quot;لكتب على وراق الشجر سافر حبيبي وهجر، يا حبيبي دخلك عود بيكفي غياب وسفر...quot;
quot;مجبورة يا ناس مجبورة.. مجبورة ونويت الرحيل.. ايدي على قلبي على قلبي يا ليل الفرقة شو طويل..quot;

نسرين عجب من بيروت: مقاطع من أغاني عاطفية يرددها المطربون، بعضهم يسمعها لأنها تعجبه وبعضهم الآخر يجد فيها وصفًا لحالة يعيشها. وما أكثر الشباب اللبناني الذي يعيش هذه الحالات في ظل ندرة فرص العمل في بلده مما يجبرهعلى الاغتراب والابتعاد عمّن يحب.
يرحلون وأعينهم على المستقبل، يقطعون المسافات بحثًا عن تحقيق طموحاتهم، ويكون ذلك في احيان كثيرة على حساب حياتهم العاطفية التي تفقد الكثير من معانيها بمجرد الابتعاد، لتذوب شيئًا فشيئًا وتنتهي اذا طالت مدة الغياب.
quot;لم يعد يعني لي أي شيء، كل اسبوع أتكلم معه عبر الهاتف، ولكن بعد 6 سنوات على غيابه لا ادري اذا كان هناك اي شيء يجمعناquot;. تقول منال (30 عامًا) عن زوجها المسافر الى أميركا، وتتابع: quot;أنتظره من أجل بناتي، ولولاهن لكنت طلبت الطلاق منذ سنينquot;.

وضع منال استثنائي وقلة يشبهنها في حالها، ولكن هذا لا يعني أن الفتيات المتزوجات من مسافرين يعشن حياة عاطفية طبيعية، لأن البعد يخلق حواجز كثيرة بين الطرفين وتؤدي الى فتور العلاقة. وتشرح ريما (27 عامًا): quot;تزوجنا وسافر زوجي الى السعودية فيما أنا بقيت في لبنان لارتباطي بوظيفة حكومية. يأتي كل سنة شهرين في فصل الصيف ولكن هذا ليس كافيًا لعلاقة زوجية، ومع أننا تزوجنا منذ 5 سنوات ولكني لم أفكر بالانجاب لأنني ببساطة لا أشعر بالاستقرارquot;. أما مي (31 عاماً) فتشرح بابتسامة: quot;يجب الا نستخف بالموضوع. أنا عشت التجربة حيث كان خطيبي في مصر وأنا في لبنان، ولولا الانترنت لكنا انفصلناquot;.

ويذهب فؤاد (27 عامًا) أبعد من ذلك، معتبرًا أن الشعور بالوحدة الذي تخلقه الغربة يدفع الشباب الى بناء علاقات عاطفية عرضية في محيطه، مما يترك آثاراً سلبية على علاقته بالشريك.
ما ينطبق على المتزوجين ينطبق ايضًا على العازبين والمرتبطين بعلاقات عاطفية سواء أكانوا شبانًا أو شابات. بعضهم يعتبر ان السفر فتح أمامهم الفرصة لاكتشاف ان العلاقة غير متكافئة وساعدهم على اتخاذ القرارات العقلانية، ولكن البعض الآخر يندم على قرار السفر كشادي (30 عامًا) الذي ضحى بحبه من أجل مستقبله المهني: quot;سافرت من دون أن أخبرها رغم أني أحببتها كثيراًً، ولكن وقتها لم يكن أمامي اي خيار آخر. والآن أتمنى لو يعود فيي الزمن الى الماضي لما كنت أتخذت ذلك القرار، لأن تجاربي في الحياة أثبتت لي أنها هي الانسانة التي أريد الارتباط بها، ولكن الآن فات الأوان بعد أن تزوجت كردة فعل على تصرفي معهاquot;.

يربطهم رباط مقدس، ان لم يكن ديني فروحّي، ولكن الغربة تضع الحواجز بالتوازي مع عدد الساعات التي تفصل بينهم، وكلما بعدت المسافة كلما اتسعت الحواجز وحل الجفاء مكان الحب. بعضهم يدركون الوضع ويستدركون الأمر قبل فوات الأوان كعماد (35 عامًا) الذي قرر العودة والاستقرار مع زوجته في لبنان، وبعضهم الآخر اما تكون الظروف أقوى منهم فيعجزون عن حماية ارتباطهم من الاندثار، أو أن الوقت يعوّدهم على الفكرة، وما يكون صعبًا في البداية يصبح مطلباً تُنشد من خلاله الحرية وحياة أخرى في مكان آخر.