة الصينية.&

علما ان الاستيراد الصيني من النفط الخام انتعش قليلا في يوليو&الماضي بعد انخفاض طفيف في الطلب من قبل مصافي التكرير المستقلة في شهر مايو&ويونيو. وتعتبر الصين الآن من أكبر المستوردين للنفط الخام حيث استوردت حوالي 8.50 ملايين&برميل يوميا الشهر الماضي مقارنة مع 8.20 ملايين&برميل يوميا خلال عام 2017.&

مصادر المخاوف والقلق

القلق الرئيسي في الأسواق يتعلق بتقلص الامدادات الايرانية، والتي قد تحرم السوق من &1 مليون برميل يوميا على أدنى حد. وهناك تقديرات تتحدث عن خسارة محتملة لأسواق النفط بواقع 1.8 مليون برميل يوميا. أضف الى ذلك أن المخاطر الجيو-سياسية المرتبطة بالنفط الايراني ساهمت في تعميق موجة القلق والمخاوف.&

ومن الواضح أن الرزمة الأولى من العقوبات التي فرضتها ادارة دونالد ترمب مجددا على ايران قبل عدة أيام لم تستهدف قطاع الطاقة الايراني ثالث أكبر منتج للنفط في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك". ولكن احتدام الحرب التجارية لا تزال تهز الأسواق العالمية وتهدد بكساد اقتصادي يؤثر سلبًا على اقتصادات العالم وليس فقط على الدول المعنية.&

وكذلك ارتفاع المخزونات الأميركية بواقع 1.4 مليون برميل الاسبوع المنصرم &ساهم في كبح ارتفاع أسعار النفط الخام والعنصر المفاجئ&الآخر هو قرار العراق بتخفيض أسعار نفط البصرة الخفيف للأسواق الآسيوية، ربما للتمسك بحصصها في السوق.

ومن جهة أخرى، قامت المملكة العربية السعودية بضخ 10.3 ملايين&برميل يوميا في يوليو، مقارنة مع 10.5 ملايين&برميل يوميا في يونيو .

وحتى اللحظة تنتج شركات النفط حول العالم أقصى كميات ممكنة باستثناء السعودية، وهذا ساعد في تعويض أي نقص من مناطق اخرى مثل ليبيا وفنزويلا وايران بعد دخول العقوبات حيز التنفيذ في نوفمبر. أما الانتاج الأميركي حسب توقعات دائرة معلومات الطاقة الأميركية فسيكون 10.7 ملايين&برميل يوميا عام 2018 وليس 10.8 ملايين&برميل يوميا حسب تنبؤات سابقة. وهذا سببه مشاكل عنق الزجاجة في سعة انابيب خطوط النفط في ولاية تكساس النفطية.