تحتفل السعودية يوم الأربعاء 23 سبتمبر ( أيلول ) بالذكرى الـ 79لليوم الوطني. ويأتي الاحتفال وسط ظروف استثنائية، إذ إن يوم الأربعاء سيشهد حركة سياسيّة ودبلوماسيّة رفيعة المستوى، بحضور عدد كبير من رؤساء دول العالم للمشاركة في حفل إطلاق جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية في قرية ( ثول ) 82 كم شمال جدة. وتأتي هذه الإحتفالات بعد وقت من محاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف، وفي ظل الحرب المستمرة التي تقودها السعودية على الجبهة الداخلية ضد الإرهاب. وكذلك في ظل العمل على إعادة تأهيل معتقلي غوانتانامو. وقد انبرى عدد من المفكرين والكتّاب السعوديين للحديث عن أهمية اليوم الوطني وتأثيره في ذاكرة وحاضر ومستقبل المملكة.

quot;وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيهquot;.. شعار السعوديين في مملكتهم، إذ لم تنتهِ فرحتهم منذ أن أسبغت عليهم القدرة الإلهية نجاة مساعد وزير الداخلية السعودي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز، لتتبعها فرحة عيد الفطر واحتفالاته في أرجاء المُدن السعودية، على الرغم من إلتفاف المعارضين لتلك الاحتفالات من الإسلاميين المتشدّدين في بعض المجالس البلدية، وتتوالى احتفالات البلاد السُعودية تباعًا حتى هذا اليوم الأول من الميزان والموافق 23 سبتمبر/أيلول 2009 الذكرى الـ79 لتوحيد المملكة العربية السعودية.

منذ أن بدأ تنظيم القاعدة تنفيذ هجماتٍ في 2003 استهدفت مؤسسات غربية ومنشات نفطية، والتي وقف خلفها المئات من المتطرفين والمنتمين لمنظمة القاعدة والمتواطئين لتلك الخلايا، صمدت الحكومة السعودية أمام الكثير من العمليات ولاحقت تلك الفئات في أرجاءها، ونجحت وزارة الداخلية السعودية في إدارتها للحرب المعلنة على أرباب هذا الفكر في البلاد، سواءً على صعيد العمليات الميدانية، أم تلك الفكرية التي تتم داخل قاعات المحاضرات والاستراحات التي أنشأتها السلطات السعودية بفكرة من مساعد وزير الداخلية السعودية للشؤون الأمنية لمعالجة الفكر الضال، وإعادة تأهيل العائدين من معتقل غوانتنامو، أو أولئك الذين قاموا بتسليم أنفسهم للسلطات السعودية.

المنافحة عن قضايا quot;وطنquot; ضد الإرهاب:

الكتاب والمثقفون وقادة الأمن والفكر في السعودية كانوا قد أدانوا العديد من العمليات التي استهدفت البلاد منذ أن نشطت خلايا القاعدة، وطالب العديد منهم بالتركيز على البناء والتربية والتعليم والتأهيل السوي للأذهان البشرية منذ سن الزهور، وكذلك الحد من التجاوزات التي أخذت الصبغة الإسلامية في التمويل بطابع خيري للوصول إلى دعم مباشر وغير مباشر للمنتمين إلى الفكر الضال quot;الإرهابquot;.

سليمان الهتلان الكاتب في صحيفة الوطن السعودية quot;حذّر من أسباب التطرف الفكري والظروف التي هيأت ودعمت الإرهاب وأعمال العنف، وما قد يؤسس لجو من quot;الإحباطquot; أو quot;الحنقquot; يمكن استغلاله لتجنيد المزيد من الشباب كوقود رخيص في دوامة التطرف والإرهاب.

إقرأأيضاً

جامعة الملك عبدالله.. حُلمٌ يتطلع إلى العالمية

كلمة العاهل السعودي بمناسبة تدشين جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية

وطالب الهتلان في مقاله الأسبوعي على خلفية محاولة اغتيال مساعد وزير الداخلية السعودي، الإسراع بالخطى في مباشرة quot;أجندةquot; الإصلاح التي تطال إشكاليات التعليم والثقافة والمشاركة في صناعة القرار ومحاربة الفقر في البلاد. وأردف سليمان الهتلان كاتبًا: quot;الخطاب الديني وquot;المنهجquot; الفكري ndash; بما فيه من إقصائية وأحادية ndash; يشكلان النسبة الكبرى في مسببات الإرهاب الذي تواجهه السعودية ndash; وغيرها ndash; اليوم، ألا يمكن طرح احتمالات أخرى، فقط للبحث في كل أبعاد المشكلة، مثل الفقر والانغلاق الاجتماعي وتردي خطط التنمية الإنسانية؟quot;.

