بسبب النقص في الكادر الإداري.. تكليف عمال النظافة بمهام إدارية!
مستشفى القاسمي في الشارقة خارج نطاق الخدمة

توفيق السيد من دبي: يبدو أن مستشفيات وزارة الصحة في دولة الإمارات خاصة مستشفيات الإمارات الشمالية باتت أسيرة الإهمال ونقص الإمكانيات والكوادر الطبية التي أصبحت في حاجة ماسة لإعادة التأهيل وأكبر دليل على ذلك ما يعانيه مستشفى القاسمي في الشارقة من تراجع واضح في مستوى الخدمات العلاجية، ففي شهر أغسطس عام 2007 كشف تقرير صادر عن مجلس إدارة المستشفى نفسه يؤكد أن هناك 22 نقطة ضعف في مختلف إدارات المستشفى لابد من علاجها بشكل عاجل ووضع الحلول الممكنة لها غير أن هذه النقاط لم تجد حلولا جذرية لأكثر من 80% منها حتى الان رغم مرور قرابة العامين على صدور التقرير الذي أبلغت به وزارة الصحة فور صدوره.

من بين هذه النقاط تدني مستوى بعض الكوادر الطبية والممارسات الإدارية في بعض التخصصات والإدارات وضعف في برنامج وخطط الطوارئ مع ضعف ومحدودية الخدمات في قسم الحوادث في المستشفى، إلى جانب ضعف في برامج التعليم الطبي المستمر، وضعف في توفير بعض التخصصات الطبية، إضافة إلى ضعف الدراسات والأبحاث في المجالات الطبية وضعف الجهاز الإداري في المستشفى.

الأدهى من ذلك أن التقرير، كشف قيام المستشفى بإعطاء مهمات إدارية لعمال النظافة بسبب النقص في الكادر الإداري، كما أنه يعاني ضعف كادر الرواتب مع عدم وجود الحوافز التشجيعية، مقارنة بالمعروض في المنشآت الصحية الحكومية الأخرى والمنشآت الخاصة وضعف البنية التحتية في المستشفى بشكل عام وبسبب قدمها حيث أنشأت في بداية الثمانينات، مع عدم التوافق بين الخدمات العلاجية المقدمة مع متطلبات السكان على مستوى الإمارة، إضافة إلى وجود إمارة الشارقة كمنطقة وسطية بين إمارات مختلفة ما يساعد على تضاعف الطلب في الخدمات الصحية عليها،الى جانب ذلك أكد التقرير وجود نقص حاد في الكادر الطبي في التخصصات الطبية كقسم الحوادث الكلى والكادر التمريضي التمريض ،إضافة إلى نقص في المعدات الطبية الحديثة والمتطورة في بعض التخصصات، والتي ما زالت تستخدم المعدات منذ عام 1983، وكذلك صعوبة التنسيق في العمل بين كل من مستشفى القاسمي ومستشفى الكويت في الشارقة بعد النقص الحاد الذي تشهده المستشفى بوظائف السكرتارية الطبية وسحب عدد من الشواغر من الكوادر الطبية (الأطباء والتمريض) الخاصة في المستشفى من قبل الوزارة، وكذلك اعتبار quot;القاسميquot; المستشفى الوحيد على مستوى الإمارة لاستقبال حالات النساء والولادة.

واستعرض التقرير معاناة المستشفى مع مواصلات الإمارات بخصوص السائقين وضعف في جودة الخدمات المقدمة لصيانة السيارات، وعدم وجود سيارات مبردة لنقل الأدوية من المخازن إلى المستشفى ومشكلة نقل الملفات بين المستشفيات (القاسمي والكويتي في الشارقة) وعدم وجود نظام النداء الداخلي في المستشفى، وضعف في نظام المواعيد في المستشفى، إضافة إلى أن الصيدلية لا تعمل بنظام 24 ساعة يومياً لخدمة المستشفى.

اشهر ضحايا القاسمي
الدكتورة quot;ريمquot; طبيبة فلسطينية لم يكن في مخيلتها يوما من الأيام أنها ستكون اشهر ضحية من ضحايا مستشفى ألقاسمي، بعد أن ظلت طريحة الفراش في المستشفى لأكثر من ثلاثة أعوام متتالية خرجت بعدها جثة هامدة فاقدة لجميع حواسها البصرية والسمعية إضافة إلى عدم قدرتها على الكلام والحركة..!، وتفصيلا دخلت الدكتورة ريم المستشفى لإجراء عملية ولادة قيصرية لتضع توأمها

وبالفعل وضعت توأمها ولد وبنتquot; غسان وبيسانquot; ولكن الأقدار لم تمنحها فرصة رؤيتهما إلا ليومين فقط لتدخل بعدها في غيبوبة أفقدتها التواصل مع من حولها حتى ألان لتعيش مع آلامها دون أن تدري بمن حولها وبعد مهاترات عديدة مع المستشفى ووزارة الصحة، تم تسفيرها بقرار وزاري للعلاج على نفقة الدولة في تايلاند غير أنها عادت لترقد من جديد ضمن نزلاء المستشفى ولكن جثة هامدة.

ووفقا لما ورد في تقريرها الطبي، ثبت أنها تعرضت نتيجة خطأ طبي وقع عليها إلى عدة إصابات منها، فقد القدرة على الفهم والإدراك بعجز دائم وكامل للعقل، وفقد كامل ودائم لحواس السمع والبصر والشم والتذوق، وكذلك فقد كامل للمضغ والبلع، والكلام والنطق إضافة إلى فقد كامل ودائم لوظيفة اليدين والقدمين وتحتاج بشكل دائم للرعاية الطبية والعلاج الطبيعي لمنع قرح الفراش ومضاعفاته.

