قد تتشابه البدايات، ولكنها تودي بنا إلى نهايات مختلفة وقد لا تحدث النهاية كما توقعنا لها، على الرغم من أننا حاولنا جاهدين أن نبدأ الحكاية من أول السطر إنها سُنَّة الكون في الاختلاف والتغير وعدم استطاعة ملاحقة الأحداث، ولا توقع النتائج دائماً؛ فاسم المستخدم هو أنا أو أنت، أما كلمة السر فهي التغيير والاختلاف.
ولكن هل الإنسان خارج هذه المنافسة.؟
لا أعتقد
فالتغير سنة الكون؛ فكيف بالإنسان الذي هو جزء منه أن يكون ثابتاً...؟!
في اعتقادي أن التغيير ليس فورياً، وإن كان في أحيان كثيرة يكون لافتاً، ولا يتزامن مع ُنضج ملامحنا، من الميلاد للطفولة للشباب.. إلخ.
لأنه يحدث في العمق وينتظر الوقت المناسب للإعلان عن حضوره. وكما نولد بملامح quot;منمنمةquot; بريئة ثم مع السنوات تتضح تلك الملامح وتكبر وتشيخ، كذلك نتغير من الداخل؛ نتيجة للمواقف والخبرات التي تمنحنا إياها الحياة، وكذلك المحن والأزمات..
ولكن
هل من الممكن أن أتحول من النقيض للنقيض أن أتميز اليوم بصفة البخل، وغداً أتحول إلى أعلى السلم الهرمي من الكرم؟
لا أعلم، ولكن لحظة اكتشاف ذاتك تنتظر منك الالتفات لذلك الضوء المباغت والقوى عندما يأتيك لتتأمله لا لتهمله،ومن ثم تبدأ بالتعرف على ماطرأ عليك وتعطيه حق التعايش معك على أرض الواقع.
فلست من ثوابت الحياة؛ فلا تعطي صفة الموت للحياة..
نعم نولد ولدينا صفات ملائكية، ولكن أيضاً في داخلنا بعض من خصال الشياطين، وهنالك استحالة الاستمرار ملاكاً، مهما حدث..
نعم قد نمتلك حائط صدٍّ ضد بعض الأزمات، وقد نستطيع ستر بعض ما يواجهنا؛ لأن هذا هو الأصل، ولكن صفة الإنسانية تجعلنا قابلين للطرق والتعديل في أي لحظة، ومع انطلاق إشارة البدء.
نعم هنالك صعوبة في التحول من النقيض إلى النقيض، لكن من المؤكد أن هنالك طريقاً ينتظر منا هذا التحول الممكن..
وإلا لماذا َيقتل الشخص خلال ثانية ويصبح مجرماً وهو الخائف دائماً من مشهد الدم؟!
لماذا الخيانة جاءت من شخص مشهود له بالوفاء؟
.. والتوبة والقرب من الله للمشهور بالفجور؟
أحياناً يكون التغيير جذرياً للدرجة التي تصدمك..
وحتى الثبات عندما يكون دائماً أيضاً يصدمك..
مؤكد.. كنت وما زلت ذلك الإنسان، تغيرت ملامحي، ولكني أستطيع أن أميز ما بداخلي وأضع يدي على ما وضح وتغير وانمحى، تبدلنا المواقف؛ فتزيدنا صلابةً وقدرةً على المواجهة أو الخوف منها، تبعدنا أو تقربنا من الله؛ فننزوي بعيداً أو نتلامس مع براءتنا الأولى.. التلقائية.. حسن الظن المفرط.. نكون أشباه طفولة quot;عند العجزquot; أو أكثر قرباً من كهولة في quot;عز الشبابquot;.
نحاول أن نتعامل برفق أكثر مع ذاتنا، أو قسوة دون داع لتلقين الدرس، لكن لا نظل في ثبات داخلي، نفسياً كان أو سلوكياً..
كثيرة هي المتغيرات التي تواجهنا ونواجهها بمزيد من تغيير الجلد؛ لنكون أكثر مواءمةً وأطول مدةً للصلاحية مع متغيرات الحياة.
إلى لقاء

أحلى الكلام:
quot;لماذاquot; في عالم الحرية تقود إلى عالم المعرفة..
وفي عالم القيود تقود كلمة quot;لماذاquot; إلى عالم آخر.
نوال السعداوي