في تعامله مع موضوعة الإسلام السياسي يتجه الباحث الألماني(المصري الأصل) حامد عبد الصمد في كتابه ( الفاشية الإسلامية) الصادر حديثا باللغة الألمانية، إلى النقد والتحليل المعتمد على الصراحة والوضوح حد الصدمة. لا يتردد في انتهاك حرمة quot;المسكوت عنهquot; في الإسلام، سائرا دون اكتراث في تشريح التاريخ والفقه الإسلاميين، متعمقا نحو المنابع، مشيرا إليها بأصابع الاتهام، قائلا إن فيها أس القضية ومكمن quot;العطبquot; المسؤول عن كل quot;التجلياتquot; المعاصرة. والكتاب، هو الرابع في سلسلة الكتب التي أصدرها الباحث في مواضيع متقاربة هي: مستقبل العالم الإسلامي، التحولات الأخيرة في العالم العربي، والإسلام السياسي أو quot;الفاشية الإسلاميةquot; كما عنوّن كتابه الأخير، دون مواربة أو رتوش. وقد احتلت كل تلك الكتب حيّزا متميزا في الساحة الثقافية الألمانية، وكانت من بين أكثر الإصدارات مبيعا، وكذلك، في رأي الكثيرين، أكثرها جديّة وجرأة في بحث وتحليل مشاكل ومعضلات العالم الإسلامي، سيما والباحث كان يلجأ دائما إلى الخوض في انعكاسات هذه المشاكل على المجتمعات الغربية الأوروبية عامة، والمجتمع الألماني على وجه الخصوص.
فتوى القتل التي تحولت لهجمة مرتدة قوية:
فكرة الكتاب جاءت إثر فتوى بالقتل أصدرها بحق الكاتب بعض رموز السلفية المصرية، بعيد إلقاءه محاضرة في القاهرة في 4 يونيو 2013، حول quot;الفاشية الدينية في مصرquot;. وكان حامد عبد الصمد، في الفترة الأخيرة، يطوّر من آرائه حول ظاهرة الإسلام السياسي، ويغوص في الجذور والحوادث التاريخية، مقارنا ومحللا، ضمن مشروع فكري خاص به، بدأت ملامحه تتشكل بوضوح. ويبدو أن الباحث لم ينتبه للتغيير الذي حدث في مصر، ووقع ـ في غمرة التحليل والرصد وربما الانتشاء بانهيار منظومة حسني مبارك ـ في quot;المحظورquot; الذي رفع الإسلاميون( سلفيين وإخوان) من سقفه كثيرا بعيد التحولات الأخيرة، ووثوبهم على الحكم في مصر أم الدنيا. فالفتوى التي طالبت علنا بقتل حامد عبد الصمد، أطلقها أبو اسحق الحويني، وهو أحد رموز السلفية في مصر، ولديه أنصار بين شبكات السلفية الجهادية في الغرب، وفي ألمانيا كذلك. ورغم ان الهدف كان ردع وترهيب الباحث لثنيه عن الموضوع، لكن العكس هو ما حصل. فقد عاد عبد الصمد إلى ألمانيا، وبدأ بالبحث في الفكرة التي خاض فيها بشكل عام في محاضرة القاهرة العابرة، ليخرج بكتاب/بحث أوسع حول الظاهرة. أراد حامد عبد الصمد التوسع في الموضوع، حيث إن quot;معظم الكتب في مجال الإسلام السياسي والأصولية لم تكن جريئة في تشخيص الحالة، ولم تشر إلى جذور المشكلة، لذلك كان لا بد من البحث والنشرquot;، كما قال في برنامج حواري معه بٌث على إحدى المحطات الألمانية.
ورغم ورود بعض الآراء بأن المؤلف أراد استغلال فتوى القتل من أجل تحقيق المزيد من الشهرة والحضور، عبر نشر كتاب quot;مستقلquot; مطوّرا القضية ومتشعبا فيها، إلا أن القارئ المحايد للكتاب، من الذي تابع مؤلفات عبد الصمد السابقة وتمعّن فيها، سيكتشف بأن الكتاب الجديد هو بحث جديد منفصل ورصين، بل يٌعتبر ـ من وجهة نظر كاتب هذه الأسطرـ أهم بحث علمي وفكري حققه عبد الصمد في مشروعه حول الإسلام السياسي، بخلاف بقية المؤلفات، ومنها الكتاب الأول( وداعا أيتها السماء) السيرة الذاتية للباحث، والتي تضمنت التحولات الوجدانية والفكرية التي عاشها منذ مجيئه إلى المانيا، وقراره ترك عالم الدين الغيبي وquot;اعتناقه العلمquot; كما قال، حيث الجرأة الكبيرة في فضح المجتمع وتناقضاته. ذلك الكتاب الذي أحٌتفي به أيضا في الساحة الثقافية الألمانية، رغم أن مؤلفه شاب لم يكن يبلغ الأربعين، وبدا من المبكر الحديث عن quot;سيرة ذاتيةquot; وquot;تجربة حياتيةquot; تخصه، إلا أن التحّول كان quot;نهائياquot; في ترك هذا الشخص المصري، العضو السابق في جماعة الإخوان المسلمين، ونجل إمام الجامع والواعظ الإسلامي، للدين وانصرافه للعلم، حيث إنه أراد أن يٌشرك معه الناس في التجارب التي خاضها والتحولات التي مرّ بها. إذن حامد عبد الصمد لم يركب الموجة للشهرة أو quot;استغلال فتوى القتلquot; كما أشاع البعض، بل طرح بحثه الذي كانت quot;خميرتهquot; تختمر في رأسه بهدوء، عندما كان quot;يسايسquot; الإسلام السياسي في معقله، ويتحدث عن quot;الفاشية الدينيةquot;، فجاءت فتوى الحويني تلك لتستفزه، فكان أن رد بكل قوة وعنف، قاطعا quot;الشجرة من جذورهاquot; على رأي المثل الكردي.
