رائدة التدوين السعودي التي رحلت في ال 25 من عمرها
رسالة إلى الله .. كتبتها وهي على عتبة الموت وبعثتها منquot;باب الجنةquot; فكان اللقاء


أمل الخميسي من الرياض: كان ظهور الراحلة هديل الحضيف، كمدونة باسمها الحقيقي في مرحلة تشهد بداية انتشار التدوين في السعودية، وفي مجتمع محافظ كالمجتمع السعودي، بداية قوية

هديل الحضيف في طفولتها
عزعت الكثير من النمطية التي كانت سائدة وأعطى الشجاعة لعدد من المدونات السعوديات ليحذوا حذوها ويعلن عن هوياتهن في فضاء الإنترنت والتدوين العربي.

هديل لم تكن مدونة فقط ، بل إضافة إلى ما تمتعت به من ثقافة وخلفية أدبية فهي قاصة صدرت لها مجموعة قصصية بعنوان ظلالهم لا تتبعهم ، أيضاً قامت بتأليف نص مسرحي حصل على جائزة وقُدم على مسرح جامعة الملك سعود ولم تتمكن من حضوره بسبب نظام الفصل بين الجنسين المعمول به في السعودية ، قبل عرض مسرحيتها quot;من يخشى الأبوابquot; قالت هديل: quot;سأتسول مشاهدين (رجال) ينقلون لي كيف تم تنفيذ مسرحيتـي، على أمل أن يأتي اليوم الذي أحضر فيه فعالية ثقافية، من دون أن يثير وجودي أو وجود أي امرأة حساسية البعضquot;.

نشاط هديل كان لافتاً ، فهذه الفتاة التي غادرت الحياة عن عمر يناهز ال ٢٥ سنة صاحبة مدونة quot;باب الجنةquot; كانت تدون بمختلف المواضيع وتناقش القضايا الفكرية ، الاجتماعية ، السياسية ، بوعي وإدراك يتجاوز عمرها بكثير وبطريقة أثارت استغراب الكثيرين وإعجابهم ، وبجرأة مهذبة لا يمتلكها الكثيرون .

مدت هديل يد المساعدة للكثير من المدونين في الوطن العربي ونقلت إنتاجهم بمدونتها كتضامن مع كل مدون يستحق ، كما لم تتوان عن الدفاع عن المدونين المعتقلين عن طريق مدونتها أو عن طريق إنشاء تجمعات بالفيس بوك للمطالبة بتحريرهم ، وقدمت محاضرات حول التدوين للفتيات في السعودية كما شاركت في العديد من الندوات المتعلقة بالتدوين .

آخر تدويناتها كانت بعنوان : quot; (انشقاق) يدشن العهد الحر! quot; تتحدث بها عن أهمية الإعلام الجديد المتمثل بالوسائط الالكترونية وأنه بداية للعهد الحر للصحافيين ثم تقول:quot;يا أعزاءنا في الصحافة التقليدية، العهد للصحافة الحرة، البعيدة عن أجندات رؤساء تحريركم، وأعضاء مجالس إداراتكم، فإما أن تسايروا الركب، أو تتخلفوا!quot;

مدونة باب الجنة
صباح يوم الجمعة، 16/5/2008م غيب الموت المدونة هديل الحضيف عن ٢٥ عاماً بعد غيبوبة مفاجأة امتدت ما يقارب الشهر عندما ذهبت للنوم في أحد الأيام ولم تستيقظ بعدها أبداً، أثناء غيبوبتها أجمعت المنتديات الإلكترونية والمدونات وعدد من كتاب الصحف على حب جارف لهديل..فلم تنقطع المواضيع التي تدعو لها بالشفاء بإلحاح وبشكل امتد واستمر طوال غيبوبتها بصورة أثارت فضول كل من لا يعرفها ، خصوصاً بعد ما أثاره والدها الأديب والدكتور محمد الحضيف عما واجهه من مصاعب وامتناع المشافي الحكومية عن توفير سرير لهديل ما أثار غضباً شعبياً فرض تدخلات عديدة حتى تم توفير السرير لهديل لكنها فارقت الحياة بعدها.

أغلق المدونون مدوناتهم لمدة ليست بالبسيطة حدادًا على رائدة التدوين في السعودية (هديل الحضيف) بعد وفاتها ونعاها العديد من الصحف وكتب عن تجربتها العديد من الكتّاب حتى أنّ صحيفة التايمز تحدثت عنها، وأجرت قنوات عدة تقارير مصورة عنها، وعما خطته أناملها في المدونة، وسيتم إطلاق جائزة عالمية للتدوين سميت : quot;جائزة هديل العالمية للإعلام الجديدquot; مطلع العام المقبل 2009م، وهي جائزة عالمية، تهدف إلى اكتشاف، و تحفيز، وإبراز المواهب الإبداعية العربية، في مجال الإعلام الجديد. قالت ذات مرة في إحدى تدويناتها quot;رسالة إلى اللهquot; كتبتها والموت يقف على بابي تمامًاً، والحياة تأفل، وتتلاشى، ولم يبق لي سوى استسلام يأخذني للنهاية مباشرة. كان نهارًا أخيرًا، لولا أن الله قرر أن يمنع ملك الموت قبل العتبة الأخيرة للمقصلةquot; كانت هديل رحمها الله متقبلة لفكرة الموت وتذكرها في الكثير من كتاباتها وكأنها تخبرنا بمقولة ( من يتقبل الموت بسهولة ليس بائساً)..وقد كانت فعلاً كذلك.

