أحدثت حملة quot;أريد حقيquot; التي نظمتها مجموعة من السيدات السعوديات جدلاً واسعًا،بين جميعأطياف المجتمع السعودي ما بينمؤيّد ورافض، في الوقت الذي أصبح تنظيم الحملات على الانترنت سلاحًا مُتاحًا لكل من يرى له حقوقًا أو يرغب في تشكيل رأي معين لدعم توجه ما.فالحملات التي صارت خيارًا أساسيًّا للمطالبة والدعم والمنظمة شخصيًا وحقوقيًا وحكوميًا أو مساندة لذلك بشكل أو بآخر، حققت حضورًا قويًّا.

إلهام يوسف من الرياض : ظهرت مؤخرًا حملة quot; أريد حقي quot; التي قامت بتنظيمها مجموعة من السيدات السعودياتتحت إشرافالإعلامية خلود الفهد، التي يثير اسمها الكثير من الجدل، ما بين مختلف التيارات في الشارع السعودي ما بين معجب ومنتقد، وراضٍ ومستهجنٍ، لتعزف على وتر مطالبة المرأة السعودية بالعديد من حقوقها التي ترى أنها مهضومة، وأن دورها مغفل ومهمش في التنمية الوطنية بكافة أشكالها .

quot; إيلافquot; اقتربت أكثر من الحملة من خلال هذا الحوار مع مديرتها التي استرسلت في توضيح بدايات الحملة التي إنطلقت من موقف لها في أحد مراكز الشرطة لتخطي حواجز التفرقةوالتمييز بكافة أشكاله، وأمالها في تجاوب الحكومة لحقوق أساسية مثل قيادة المرأة للسيارة، والحاجة إلى جمعيات متخصصة في حقوق المرأة، وكيفية تكاملها مع الحملات التي تصب بشكل أو بآخر في أهدافها، وكذلك احتمالات المواجهة مع جهات دينية وما سوف تلجأ له الحملة في حال فشلها...

- تشاركيني الرأي ولا شك حول أن الحملات لا بد أن تحمل منطلقًا قويًّا وغايات مبررة ؟ .. بداية كيف راودتك فكرة هذه الحملة؟

لا أخفي عنك أن نقطة انطلاق هذه الحملة بدأت من موقف شخصي تعرّضتُ له في أحد مراكز الشرطة لرفضهم دعواي بحجة أني قدمت إلى مركز الشرطة بلا محامٍ وبلا ولي أمر،وبناءً على ذلك فأنا لا كيان لي حتى في جهة رسمية حكومية مثل مركز الشرطة. من هنا بدأت فكرة الحملة بالنسبة إلي، لكنها بدأت عند الكثيرات قبلي وبعدي، عطفًا على مواقف كثيرة تعرضن لها من انتقاص من قيمة مواطنتهن وكيانهن بسبب كونهن نساء ولسن رجالاً. التفرقة والتمييز العنصري ملحوظان وواضحان في بلادي للأسف على الرغم من تغنيهم بالحفاظ على المرأة وعلى قيمة المرأة وعلى عباراتهم الرنانة quot;أنتي درة وجوهرةquot;، لذلك لا بد أن تكون هناك وقفة حازمة وجادة ضد كل ما نتعرض لهنحن النساء من انتهاكات إنسانيّة وحقوقيّة ضدّنا. وليقيني بأن الجهد الفردي حل غير سليم فآثرت أن تكون هذه الحملة بشكل مشترك وتعاون متبادل. على المجتمع أن يغيّر هذه الذهنية النمطية التي رسمها وشكلها ضد المرأة السعودية وعلى المرأة أن ترفض الضعف في ظل وهم اسمه الخصوصيّة السعودية التي شكلت نماذج مخيفة، وصار الرجل يتفاخر بهذه الخصوصية السلطوية على النساء.