واستنادا إلى ذلك التقرير رفع زوجها دعوى قضائية على وزارة الصحة مطالبا إياها بتعويض قدره 30 مليون درهم وذلك جبراً للأضرار المادية والمعنوية التي وقعت على زوجته جراء تلك الأخطاء وبعد استنفاذ جميع درجات التقاضي بين الطرفين والإطلاع على الأوراق والاستماع إلى شهادة الشهود حكمت المحكمة الاتحادية العليا بتعويض المتضررة مبلغا قدره ثلاثة ملايين درهم وأمام ذلك الحكم لم تجد وزارة الصحة سوى إيداع المبلغ في خزينة المحكمة ليتم التصرف فيه وفقا للإجراءات القانونية بين المستحقين الشرعيين.

الغريب أن وزارة الصحة لم تمهل أسرة الدكتورة ريم فرصة لترتيب أوضاعها فور صدور الحكم بل أصدرت أوامرها لإدارة المستشفى بتسليم الدكتورة ريم لأسرتها وباعتراض الأسرة على استلام ابنهم بهذه السرعة قبل توفير المكان الملائم لحالتها الصحية، هددت المستشفى بإخراجها عن طريق الشرطة وبعد مناوشات بين الطرفين استلمتها والدتها quot;ام رمزيquot;التي تقوم حاليا برعايتها هي وتوأمها بعد أن فوضت أمرها إلى الله.

رجال في عنبر النساء
quot;رجال في عنبر النساءquot; واقعة تعد الأولى من نوعها فهي لم تحدث من قبل في أي مستشفى من مستشفيات الدولة سواء حكومية أو خاصة نظرا لحساسية مثل هذه الوقائع في مجتمع ما زال يحافظ على عاداته وتقاليده رغم التغيرات الاقتصادية التي شهدتها منطقة الخليج منذ مطلع السبعينات.

ترجع تفاصيل تلك الواقعة لأكثر من تسعة اشهر بعد أن عاش أحداثها أربعة رجال quot;مرضىquot; لليلة واحدة في المستشفى القاسمي في الشارقة عندما وجدوا أنفسهم، دون أن يدروا، يرقدون في عنبر النساء، ولحساسية الواقعة فرضت وزارة الصحة سيطرتها آنذاك على جميع وسائل الإعلام في محاولة منها لعدم النشر منذ وقوعها حتى ذلك الحين.

ووفقا لما يرويه واحد من أهل أحد المرضى، بدأت القصة عندما قام بزيارة قريب له تعرض لوعكة صحية نقل على أثرها إلى المستشفى وعند السؤال عليه أبلغوه بأنه يرقد في إحدى الغرف داخل عنبر النساء وللوهلة الأولى لم يصدق ما سمع وعند التحقق من المكان أكدوا له أنهم لا يمزحون وأنها الحقيقة وعلى الفور سارع بالتوجه نحوه للاطمئنان إلى قريبة quot;الرجل المريضquot; وكيف سيقضي ليلته في عنبر النساء؟!

ويضيف: quot;لقد راودتني أسئلة كثيرة وأنا في طريقي لزيارة المريض كيف قامت المستشفى بهذا التصرف؟ وهل هناك مبرر لتلك الفعلة؟ وهل هذا مسموح به داخل مستشفيات الدولة؟ خاصة و أنها المرة الأولى التي أسمع فيها بتلك الواقعة، وهل هناك مبرر لتلك الفعلة؟ تساؤلات عديدة فرضت نفسها عليه إلى أن شاهد قريبه وهو يرقد في إحدى الغرف داخل عنبر خاص بالنساءquot;.
ويستطرد: quot;بعد أن اطمأننت إليه تأكدت من خلال الحديث أنه لا يعلم في أي قسم هو موجود ولا أي عنبر ولا حتى رقم الغرفة وأنه لم يشعر بنفسه عند دخوله المستشفى وعليه لم أرد أن أوتره وأخبره بالواقعة حفاظاً على صحته.

ويضيف: quot;بعد مكوثي لفترة مع قريبي توجهت لغرفة التمريض لسؤالهم عن ظروف تلك الواقعة، ليبلغوني أنه ليس الرجل الوحيد بل هناك أربعة رجال آخرين، كل في غرفته، في عنبر النساء، وعليه توجهت للإدارة ليبلغوني أن الليلة السابقة شهدت ضغطاً كبيراً على المستشفى ولم تكن هناك أماكن شاغرة ما دفع القائمين على إدارة المستشفى وهم من الجنسية الاسترالية لتحويل حالات رجال إلى عنابر النساءquot;.

من جانبه أعلن الدكتور علي بن شكر مدير عام وزارة الصحة استياءه من الواقعة بعد أن توجه على الفور إلى المستشفى ليجتمع بإدارتها الاسترالية آنذاك التي تم إنهاء تعاقدهم قبل انقضاء مدة التعاقد ليبلغهم بأن للمجتمع عادات وتقاليد لا يقبل فيها أي تهاون وأن مثل هذه التصرفات تحيد عن هذه التقاليد ويرفضها المجتمع بشكل قاطع حيث أبدوا أسفهم وتفهمهم للوضع.