شباب الهارد روك: بين هوس الاستماع والسقوط في الفخ
أمال الهلالي من تونس
: بجهة الملاسين أحد أشهر الأحياء الشعبية في العاصمة، يقطن شريف 25 سنة صحبة أخيه وبقية أفراد عائلته. حب وهوس هذا الشاب بموسيقى الروك جعله رغم ظروفه المادية الصعبة يكوّن فرقة موسيقية متخصصة في هذا اللون الموسيقي الغربي صحبة مجموعة من رفاقه أطلق عليها اسمquot;الوندولصquot; وفوق سطح العمارة العتيقة اتخذ شريف ذلك المكان فضاءه الأسبوعي للقيام بالبروفات.
شريف أكد أن الدافع وراء تأسيسه لهذه الفرقة تلاؤم هذا النمط الموسيقى مع أحاسيس ومشاعر الشباب التونسي.فهذه الموسيقى الصاخبة، حسب قوله، تدفع للعمل و النضال، وإيقاعاتها تتضمن شحنة معنوية خاصة تميزها عن بقية الموسيقات الأخرى كما تلقى موسيقاه صدى طيبا وتفاعلا ايجابيا لدى الجمهور التونسي لاسيما شريحة الشباب
محدثي أكد أن انتشار هذه النوعية من الموسيقى بات أمرا حتميا في صفوف الشباب التونسي وقد تجاوز عدد الفرق المعروفة ال30 فرقة. وعن أسباب اختيار هذا النمط الموسيقي دون غيره، أشار محدثي إلى تميز موسيقى الهارد الروك عن التكنو والهاوس وغيرها كونها موسيقى شعبية تتغلغل في رحم الواقع وتكشف عن معاناة الشباب دون قيد أو شرط فالفقر والمجاعات والتمييز العنصري والاعتداءات الجنسية وقمع الحريات والحروب والكوارث كلها موجودة في أغاني الروك لاسيما الأميركية منها.
وعن تعلق الشباب التونسي بهذا اللون الغنائي الغربي يجيب شريف قائلا:هناك أشياء في مجتمعنا العربي لايمكن الحديث عنها وتبقى ضمن المحرمات لكن هذه الموسيقى هي أفضل طريقة للتعبير بشكل مهذب وراق دون المساس بالأخلاق الحميدة والاعتداء على حرمات الأشخاص
وحول حقيقة ارتباط هذه الموسيقى بظاهرة عبادة الشياطين نفى شريف كل مايقال بهذا الشأن مبينا أن هذا الارتباط مغلوط على عكس مايراج بين الشباب وقد ساهمت هذه الفكرة السائدة في المجتمعات لاسيما العربية منها حسب قوله في عرقلة نشاط العديد من الفرق الهاوية ومن بينهم فرقته حيث وقع طرده من جميع دور الثقافة في العاصمة بحجة رداءة هذا النمط الغنائي الذي يمارسه رفقة شلته وبالتالي لم يجد مكانا للقيام بالبروفات أو العروض ليستقر في النهاية فوق سطح العمارة أين يقسم الأدوار بينه وبين أصدقائه في العزف والغناء أما العروض فتقتصر على بعض الحفلات الخاصة جدا باستثناء هذه السنة حيث تم إحداث مهرجان جديد للروك في قصيبة المديوني بجهة الساحل التونسي.
موسيقى الهارد روك بدأت تأخذ حيزا مهما من اهتمام الشباب في تونس ليس فقط من حيث الاستماع بل أيضا من ناحية اللباس والمظهر العام حيث تعمد شريحة مهمة من المراهقين إلى تقليد بعض فرق الروك العالمية من خلال إطالة الشعر والأظافر واللحية ووضع اكسسورات تحمل رموزا على شكل جماجم أو زواحف أو أشكال هندسية غريبة وقد أثيرت في الأشهر الفارطة موجة من الاستياء على هامش تنظيم مهرجان الروك في شهر رمضان في قصيبة المديوني من محافظة المنستير( 160 كم جنوب شرق العاصمة)
وفي هذا السياق يقول رمزي 33 سنة quot;لايلافquot;: quot;ثمة من يعتقد من زملائي في الجامعة أن الموسيقى الصاخبة وما انبعث منها من أشكال كالهافي ميتال والبلاك تؤدي إلى الحيوية والنشاط وتدفع المرء للتحفيز في الإنتاج لكنهم يجهلون العواقب الوخيمة لإدمانهم على مثل هذا النوع الهجينquot; ويضيف:quot;ان المستمع لكلمات تلكالأغاني سيرى فيها تمجيدا لكل ما هو سلوك منحرف كالمازوشية والسادية واللواط والشيطانية واحتساء الكحول وتعاطي المخدرات وتعظيم الموت والثورة ضد الأهل والإطار الجامعي والمدرسي لينتهي الأمر إلى الانتحارquot; رمزي يؤكد لإيلاف أن جل أصدقائه من هواة هذا الفن يجهلون أصلا جذوره وهويته وأنماطه بل انساقوا له انسياقا أعمى ويبررون هوسهم بهذا النمط الموسيقي بتلك القدرة العجيبة في الإيقاع على تحريك سواكنهم ودخولهم في حالة هيجان جنونيةquot;.