- الكثير من الحملات تحقق حضورًا مظهريًّا ومعنويًّا معقولاً وفي النادر تحقق ثلثي أهدافها؟ هل تتوقعين لهذه الحملة أن يكون لها صدًى لدىالمقام السامي؟

بالتأكيد سيكون لها تفاعل إيجابي. لأن كثيرًا من المطالب والحقوق حرمنا منها نحن النساء بحجة درء المفسدة أو الفتنة أو سدًا للذريعة. وعلى سبيل المثال لا الحصر قيادة المرأة للسيارة، فالحكومة لا تمانع أن تقود المرأة سيارتها، وصرحت بأن هذا الموضوع يخص الشعب. إضافة إلى أن الحكومة وقعت اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة وهذا دليل على اعترافها بأن التمييز موجود وقائم، لذلك يجب أن نقرّ بأن من يقود العدالة الاجتماعية للمرأة هي الحكومة. أما بالنسبة إلى موقف خادم الحرمين الشريفين ملك الإنسانية، فأنا على يقين بأنه معنا وفي صفنا. في عهده حصلنا على الكثير من المناصب والحقوق، وكل هذه الأمور تزيدني يقينا وقناعة بأن التغيير سيأتي من الداخل ضمن منظومة إسلامية عادلة. إضافة إلى أن مؤسس المملكة الملك عبد العزيز رحمه الله كان يعتز بالمرأة وخاصة انه في مواقف عدة يذكر انه quot;أخو نورةquot;. نؤمن بأن قيادتنا الحكيمة هي من ستحدث التغيير ومن الداخل لتعيد تشكيل مجتمع جديد يفخر بالمرأة وليس شعارات يرفعها فقط.

- اسم الحملة (أريد حقي) .. فيه تعميم على الرغم من قولك أن المرأة حصلت على مناصب وحضور مؤخرًا وباعترافك... فلماذا التعميم أن جميع حقوقها مسلوبة؟

لا هي ليست كذلك بالتأكيد. فهناك حقوق موجودة لكنها ليست كل الحقوق. عندما أخاطب المتلقي بأنني أريد حقي فقط، فأنا أبعث برسالة ضمنية بأن هذه المطالب هي شرعية بالدرجة الأولى لأننا دائمًا نصطدم مع من يعارض حقوق النساء بقوله بأنهن يردن الانفلات والتحرر من القيم والأخلاق والتفسخ والعري، حتى اختلطت الأمور على العامة، فصار أي حق مشروع هو انحلال وخروج من المنظومة الدينية أو الشرعية . وهذه اللعبة مارسوها ضدنا منذ سنوات مضت، فصارت الكثير من الحقوق محرمة ولا نعرف كيف حرمت علينا على الرغم من أن الدين الإسلامي أول من يكفلها لنا، وعلى رأس هذه الأمور الأهلية المالية الحقوقية المستقلة. فالدّين يعطيني كل الحق في أن أتصرف بمالي كما أشاء وأنا لأني مواطنة سعودية ومجهولة الهوية يستطيع الرجل التصرف بمالي من خلال ورقة وأي سيدة يخفيها تحت الحجاب ويحصل على جميع أموالي وأنا نائمة في منزلي .
هناك حديث أخرجه البخاري أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها فقالت أهو قال هذا قالوا نعم قالت هو لله علي نذر ألا أكلم بن الزبير أبدًا، فاستشفع بن الزبير إليها حين طالت الهجرة. وهذا يدل على أن المرأة لها الحق في إبرام العقود والتصرف كيفما شاءت من دون رأي أو وصاية.هناك الكثير من القرارات الحكومية توقفت بناءً على فتوى أو رأي بعض رجال الدين. فهناك ثقافة متوجسة من المرأة بشكل مضحكحتى صار الجنس هاجسًا منوطًا بالمرأة دون الرجل، وصارت المرأة هي من تتحمل كل أخطاء الذكور فنحن الوحيدات على الكرة الأرضية نعامل كمخلوقات ناقصات الأهلية .

