نسرين عجب من بيروت: quot;تعلم من حكمة الحصانquot;، قرأت سلام العنوان بابتسامة، فهي تعلم ان صديقها هادي لم يرسل لها هذا البريد الالكتروني عبثاً، خصوصاً بعد أحاديثهما المطولة عن نظرتها الى مشاكلها.
بدأت بالقراءة: quot;وقع حصان أحد المزارعين في بئر مياه عميقة ولكنها جافة، وأجهش الحيوان بالبكاء الشديد من الألم من أثر السقوط واستمر هكذا لعدة ساعات كان المزارع خلالها يبحث الموقف ويفكر كيف سيستعيد الحصان؟

ولم يستغرق الأمر طويلاً كي يُقنع نفسه بأن الحصان قد أصبح عجوزاً وأن تكلفة استخراجه تقترب من تكلفة شراء حصان آخر، هذا إلى جانب أن البئر جافة منذ زمن طويل وتحتاج إلى ردمها بأي شكل. وهكذا، نادى المزارع جيرانه وطلب منهم مساعدته في ردم البئر كي يحل مشكلتين في آن واحد؛ التخلص من البئر الجاف ودفن الحصان.
وبدأ الجميع بالمعاول والجواريف في جمع الأتربة والنفايات وإلقائها في البئر.

في بادئ الأمر، أدرك الحصان حقيقة ما يجري حيث أخذ في الصهيل بصوت عال يملؤه الألم وطلب النجدة. وبعد قليل من الوقت اندهش الجميع لانقطاع صوت الحصان فجأة، وبعد عدد قليل من الجواريف، نظر المزارع إلى داخل البئر وقد صعق لما رآه، فقد وجد الحصان مشغولاً بهز ظهره! كلما سقطت عليه الأتربة فيرميها بدوره على الأرض ويرتفع هو بمقدار خطوة واحدة لأعلى. وهكذا أستمر الحال، الكل يلقي الأوساخ إلى داخل البئر فتقع على ظهر الحصان فيهز ظهره فتسقط على الأرض حيث يرتفع خطوة بخطوة إلى أعلى. وبعد الفترة اللازمة لملء البئر، اقترب الحصان من سطح الأرض حيث قفز قفزة بسيطة وصل بها إلى سطح الأرض بسلام.quot;

كم مرة يصادف الشباب لحظات يشعرون فيها أن الحياة ستتوقف وعقارب الزمن ستكف عن الدوران؟ ولا تصادفهم هذه اللحظات فقط عندما يشعرون أنهم مهددون بالموت، ولكن هناك بعض المواقف التي تخلق عند بعض الشباب هذا الشعور، مثل خيبة الأمل!
يقال ان الزمن كفيل في تخطي خيبات الأمل، شرط أن يكون الانسان طموحاً وقوياً كفاية للنهوض من جديد، الا أن الزمن لم يكن كفيلاً ببلسمة خيبة أمل سلمى الصبية والتي أصبحت الآن سيدة ستينية، بل على العكس فهو مع كل يوم يمر يحفر مزيداً من الحزن في داخلها.

quot;كم ولد عندك؟quot; تسألها جارتها الجديدة، فتجيب الدمعة قبل ان تجيب هي بكلمات متقطعة: quot;ليس عندي أولاد. منذ سنوات عديدة وبعد انتظار لسنوات ولدت صبياً، لكنه توفي فور ولادته. حملت أكثر من مرة بعدها ولكني كنت في كل مرة أفقد الطفل، الى ان فقدت القدرة على الانجابquot;.

سلمى فقدت الأمل نهائياً في أن تصبح أماً ولكن هناك بعض خيبات الأمل التي تكون مرحلة وتمر، خصوصاً في حياة الشباب، وحكايات وحكايات لا تنتهي يروونها عن تجاربهم.

quot;اول خيبة أمل كانت عندما انهيت دراستي الثانوية بتفوق وحصلت على منحة لاكمال دراستي الجامعية في فرنسا. لم تكن الدنيا تسعني من الفرحة عندما علمت، ولكن كانت الصدمة عندما رفض اهلي السماح لي بالسفر خوفاً عليّ. تقول لبنى (29 عاماً)، وتتابع: quot;هذه القصة منذ 12 عاماَ، وأثرت فيي كثيراً وقتها، ولكن الآن وبعد أن أخذت شهادة الدكتوراه في الحقوق من جامعة في بلدي، وبعد أن أصبح سجل حياتي حافلاً بخيبات الامل من هنا وهناك، أصبحت أتقبل خيبة الأمل بوعي ونضج، وبدل أن تحد من طموحي أصبحت تحفزني للتحديquot;.

صدمة لبنى كانت أكاديمية أما صدمة أسامة (30 عاماً) فعاطفية، ويشرح: quot;قرر أحد أصدقائي تعريفي على صديقة مشتركة، فدعاني الى زفافه ليكون مناسبة عفوية للقائنا. تعرفنا وأعجبت بها كثيراً، وعندما حاولت التواصل معها لاحقاً تبين لي أن صديقاً لي اعجب بها في نفس المناسبة وأعجبت به وقررا الارتباط. لا أنكر أن خيبة أملي كانت كبيرة في البداية ولكني تخطيتهاquot;.

اذا كان أسامة ناضجاً كفاية لتخطي خيبة أمله العاطفية، فالحال مختلف مع طارق (35 عاماً) والذي حولته صدمة عاطفية الى شخص غير موزون، يردد على كل من يلتقيه جمل مبعثرة مفادها ان حبيبته تركته من دون اي سابق انذار وتزوجت سواه. وتشرح والدته والدموع تملأ عينيها: quot;الصدمة كانت أقوى من قدرته على التحمل فخسر أثمن ما يملك.. عقلهquot;.
قصة الشباب مع خيبات الأمل كثيرة وكل ما طُرق باب ذكرياتهم تخرج منه قصص وقصص، تحيي فيهم احياناً لحظات مزعجة. هذه الخيبات تدفع بعضهم الى التوقف مع ذاتهم يسألون لما حصل ذلك؟ ولكن عندما ينظرون حولهم يجدون انهم ليسوا وحدهم، فيسترجعونها بابتسامة، خصوصاً بعد مرور زمن عليها. الم يقل نابليون بونابرت: quot;كنت أرد بثلاث على ثلاث: من قال: لا أقدر قلت له: حاول. ومن قال: لا أعرف قلت له: تعلم. ومن قال: مستحيل! قلت له: جرّبquot;.