دبي: إذا كنت من عشاق موسيقى الراب والهيب هوب، فكل ما عليك هو الذهاب إلى أحد محلات بيع التسجيلات، وشراء موسيقى لـ quot;توباكquot;، أو quot;50 سينتquot; أو غيرهما من المغنين الذين بدأت موسيقاهم في إحدى ضواحي هارلم في نيويورك. وكل ما سبق ذكره يعد أمرا عاديا، لكثرة عدد المغنين الغربيين، ولاعتياد الناس على سماع الراب باللغة الانكليزية.
ولكن، ماذا لو تسللت إلى الآذان أغاني الراب باللغة العربية، ومن قلب مناطق تعرف بانتشار العنف فيها، كالضفة الغربية وقطاع غزة؟ وهنا، سيكون أمرا غريبا بالفعل، لأننا لم نعتد على شاب أو شابة عربيين تأليف هذا النوع من الموسيقى وغناءه، لأنه لا يمت بصلة غلى الثقافة العربية.
إلا أن فيلم Slingshot Hip Hop قد يخالف هذا الرأي، ليطلق فكرة مفادها أن موسيقى الراب والهيب هوب لا ترتبط بزمان ومكان معينيين، بل هي مرتبطة بمعاناة الإنسان والظلم الذي يقع عليه. الفيلم، الذي عرض مؤخرا في مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورته الخامسة، يدور حول ثلاثة مجموعات من الشباب الفلسطينيين الذي يطلقون على موسيقاهم اسم quot;الراب الفلسطينيquot;. وهذه الفرق هي فرقة quot;دامquot;، وPR، وMWR، وهي مكونة من شبان من كل من اللد، وقطاع غزة، والناصرة على التوالي.
الفيلم، الذي أخرجته جاكي سلوم، يدور في قالب توثيقي لحياة هؤلاء الشبان اليومية، وكيف كبرت موسيقى الراب معهم، لتصبح سلاحا جديدا يستخدمه الفلسطينيون للدفاع عن حقوقهم أمام العالم أجمع.
وحول الفيلم، قالت جاكي سلوم في لقاء خاص مع CNN بالعربية: quot;الفكرة أصبحت مرغوبة جدا لدى الشعب الفلسطيني في الداخل، فالبعض قد يعتقد أن الفلسطينيين محافظون جدا لدرجة تمنعهم من استقبال هذا النوع من الموسيقى.quot;
وأضافت سلوم: quot;المفاجأة غير المتوقعة جاءت من غزة، حيث إنني اعتقدت لوهلة أنني سأواجه معارضة شديدة، وسلبية من قبل السكان هناك. إلا أنني وجدت العكس، حيث إن أهل غزة اندمجوا مع هذا النوع من الموسيقى، خصوصا الصغار منهم.quot;
والفيلم يدخل في الجو العائلي لهؤلاء الشباب، ليبين تشجيع الأهل لهم، وعدم ممانعتهم أن يتجه أبناؤهم في هذا الاتجاه.
إلا أن الرفض الحقيقي يأتي من أهل الفتيات اللاتي يسعين إلى غناء هذا النوع من الموسيقى. فعبير على سبيل المثال، تسعى إلى الظهور على خشبة المسرح برفقة فريق quot;دامquot;، إلا أن الظروف الاجتماعية المحيطة بها تمنعها من ذلك، وهو ما يحزنها بشدة لأنها تعتقد أن العالم أصبح أكثر حداثة وتقدما، حيث إن للمرأة أن تفعل ما تشاء تماما كالرجل.
وبالطبع، لم ينس الفيلم أن يغوص في الأحوال المعيشية السيئة لهؤلاء الشباب، فالاحتلال واستمرار الهجمات الإسرائيلية على غزة، مثلا، تمنع الشباب من اللقاء في ما بينهم، كما أن الظروف المادية الصعبة تعيق عمليات التسجيل.
الجميل في الفيلم كان نهايته، حيث حاولت جاكي سلوم أن تجمع بين جميع هؤلاء الشباب عبر الهاتف ليتعرفوا ببعضهم البعض، ويؤسسوا لفريق فلسطيني متكامل قد نرى ثماره ذات يوم.
وقد عرض الفيلم في مهرجان صن دانس الأميركي وحصل على قبول لم يسبق له مثيل من الجمهور المشاهد، الذي عبر عن افتخاره بمثل هؤلاء الشباب الذين يستعملون الموسيقى للتعبير عن آرائهم وأحلامهم.
واستقبال الجمهور في دبي للفيلم لم يقل عن صن دانس، حيث حاز إعجاب الكبار والصغار، الذين رددوا كلمات أغاني الفرق المشاركة في الفيلم على ألسنتهم، ليصبحوا بذلك جزءا متكاملا من عمل جاكي سلوم الرائع.
يذكر أن الفيلم كان قد رشح لنيل جائزة التحكيم الخاصة في مهرجان صن دانس السينمائي الدولي.