نسرين عجب من بيروت: يدخلون الى الجامعة والعمل هاجسهم. quot;أكيد لن نعمل في لبنان، فرصنا فيه شبه معدومة وليس أمامنا سوى السفرquot;. هذا هو لسان حال غالبية طلاب كلية الاعلام والتوثيق في الجامعة اللبنانية. ولا يختلف عن حال معظم الطلاب اللبنانيين، والذين ما ان يحملوا شهاداتهم حتى تبدأ معاناتهم مع سوق العمل. قلة يجدون فرصهم في هذا البلد الصغير الذي يضيق بأبنائه، والغالبية يرحلون بحثاً عن فرصهم في الخارج.

كيف ينظر طلاب وخريجو الاعلام في لبنان الى واقع الاعلام في بلدهم؟ هل وجدوا فرصهم فيه أم اصطدموا بحيطان الواقع وفقدوا الأمل؟ اسئلة حاول الاعلامي زافين قيوميجيان أن يطرحها على طلاب وخريجين من كلية الاعلام استضافهم في حلقة من برنامجه الاسبوعي quot;سيرة وانفتحتquot; على شاشة تلفزيون المستقبل.
quot;بيقولوا ما في شغل بلبنان، كل طلاب صفنا توظفوا، وقسم كبير منهم يعمل في لبنان. لماذا كل هذا التشاؤم؟quot; تهمس أدال لزميلتها.

هذا الواقع ينطبق على قسم كبير من الخريجين الذين وجدوا فرصهم سواء في لبنان أو في الخارج، ولكن هناك شريحة أخرى من هؤلاء الخريجين منيوا بصدمة لم تكن في الحسبان. بكثير من الحسرة تقول بترا: quot;كان حلمي أن اعمل في مجال الاعلام. أنهيت ماستر 1، لكن للأسف لم أجد فرصتي لامارس المهنة التي اخترتها. كان عندي رغبة وحماس، ولكن بعد اربع سنوات لم اجد فرصتي. قدمت على اكثر من وسيلة اعلامية ولم اتوظف في اي منهاquot;. وتشرح:quot;مشروع تخرجي نال 17 على 20 ولكن المؤسسات التي قدمت عليها لم تأخذهفي الاعتبار. يطلبون خبرة، كيف سنحصل على الخبرة اذا ليس هناك مؤسسة تقبل ان تشغلنا، ولو بتدريب يشجعونا فيه، ولا يشعروننا فيه أننا عبء عليهم؟quot;

على غرار بترا، سارة لم تجد فرصتها في الاعلام، لكن وجدتها في شركة طيران حيث تعمل كمضيفة: أنا متخرجة وأعمل في مجال غير المجال الاعلامي، كان هناك خضات كثيرة في البلد، انخفض عدد الموظفين في كل المؤسسات فأصبح المتخرج يبحث عن أول فرصة عمل أكثر من البحث عن وظيفة في المجال الذي تخصص فيهquot;.
يقابل هذا التشاؤم نظرة تفاؤلية عند لارا التي عملت في الصحافة المكتوبة والمرئية والمسموعة: quot;علينا الا ننتظر الفرصة أن تأتي الينا. قد تكون المعارف الشخصية مفيدة، ولكن علينا أن نتحرك ونبذل جهداً. لا أحد يستطيع أن يقمع الانسان الكفوء، وحتماً سيجد فرصته، بالأخص اذا عنده لمعة خبرةquot;.

فرصة، هذا هو المطلوب. واذا كانت الفرصة عند البعض هي وظيفة عادية يتدرجون من خلالها الى مراكز أعلى، فهي عند البعض الآخر وساطة أحد النافذين في هذه الوسيلة الاعلامية أو تلك، ولو حتى للتدرب. وفي بلد مثل لبنان مقسم سياسياًُ وطائفياً، غالباً ما يبحث خريج الاعلام عن فرصته في المؤسسات الاعلامية التي تتوافق مع توجهاته السياسية، والا حتماً سيقابل بالرفض. ويعلّق سامر على ذلك: quot;اي إعلامي تريد، اي إعلام تختار. المشكلة أن طالب الاعلام لا يسعى لأن يكون مميزاً وأن يعمل في كل المحطات على اختلافاتها السياسية وأن يجد نفسه في كل هذه المحطاتquot;. ويعتبر أن المؤسسات الاعلامية لا تمارس العمل الاعلامي، لافتاً الى أن المشكلة أن هذه المؤسسسات صدرت بقانون في المحاصصة الطائفية، وتحولت الى منصات وأبواق اعلامية. وفي ظل هذا الواقع يشرح: quot;بعد أن تخصصت في المعلوماتية اخترت الاعلام لأنني أريد أن أقوم بثورة على ما هو موجودquot;.

رأي سامر يطرح اشكالية نظرة الشباب اللبناني لاعلامه، والذي يعتبره مسيساً بشكل كبير وبعيدا من طموحاته. ويذهب الى أبعد من ذلك باعتبار أن ما يحصل على أرض الواقع الاعلامي معاكس لما تعلمه في الجامعة من حيث الموضوعية والحيادية وعدم تحريف الحقائق او تزويرها. ويعتبر أحمد أن المشكلة هي في الشعب وليس في وسائل الاعلام مستشهداً:quot; كما أنتم يولى عليكمquot;.

يبدو أن الصحافة في لبنان ليست فقط مهنة البحث عن المتاعب، بل هي مهنة تحتاج الكثير من الجد والاجتهاد ليترك الصحافي بصمته على أجندة الاعلام اللبناني. البعض يوفق بفرص تساعده على تحقيق اللمعة الصحافية سواء في بلده أو في الخارج، والبعض الآخر توصله المحسوبيات أو ما يسمى في الشارع اللبناني بالواسطة. ويبقى السؤال أيهما يستمر؟ وكيف؟