- تعتقدين أن التوعية الاجتماعية كافية لحفظ حقوق المرأة السعودية أم نحتاج إلى تنشئة جمعيّات متخصّصة بحفظ الحقوق المسلوبة للمرأة السعودية ؟

التوعية هي من تخلق جمعيات متخصصة لحفظ حق المرأة والتوعية لا تتعارض مع الجمعيات التي تهتم بحفظ حقها، قبل فترة بسيطة أقل من 10 سنوات لم نكن نجد هذا الرفض للواقع بهذه القوة وبهذا الثبات والإصرار. فالجيل الجديد الذي عانى من الأنظمة ومن التضييق على حقوق المرأة هو من يدك هذه العوائق التي تحول دون حصول المرأة على حقوقها في المملكة. والنساء أصبحن هن من يرفضن التعامل معهم كقاصرات، وهذه الأمور شكلتها التوعية أولاً والواقع كذلك . أنا على يقين وثقة بأن هؤلاء النساء السعوديات هن من سيضعن أسس تفعيل الشخصية القانونية للنساء.وهن من سيعملن إلى جانب الرجل وبدعم حكومي بإذن الله على تشكيل شخصية جديدة للمرأة السعودية شخصية قيادية فاعلة على جميع الأصعدة، لأنّ المشكلة ثقافية في الأساس وليست دينية .

- من حديثك السابق نلمح أن الحملة اقتصرت على السعوديات فقط وتجاهلت وجود عربيات يعانين من الوضعنفسه؟ هل يمكن تلمس أن هناك أيضًا تفرقة من نوع ما في مفارقة غريبة مع دفاعك عن المرآة؟

لا، الموضوع ليس عنصرية، لكنه همّ وطني بالدرجة الأولى فالمرأة العربية بشكل عام حصلت على غالبية الحقوق على أرضها وفي المقابل نحن حرمنا من أقل هذه الحقوق على أرضنا. فعندما تنصف المرأة السعودية على أرضها فسينصف معها كل امرأة تعيش على أرض هذا الوطن . نطالب بتغيير قرارات فرضت على السعوديات أولاً, إضافة إلى نقطة أخرى وهي أن غالبية النساء هنا لا حول لهن ولا قوة .

- كما قلت لك مسمى الحملة واسع فلماذا تخطى بعض أهم الملفات الساخنة مثل زواج القاصر ؟

لأني لا أريد لحملة الحقوق المسلوبة أن تتعارض مع أي حملة أخرى فحملة مبادرة الطلاق السعودي التي قامت بها الزميلة هيفاء خالد مشكورة هي حملة تتعرض لكل ما يخص أمور الزواج والطلاق والنفقة والحضانة .. الخ .


- لحظة . لكن من ضمن الحقوق التي طلبت في الحملة أن يتم توفير السكن والمعيشة .. هذه طلبات فضفاضة .. فهل هي ملمح طعن في أن الضمان الاجتماعي الذي يصرف من الملك غير كافٍ للمعيشة؟

بغض النظر إن كان كافيًاأم لا... السؤال هنا مَن هُنَّ المستفيدات من الضمان إذا كانت الشروط التي تنطبق على النساء صعبة ؟ وكلها مكفولة بورقة من ولي الأمر أو من جهة رسمية حكومية أو ورقة طلاق أو ما شابه، فكيف تستطيع المرأة إثبات حقها في الضمان الاجتماعي إذا كانت وحيدة ولا يوجد لديها ولي أمر من يثبت حقها وكونها أنثى؟! . مظاهر العنف الأسري موجودة . إذا كانت هي ذاتها خاضعة لضوابط كثيرة في السفر والعلاج والتملك والزواج والطلاق وغير متاح لها التنقل وليس هناك نساء قائمات على مناصب حكومية أو في المحاكم فإلى من ستذهب لتثبت بأنها تحتاج إلى إعانة الضمان ؟!