الموقف ذاته يؤيده الصحبي 27 سنة مبينا أن فن الهارد روك صار موضة ذائعة الصيت و شكلا من أشكال الquot;فيسquot;للتباهي في مابين الشباب وأضحت كلمة quot; هردوسquot;أو quot;مهردسquot;(في إشارة لإدمان هذا الفن) مستحبة من شريحة معينة من المراهقين تطلق على نفسها هذه المصطلحات .الصحبي أكد أن هذه الفئة تحب التجمع في مكانين في وسط العاصمة الأول مقهى ثقافي عرف بجذبه لهذه الفئة من المهوسيين بالروك نظرا إلى خصوصية الفضاء الذي يغلب عليه السواد والعتمة كما تقبل عليه فئة معينة من المراهقين والشباب دون سواها أما المكان الثاني ففي الشارع الرئيس للعاصمة .ويستغرب الصحبي من إقدام هؤلاء على الإتيان بسلوكيات مشينة داخل هذه الفضاءات تمس بالحياء العام وعلى مرئ ومسمع أصحابها أما الآمر الثاني فهو المظهر العام لهؤلاء من الإناث والذكور الذين يعمدون في غالب الأحيان إلى ثقب أنوفهم وشفاههم وأماكن حساسة من جسدهم للتباهي والظهور بين أندادهم او بحجة تقليد فرق الروك العالمية.محدثي أكد انه سمع كثيرا عن ممارسة بعض هؤلاء الشباب لطقوس غريبة من خلال الحفلات الجماعية التي يقيمها محبو هذا اللون الموسيقي فهم يدخلون في حالة من الهستيريا الجنونية والانسجام الكلي على إيقاع موسيقى الهارد روك والميتل الصاخبة فضلا عن أشياء أخرى لم يرد محدّثي الإفصاح عنها بحجة الحياء.
ورغم نفي بعض الفرق التي تحدثنا معها عن علاقتها بعبادة الشياطين وبأن اهتمامهم لا يتعدى مجرد التعلق بهذا اللون الموسيقي الشبابي لاغير تأتي تقارير رسمية كشفت عنها صحيفة quot;الصباح الأسبوعيquot;التونسية لتؤكد تمكن السلطات الأمنية في تونس من إلقاء القبض على أكثر من 15 شابا لهم علاقة بقضية quot;عبدة الشيطانquot;أغلبهم من طلبة الجامعات والمدارس كما وجهت لهم تهمة الانتماء إلى جمعية غير مرخص لها وبينت التحريات ان هؤلاء اتخذوا أماكن منعزلة في جهات متفرقة من العاصمة لإقامة حفلاتهم في كنف السرية وممارسة طقوسهم المتمثلة في الرقص على أنغام الهادر روك الصاخبة وذبح الكلاب والقطط السوداء وشرب دمائها وأضافت الصحيفة أن أفراد هذه الطائفة السرية يقومون بوضع عصابة سوداء على معصم اليد اليمنى وارتداء ملابس وقبعات سوداء تحمل شعارات غريبة كالجماجم والهياكل العظمية ورموز مختلفة كما أنهم يستعملون في مابينهم أسماء غريبة مثل quot;عزرائيلquot;ولهم إشارات خاصة بهم على غرار إشارة اليد اليسرى بوضعية رفع السبابة والخنصر وضم الإبهام عليهما.