وتساءل الهتلان عن الكيفية التي تجعل أعين المعنيين بسوق العمل في البلاد وجامعات ومعاهد الداخل والخارج تقذف بعشرات الآلاف من الشباب إلى سوق عمل محدود تتحكم في أغلب قنواته عمالة أجنبية مسيطرة؟.. وأعقب ذلك بالقول: quot;إن البطالة في مجتمع تتشكل غالبيته من فئة الشباب هي quot;القنبلة الموقوتةquot; التي قد تنفجر بين أيدينا إن لم نتعامل معها كأولوية في برامجنا ومشاريعنا التنمويةquot;.

quot;عيد الرياض عيدينquot;.. ومجابهة الفكر المتشدّد:

ما إن أعلنت أمانة العاصمة السعودية الرياض عن نيتها في إحياء احتفالات عيد الفطر والعيد الوطني السعودي الذي تزامن معه كما شاءت القدرة الإلهية تحت شعار quot;عيد الرياض عيدينquot;، حتى صدر بياناً وقّع عليه أسمين ndash;يتيمين- هما نائبا المجلس البلدي

صور جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية

المنتخبان عن مدينة الرياض مسفر البواردي وعبد الله السويلم quot;حذرا فيه من المخالفات الشرعية التي تحدث في احتفالات العيد من اختلاط الرجال والنساء في مكان واحد وما ينتج عنه من مفاسد، والأوبريتات الغنائية، ومشاركة الفرق الأجنبية وما تقدمه من أعمال ســـحرية وطقوس دينية مرتبطة بأعيادهم والشعوذة كأكل الجمر وغيرهاquot; على حد تعبيرهم.

quot;إيلافquot; تلقت رأي أحد المفكرين في البيان الذي استنكر الاحتفال بالعيدين الفطر وتوحيد البلاد، حيث أبدى استغرابه حيال البيان، وتساءل عن عدد الموقعين عليه الذي لم يتجاوز سوى إثنين في ما يُظهر الأقلية المعارضة، وقال: quot; هؤلاء ممن يشيعون المعارضات كما لو أنهم يريدون إعاقة الاحتفال باليوم الوطني لبلادهم كونه أتى متزامنًا مع عيد الفطر المبارك، وهو ما قد يجعل الخطاب الفكري والديني يقف بعيدًا عن التسامح واللين ويؤجج الفكر المتطرّف المعارض للاحتفال بالعيد الوطني ومن ثم قد يولّد الانحراف الفكري ضد الدولةquot;.

الخطاب الديني ومكافحة الإرهاب:

أحد الكتاب في السعودية quot;رفض الإفصاح عن إسمهquot; تحدّث لـquot;إيلافquot; مؤكداً ظهور العديد من المتغيرات في الخطاب الديني والحياة السياسية والدينية في الوطن العربي، دعت السياسية منها للإصلاح والتغيير والمنافحة عن قضايا الأوطان بسبب الخارجين عن توجّهاتها من المنتمين إلى الإرهاب، فيما دعا دين الإسلام إلى المناصحة الفكرية والحوار وإحترام الأديان الأخرى والتسامح واللين، حينما ظهر العديد من الدعاة التنويريين، ولعل أبرزهم من أفتى مؤخراً بعدم جواز الدعاء على الكفار مشيرًا إلى تسامح الأديان الذي جسّدته تلك الفتوى.

مكافحة الإرهاب بفكر quot;الباب المفتوحquot;:

منذ أن صدم مسلحون سيارة مفخخة مبنى وزارة الداخلية في الرياض عام 2004، كهجوم نفذته القاعدة ضد الحكومة السعودية. وقف الكثير منددًا بذلك في حين سعت القيادة الفكرية لمجابهة الفكر بالفكر والعمل على سياسة quot;الباب المفتوحquot;، مما جعل التنظيم في جزيرة العرب يسعى مؤخرًا لهجوم إستهدف احد أفراد العائلة الحاكمة منذ أن بدأ تنظيم القاعدة تنفيذ هجماته في 2003 استهدفت مؤسسات غربية ومنشات نفطية في أرجاء البلاد.

إلاّ أن سريان الداخلية السعودية في معاملة الفكر المتطرف بالتسامح تارةً والضرب بيدٍ من حديد تارة أخرى، أنشأ العديد من ردود الفعل الأمنية بالعمليات الميدانية الناجحة لمطاردة الإرهابيين، والعمليات الفكرية التي تتم داخل قاعات المحاضرات والاستراحات التي أنشأتها السلطات السعودية لمعالجة الفكر بالفكر، وإعادة تأهيل الذين قاموا بتسليم أنفسهم للسلطات السعودية.

كما اهتمت الحكومة السعودية بعوائل الجنود الذين ذهبوا ضحايا الحرب على الإرهاب، حيث استشهد عشرات الجنود السعوديين في السنوات الماضية، إما في مواجهات مباشرة مع الإرهابيين أو في عمليات انتحارية استهدفت شخصيات أمنية بارزة، وعمدت وزارة الداخلية السعودية إلى التوجيه بشراء منازل لعوائل الجنود، بالإضافة إلى تسهيلات عديدة لأسر وأبناء الشهداء.

وهكذا تحتفل المملكة العربية السعودية بيومها الوطني وهويتها الدستورية، بذكرى تحمل مضامين تتجاوز تاريخ اليوم الرمزي إلى معانٍ أعمق تشمل الثقافة والفكر والتعليم والتكافل المجتمعي والمنافحة عن quot;وطنquot;، وذلك لاستجلاء معانيها والتمثل بمغزاها ومقاصدها، بشكل يفوق مجرد الاحتفال بيوم واحد كل عام وقوفاً ضد الإرهاب بكل ما هو هام.