- من الملاحظ وكسائر الحملات في البدايات على الأقل، فالشراكة لم تحصر في شخصيات معينة .. هذا الفتح هل ساهم في الإقبال والتقبل للانضمام إلى الحملة؟

على الرغم من أننا في البداية إلا أن هناك تشجيعًا رائعًا ولله الحمد. الوعي الموجود اليوم جعل الكثير من النساء يطالبن بـ تمكين المرأة وبرفع الوصاية المدنية عنها، في السابق كان هناك غياب كبير لثقافة الحقوق عكس اليوم مما جعلني أحظى بتأييد شعبي جميل وتأييد ممن حولي ومن كثير من الإعلاميات والمثقفات السعوديات ولله الحمد أهدافنا تتماشى مع أهداف كل امرأة سعودية تطمح إلى تعزيز مكانة المرأة في رفعة الوطن وتفعيل دورها .


- خلود الفهد...أهدافالحملة تتسم بجرأة واضحة وقوة حضور . على الأقل في شكلها اللفظي أو تمرير بيانها الذي جاء براقًا جدًّا و(غامزًا) لجهات مناهضة على ما يبدو في نظركن... فهل تتوقعي مواجهة ساخنة من فئة متشددة ؟

= ربما أخالفك الرؤية في كونها جريئة . هي مطالب عادلة والصراخ على قدر الألم يا عزيزتي، فطالما حوربنا، وطالما وصفوا السيدات الشريفات المطالبات بحق المرأة بأقذع الأوصاف وبأبشع التهم ولن أنسى ما حييت ردة فعل التيار المتطرف بداية التسعينات عندما تظاهرت للمطالبة بقيادة السيارة على الرغم من أني كنت وقتها طالبة مراهقة لا أفقه في ما يخص حقوق المرأة، لكن ردة الفعل التي حصلت وقتها والتعرض إلى أسماء العوائل، وتوزيع المنشورات المسيئة ونشر الأكاذيب والخطب التي كانت تدعو عليهن من فوق المنابر وتصف رجال هذه العوائل بأوصاف خارجة عن كل دين وعن كل قيم... أنا نتاج هذا الجيل المتطرف والمتشدد وكنت ممن يحضرن حصص غسل الأموات وثقافة القبور والثعابين الصفراء، أنا من جيل كان يدرس بأن حجابك عنوان عفافك. فكل امرأة ليست محجبة هي ليست عفيفة بالتأكيد حسب رأيهم لذلك نحن أولى أن نرد ونصد كل هذه الأكاذيب. نحن الجيل الذي عانى من تغييب متعمد وواضح وإخفاء لكل الأدلة الدينية التي تنصف المرأة وتمنحها حقها في العيش وبكرامة إنسانية بلا استعباد نحن نتاج الجيل الذي تربى على أن رضا الله من رضا الرجل فلكل فعل ردة فعل، ولا تهمني ردة فعلهم ولا حملاتهم فهي تأكيد على نظرتهم الدونية للمرأة .

- أنت تعرفين أن الحملات لا تعني بالضرورة تحقيق الأهداف حتى على المستوى النظري وقد تتوقف عند حضور إعلامي معين، يعني أمامك أمثلة عديدة لحملات ربما بعضها يحمل مضامين وشعارات أقوى... عند فرضية عدم نجاح الحملة فكيف تخططي لمرحلة أخرى أو خطةبديلة إن صح التعبير؟

إذالم تنجح يكفيني شرف المحاولة. وسأعود من جديد لكني على ثقة بأن تفعيل دور المرأة هودعم من الحكومة وبأن القيادة الرشيدة حريصة على تغيير الصورة النمطية للمرأة السعودية وبأن تثقيف شرائح المجتمع السعودي هي من الأولويات في الوقت الراهن.
كما أني على يقين بأن إن مناهضة العنف ضد المرأة يجب أن تتصدى له المرأة أولاً فمتى ما وقفت هي لتعارض هذا العنف فصوتها بالتأكيد سيخترق كل فئات المجتمع فالمرأة السعودية ناضجة وكفوء وتستحق الثقة.من المستحق والواجب أن أوجه الشكر الجزيل لكل من قام على هذه الحملة وكل المشاركات بها وأطمح إلى مزيد من التأييد الشعبي والى تنظيم حملات توعوية للنساء في كل محفل. فالتغيير منوط بنا نحن إن كنا نريد الحياة بشكل أفضل أم لا .