جرأة الوقوف على quot;رأس النبعquot; وتتبع تفرعاته:
في الكتاب المقسم إلى 11 فصلا، يقارن الباحث فكرة الإسلام الأصولي بالإيديولوجية الفاشية، لا لكونهما ينبعان من المعين الزمان ـ مكاني نفسه، ولكن من حيث طريقة ونزعة الاختراق والتوسع، ومن حيث تشابه شروط التجنيد والولاء، وبيئة العمل وquot;الإيمان/النضالquot;. ويتوقف الباحث على بدايات الدعوة الإسلامية، الشق المديني منها خصوصا، حيث الدعوة وهي تحقق الانتصارات والسطوة والاقتدار بعد الانكسار والاندحار. كيفية تصفية الوجود اليهودي في جزيرة العرب، وهنا ناقش الباحث الحوادث التي وردت حيثياتها في كتب السيّر والأخبار الإسلامية، مشيرا إلى استناد الأفكار والأدبيات الأصولية الحالية على تلك الحوادث وquot;جرّهاquot; إلى الزمن الحاضر، من أجل انتزاع الشرعية وquot;المسند الشرعيquot; لها. حامد عبد الصمد يقول بأن quot;حراكquot; الحاضر ما هو إلا quot;تطبيقاتquot;، يٌجتهد أن تكون حرفية، لمجريات وquot;سياسةquot; الزمن الأول: كيفية مواجهته للمختلف والآخر، وشكل السياسة المتبعة مع هذا quot;الآخرquot;، والتي أصبحت قواعد واضحة وquot;مرجعياتquot; ثابتة للإسلام السياسي بجماعاته المختلفة.
يتمتع حامد عبد الصمد بقدر كبير من الجرأة والوضوح في طرح أفكاره، ونشر ما يختلج في عقله، فهو يتعرض إلى قدسية quot;النصquot; وquot;الدعوةquot; ويوسمهما بالمعين الأصيل للفكر الأصولي الفاشي النزعة!. ( الفصل الثالث: من إبراهيم إلى سيد قطب: جذور الفاشية في التاريخ الإسلامي). ففي هذا الفصل يخوض الباحث في مدارس الأصولية الإسلامية والآباء الأوائل لها، حيث التركيز على البيئة الاجتماعية والسياسية التي أخرجت كل من ابن حنبل وابن تيمية وابن عبد الوهاب و أبو الأعلى المودودي وسيد قطب. ودائما يكون المعين هو النص القرآني والسيّرة النبوية وتصرفات السلف الصالح...الخ. فبحسب حامد عبد الصمد فإن quot;الفاشية هي نوع من الدين السياسي، اتباعها يعتقدون انهم يحتكرون الحقيقة المطلقةquot; ص 19. والحقيقة المطلقة هنا موجودة وquot;مسوّق لهاquot; في النص المقدس الإسلامي، وفي السنّة النبوية، لكن التطبيقات تختلف من تنظيم لآخر. والكل يدعّي رجوعه إلى الأصول واعتماده على الشريعة وحدها. والإشارة إلى quot;رأس النبعquot; هنا، والبحث عنده عن الجذور الأصلية للعنف الحاصل حاليا، والتي تتقاطع مع quot;الفاشيةquot; بشكلها التقليدي المعروف في نسختها الغربية، جرأة لا يمكن القفز فوقها، ولا يسع المرء سوى تكرار الإعجاب بها، سيما ونحن نشهد كل هذا القتل بحق المختلف في الهوية الدينية والطائفية في الشرق الأوسط.
في رأي الكاتب فإن التنظيمات المعاصرة للإسلام السياسي، تعتبر كلها إنها تسير على هدي quot;الأصولquot; ولا تتمسك بسواها. بل وترفض الأسماء التنظيمية والتبعية الفكرية لهذا المنظّر أو ذاك، وتقول أنها تعتمد على quot;الإسلام الصرفquot;، فهي تعتبر الحالة المتردية للأمة quot;جزاء وعقابا من اللهquot; لانصراف المسلمين عن quot;تطبيق شريعة اللهquot; ورفضهم الركون لquot; حاكميته في الأرضquot;. بهذا الشكل من البحث، والإشارة إلى quot;نزعة العنف quot; وquot;الإقصاءquot; وquot;التصفيةquot; الموجودة في أصول/نصوص، و بدايات/مجريات الدعوة، زمن قيادة النبي محمد للدولة الإسلامية، يصبح حامد عبد الصمد الباحث العربي الوحيد ـ على حد علمنا ـ الذي يتعرض بهذا الشكل الواضح والمباشر للمقدس الإسلامي بالنقد الشديد والإشارات غير المواربة، بخلاف بحاثة آخرين، خاضوا تلميحا، في quot;جذورquot; العنف، في بدايات الدعوة التي انتشرت بحد السيف والتصفية، مثل: سيد القمني وخليل عبد الكريم وغيرهما...
