نسرين عجب - بيروت: quot;إرتكبت أخطاء كثيرة في حياتي، بعضها كان درسًا مهمًا لي وبعضها الآخر دفعت ثمنها غاليًا. وقد يكون من أكبر الأخطاء التي ارتكبتها في حياتي قرار الإرتباط الذي اكتشفت بعد أربع سنوات أنه أسوأ قرار أتخذه في حياتي، تقول رينا (30 عامًا) بابتسامة ساخرة. وتتابع: quot;كنت أظن أن المليح يقابل عادة بالمليح، ولكن تجربتي بينت لي أني مخطئة جدًا. ومع أن هذه التجربة حولتني الى انسانة حذرة من الآخرين، الا أنها أنضجتني كثيرًا وجعلتني أقوى على مواجهة صعوبات الحياة.

كم من الأخطاء نرتكب في حياتنا؟ وكم من الأثمان ندفعها نتيجة لهذه الأخطاء؟ فمن منا لم يندم على قرار اتخذه يوماً؟ ومن منا لم يتمنَّ في لحظة من اللحظات أن تعود عقارب الزمن الى الوراء عله يستدرك خطأ ارتكبه، والذي غالباً ما يكون ناتجاً من جهله لعواقب الأمور. وكما قيل: quot;الانسان عدو ما يجهلquot;.
قد يكون الشباب هم الأكثر عرضة للأخطاء، فهذه المرحلة هي من أهم المراحل في حياة المرء وأكثرها حيوية، ففيها يختبر الحياة ويكون أكثر عرضة لاتخاذ قرارت قد لا تكون صائبة، خصوصًا مع نزعة التمرد التي تنطبع بها شخصيته.

quot;رغم اعتراض أهلي، أصريت على السفر الى أميركا بطريقة غير شرعية بعد أن أقنعني رفاقي أني بذلك سأحقق طموحي وابني مستقبلي بشكل جيدquot;، يشرح زياد (35 عاماً). ويرفع كتفيه ويحرك يديه باشارات تدل على الحسرة ويتابع: quot;الا اني اليوم أندم كثيراً على قراري، فعدا عن أني لم أحقق طموحي، فأنا لا أعرف الاستقرار وأعيش بقلق دائم من انفضاح أمري. ولكن الندم لا ينفع الآنquot;.
وفي السياق عينه، يقول ريان (30 عاماً): quot;أخذت قرارت خاطئة كثيرة في حياتي، ولكن أكثر ما أندم عليه قراري بالتخلي عن حبيبتي لأجل السفر الى الخارجquot;. ومع أنه أسس شركة وحقق ما كان يصبو إليه على الصعيد المهني، وعلى الرغم من مرور سنوات ولكن الذكريات تعيده الى الماضي ويتمنى لو أنه لم يرحل.

واذا كان زياد وريان يندمان على سفرهما، فسامر (27 عاماً) يندم لأنه قرر ترك وظيفته في السعودية والعودة الى لبنان. ويسهب في شرح معاناته: quot;جهدت حتى حصلت على موافقة مديري على استقالتي، ويوم استلمت أوراقي واطمأنيت الى عودتي بدأ العدوان الاسرائيلي على لبنان في تموز 2006. انتهت مدة اقامتي وكنت مجبراً على ترك السعودية فيما مطار بيروت كان مقفلاً، فلم يكن أمامي سوى السفر الى سوريا حيث عانيت كثيراً قبل أن استقر في منزل أحد أقاربي حتى انتهت الحربquot;. ويعلّق: quot;عواقب قراري لم تنته عند هذا الحد، فأنا منذ ذلك الوقت شبه عاطل عن العمل. واستطيع القول انه كان من أكبر أخطاء حياتيquot;.

تختلف الأخطاء باختلاف طبيعة حياة كل شخص. وتروي دينا (32 عاماً) حكايتها مع القرارات الخاطئة: quot;أغراني العمل وتركت الجامعة وأنا في السنة الثانية، ثم تزوجت وتركت العمل. الا أن زواجي لم ينجح وتطلقت رغم أني رزقت بطفل، مما صعب عليّ الأمور أكثر. ولكن قراري الخاطئ في مطلع شبابي انعكس عزيمة واصراراً، فعدت الى الجامعة وحصلت على شهادتي في الحقوق، وأعمل الآن كمحاميةquot;.
خلاصة القول، لا يخطئ الا من لا يعمل، والأخطاء هي التي تعلّم الانسان شرط أن يعرف خطأه ولا يقع فيه ثانية لأن quot;من اعترف بجهله فقد انكشف مرة. أما من لم يعترف فقد انكشف مراتquot;. وكما قال بوهمه: quot;وجد الشر ليكشف عن الخير، كما يكشف الاناء المعتم ضوء الشمسquot;.