لست ممن يعتقدون أن تراكمات الأزمات والكوارث العراقية يمكن& معالجتها جذريا بين عشية وضحاها، أو حتى في عام أو أعوام قليلة. فنظام المحاصصة، وتحديات الوحش داعش، وما خلفته سياسات المالكي الإقصائية والطائفية، وانتشار الفساد في عهده، وسطوة المليشيات، وتفجيره للأزمات مع كردستان وغير ذلك، لا يعالج بسرعة وبمعجزات- لاسيما إذا أضفنا لذلك كله مخلفات العهد الصدامي من خراب بشري& وسياسي. هذا ما كتبته بعيد تكليف الدكتور العبادي بالمسؤولية الأولى وعشية تشكيل الحكومة الجديدة.
إن التغيير المنتظر، القائم على روح المواطنة والقيم والمبادئ الديمقراطية والإنسانية، لا يستدعي فقط الإرادة الخيرة والحازمة للحاكم، بل، وأيضا دعما شعبيا قويا وخارطة طريق واضحة وحكيمة تبدا بمحاولة ذكية لتقليص وطأة المحاصصة للخلاص منها على مراحل. كما يستدعي التخلص من سطوة المليشيات والعمل لبناء جيش وطني الولاء، وعدم الرضوخ للحسابات والألاعيب الإيرانية. وقد أيدت اقتراح الدكتور غسان العطية بجعل الوزارات الخدمية خارج نظام المحاصصات الطائفية والعرقية كخطوة& أولى في الطريق للقضاء على هذا النظام كله.
كثيرون يؤكدون حسن نوايا العبادي ورغبته في الإصلاح، ولكن النظام التحاصصي كان ٌأقوى منه، والمسؤولية على جميع " المكونات" الفاعلة في الساحة. وبرغم اضطرار إيران للتراجع عن التشبث بالمالكي رئيسا لمجلس الوزراء، فإنه عاد بدعم إيراني من الشباك كنائب لرئيس الجمهورية، يصول ويجول، ويحرك ضد العبادي، ويضع الألغام، مستغلا المليشيات والذين كانوا منتفعين من عهده البائس. ولم تقف العراقيل والفخاخ عند هذا الحد، بل نجحت إيران والمالكي في أن تحتل مليشبا بدر الإيرانية أهم منصب أمني، أي وزارة الداخلية. وهذه المليشيا هي اول من أشارت إليها أصابع اتهام المنظمات الانسانية الدولية باقتراف جرائم حرب على أساس طائفي تحت ستار محاربة داعش.. ونذكر بهذا الصدد المعلومات المثيرة للجنرال كيسي [ قائد القوات الأميركية في العراق بين 2004- 2006 ] عن حادث اعتقال مجموعة من فيلق القدس مع مجموعة بدرية، وكيف وجدوا في المكان سجلا دقيقا بالأسلحة الإيرانية، وكيف كانت هناك خارطة معلقة لبغداد& مؤشر فيها على أماكن تواجد المسيحيين والسنة ، أي لممارسة التطهير المذهبي والديني. ومليشيا بدر اصطدمت مؤخرا في طوز خورماتو بالبشمركة، ومن قبل دورهم مع كتائب الخزعلي في الاستيلاء على ممتلكات المسيحيين في بغداد. إذن، فقادة بدر هم اليوم المؤتمنون على أمن المواطن العراقي وأمن العراق- طبعا، نيابة عن قاسم سليماني، الذي تنبأ للتو بفشل الأميركيين في دحر داعش. وتصريحاته تأتي بعيد تصريحات إيرانية رسمية تؤكد أن لا امن في المنطقة بلا إيران. وكان عليهم ان يكملوا بالقول " لأن إيران هي اول من يفجر الأزمات في المنطقة ولأن لنا ضلعا في كل منها."&&
&