بالأمس استنكرنا حكم الجلد الذي صدر بحق الصحافية السودانية لبنى حسين، إذ تُعتبر مثل هذه الأحكام غريبة ودخيلة على مجتمعاتنا الإسلامية، خصوصاً إذا نظرنا لحيثيات مثل هذه الأحكام والتي لا تنطبق أبداً مع سماحة الدين الإسلامي الذي وللأسف ابتعدنا كثيراً عن تطبيق وإظهار سماحته ونبله.اليوم نقف على قضية أخرى فيما يبدو أنها آتية ضمن مسلسل جلد الصحافيات، إذ تم الحكم هذا الأسبوع على الزميلة روزانا اليامي، بستين جلدة، لمشاركتها في التنسيق والإعداد في برنامج (أحمر بالخط العريض)، إثر ظهور الشاب الذي سُمي بـlaquo;المجاهر بالمعصيةraquo;، الغريب في هذا الحكم تناقضه، إذ إن فضيلة القاضي قام بتبرئة المتهمة بناء على شهادة المتهم الرئيسي في هذه القضية من المشاركة في إعداد هذه الحلقة التي تم تصويرها قبل انضمام الزميلة للعمل في هذا البرنامج، ومع وجود قناعة كاملة لدى القضاء في أن الزميلة لم تشارك في هذه الحلقة، إلا أنه تم صدور هذا الحكم الجائر بحقها لتهمة أخرى، وهي العمل مع قناة ليس لديها ترخيص للعمل في السعودية، وأرى أن هذه التهمة غير كافية لجلد زميلتي، فهناك العشرات من الزميلات والزملاء الذين عملوا مع قناة LBC، وأنا أحدهم، أضف إلى ذلك أن القناة مملوكة لرجل معروف بمكانته السياسية والاجتماعية، ما يجعل أي إعلامية وأي إعلامي يشعر بالفخر للعمل مع مثل هذه القناة. أضف إلى هذا أن القناة ومنذ سنوات تعمل بكل حرية داخل الأراضي السعودية، وتستضيف يومياً ضيوفا سعوديين، من بينهم مسؤولون كبار، وأتصور أن قضية وجود تصريح للقناة لمزاولة العمل في السعودية هو من صميم عمل وزارة الثقافة والإعلام، بل إن القضية برمتها إعلامية، وتدخل القضاء فيها يجب أن يتوقف، لأنه تدخل في عمل جهة أخرى هي المخولة بمثل هذه القضايا، ولنتذكر جميعاً قضية الدكتور حمزة المزيني الذي حاولت بعض العناصر القضائية التدخل فيها، إلا أن الأمر الصادر عن خادم الحرمين الشريفين -آنذاك- أوقف تلك القضية عن ساحة المحكمة، وأرسلها إلى الجهة المخولة للتعامل معها وهي وزارة الثقافة والإعلام.
ما حصل في تطورات هذه القضية أن الزميلة روزانا اليامي، بحسب تصريحات نقلتها عنها الصحف قبلت بهذا الحكم، وبهذا الإقرار صار الحكم ساري النفاذ، إذ إنها لم تعترض عليه، خشية أن تحصل على حكم laquo;مضاعفraquo;، يكفي أن نتوقف أمام هذه الكلمة، ونتأمل في مصطلح (العدل) الذي هو قيمة إسلامية أساسية تهدف إلى تحرير الإنسان عما يكبله ويعوقه عن المطالبة بحقوقه، وهنا، في هذا الموقف، تم نفي تلك القيمة، وحضر بدلاً عنها الخوف والرعب والشخصية المهزوزة التي هي صنيعة العنف وسوء استخدام السلطة.
إننا في السعودية نتقدم في خطوات سريعة، وفجأة نجد من يوقفنا ليعيدنا إلى عصور الظلام، إن هذه القضية بكل جوانبها عبارة عن laquo;مهزلةraquo; أرى أن كلا من وزارة الثقافة والإعلام ووزارة العدل عليهما التحرك السريع لإيقافها، وإعادة الأمور إلى نصابها، وكلنا أمل بالوزراء الجدد لتلك الوزارتين، ولمعرفتي برؤيتهما التنويرية، فأنا أجزم أن هذا الحكم الجائر سيجد من يتحرك إيجابياً لإيقافه، وإلا فإن أيدينا ستظل طوال الوقت ممسكة قلوبنا خشية أن يكون الجلد الإعلامي بالدور، وهنا أستعير جملة قالها الزميل جمال بنون: laquo;أخشى أن تطال العقوبة حتى المشاهدين!raquo;.

كاتبة من السعودية
[email protected]