وقد تناولت العديد من المحطات التلفزيونية والصحف السعودية والعربية حياة هديل الحضيف، وسلطت الأضواء على مدونتها باعتبارها من اهم المدونات السعودية، وكتبت عنها الكثير من التقارير والتحقيقات الصحافية، وفي ما يلي بعض ما عرضته القنوات عن هديل الحضيف.


http://www.youtube.com/watch?v=tt8aAf9AEx0
http://www.youtube.com/watch?v=zM9RE5w--1I
http://www.youtube.com/watch?v=IIX3ygKamb0

من كتاباتها :

رسالة إلى الله

هذه رسالة إليك يا الله .. لن يحملها سعاة بريد، ولن يوصلها إليك الرسل المنتشرون بين السماء والأرض.. هذه رسالة إليك مباشرة.. بلا وسطاء .. يا الله.. لم تكن المرة الأولى التي أشعر بك قريبا إلى حد أن تحيط بي، وأن أكون في عينك، وما استغربتُ أن تفتح الأبواب لصلواتي التي ما فتئتُ أرفعها إليك منذ أن تشعبت بي الطرق، وغدا اختيار أحدها موتا لا مهرب منه. كلما حذفتَ من أمامي خيارا، وقلصتَ مساحات الحيرة المترامية، آمنتُ بك أكثر، وآمنتُ بأن دربي الذي أسير فيه صحيحا، لأن ما من أحد غيرك يستطيع أن يتدخل في اللحظات الأخيرة، ليحول بيني وبين ملك الموت. اليوم كنت أبكي، وكانت عشرات الوجوه في المرايا الصغيرة الموزعة على جدار السلّم المهجور.. تبكي معي، ساكبة دمعها في قلبي، وبينما أنا أحاول صنع دعوات تليق لأرفعها إليك، مضت تلك الوجوه الكثيرة تتوسل إليك يا الله أن تلهمني نورا أسترشد به قبل أن يحيق بي الظلام. كنتُ أعرف يا الله أنك لن تتركني، وأنك ستكون معي كما تفعل دائما، لكن أن تقف بعتبة بابي، وتغمر روحي بالماء دون سابق إلهام، فهذا ما لم أخطط له، ولم تكن سجداتي المكرسة للدعاء تطلبه، أو تطمح إليه.. أنا هنا يا الله، مجردة من كل شيء، إلا من مطر ينهمر من سمائك، ومن شكر لا يليق إلا بك، ولا أفيك رغم كل ذلك. شكرا لك يا الله، لأني في كل مرة أحاول الصعود إليك، تنزل إليّ، وتهمس في أذني: ldquo;لستِ وحدكِrdquo; .. وما كنتُ يوما وحدي يا الله.. وأنت معي..

****
أي بيدق أنا ؟

عندما أرى صراعات تتوالى بين تيارات مختلفة في هذا البلد، كل تيار يتحدى الآخر، كل فئة تحاول أن تحصد نقاطها عبر تنفيذ أجندتها الخاصة، ولكٍل جمهوره وأتباعه؛ ينتابني سؤال كبير: نحن الذين نؤمن بقضايا ونتبنى الدفاع عنها، ونخوض المعارك من أجلها، هل نجد الدعم من الآخرين لأنهم يؤمنون بالقضايا ذاتها ؟ أم لأننا ورقتهم في ربح المعركة الحالية، ومتى ما احترقنا، سيجدون أوراقاً جديدة يلعبون بها؟ حينما يستوقفني خبر ما، وأجدني أتبنى رأياً حياله سواء كان معه أو ضده، أقف لوهلة، وأفكر: هل موقفي هذا صادر من قناعة وإيمان أو لأن آخرين أرادوا مني أن أتبنى هذا الموقف؟ هل حديثي في هذه المدونة جزء من لعبة كبيرة أنا لست سوى أداة دون أن أدرك ذلك؟ يرعبني أن أكون بيدقاً في يد لا أعرفها، يرعبني أن تكون آرائي صدى لغيري دون وعي مني، ويجعلني أحياناً أعيد النظر في جدوى الكتابة، وجدوى القضايا التي أؤمن بها، وجدوى كينونتي ككل! ******