محتكرو الحقيقة: لكل تنظيم لونه في موشور quot;الفاشيةquot;:
لا يعتمد الباحث فقط على الجانب النظري وتحليل سيّر وأخبار الدعوة ولا فتاوى الآباء الأوائل للأصولية الإسلامية، للاستدلال على quot;الفاشية الإسلاميةquot;، ولكنه يبحث في التاريخ الحديث لجماعات الإسلام السياسي ومواقف وسياسات الرعيل الأول. فيخوض في مواقف حسن البنا مؤسس الإخوان المسلمين من النازية والفاشية، وكيفية إشادته بكل من هتلر وموسوليني، quot; يكتب حسن البنا عن تجربة كل من هتلر وموسوليني فيقول: هتلر وموسوليني يقودان دولتهما إلى الوحدة والتقدم والسلطة. يقومان بالإصلاحات الضرورية في الداخل وإحقاق سمعة طيبة في الخارج. يبثان الأمل في الأفئدة، ويوحدان الشراذم تحت راية واحدة قويةquot; ص 36.
كذلك يخوض المؤلف في كيفية احتضان البنا وتنظيمه للشيخ أمين الحسيني، مفتي فلسطين وحليف النظام النازي لاحقا، ومحاولة البنا اقتباس quot;الانضباطquot; النازي في تشكيل quot;الجناح العسكري السري المسلحquot; للجماعة، فيذهب عبد الصمد بأن طريقة التفكير والعمل والشمولية في الأهداف وإخضاع الفرد للسيطرة وفرض الولاء الأعمى عليه، وإذابة شخصيته وفردانيته في التنظيم وquot;الافتداءquot; به من أجل quot;الهدف الأعلىquot;، لهو سمة مشتركة بين الفاشية الأوروبية والإسلام السياسي. نعم، لقد كان الإخوان المسلمون مأخوذين بنموذج هتلر في الحكم، وكانوا يحلمون بنفس قوة التنظيم والولاء الأعمى، وتوحيد المجزأ بقوة السلاح، وإخضاع الداخل وتذليل كل قوة خارجية. ومن هنا فإنه عموما وفي كل quot;مكان يستلم فيه الفاشيون والشيوعيون والإسلاميون السلطة يحولون المجتمعات إلى سجون كبيرة، ويراقبون المواطنين ويفرضون عليه لونا واحدا وإيديولوجية واحدة، يكون الخروج عليها ضربا من الخيانة يتطلب عقوبات قاسية، منها التصفية أيضاquot; ص 25.
ونظرا لهذه المشتركات فإن التحالف بين التنظيمات والأنظمة ذات التفكير والتوجه الفاشي لم ينقطع أبدا، وكان واضحا إبان الحرب العالمية الثانية، بين كل من quot;الفاشياتquot; الغربية، التي قتلت الملايين في الحرب العالمية الثانية، وبين quot;الفاشية الإسلاميةquot;ـ التي توضحت كثيرا في شخصية جماعة الإخوان المسلمين ـ والتي كانت تريد تعبئة كل الناس في quot;الأمةquot; وفرض لون واحد عليهم، وإلغاء الخصوصيات وتطبيق الشريعة، بالقوة والعنف طبعا. وقد تشعبت، لاحقا، من هذه الجماعة حركات ومجموعات مختلفة مارست العنف، ونشرت quot;الجهادquot; في كل بقاع الأرض، فقتلت الآلاف في quot;غزواتquot; انتحارية، طالت حتى عمق الغرب وحواضره...
وحديثا يشير الباحث إلى تجربة الإخوان المسلمين في مصر بعد quot;ثورة يناير 2011quot; وكيف إنهم أرادوا مصادرة الدولة وتطبيق رؤيتهم الشمولية وquot;إحياءquot; التنظيم القديم والوسائل القديمة ذاتها، بالاعتماد على الفكر ذاته، quot; الإخوان اعتبروا الديمقراطية في مصر حصان طروادة للقفز على الحكم. حولوا مصر إلى ساحة للجماعة، نادوا للجهاد في سوريا وبدءوا بإدارة الدولة وكأنهم يديرون جمعيةquot; ص 55 . لذلك لا يخفي الباحث في كتابه، وكذلك في المقابلات التلفزيونية والإذاعية والتصريحات الصحفية، موافقته على الانقلاب العسكري الذي أطاح بحكمهم، لأن quot;الديمقراطية لا تعني فقط صناديق الانتخاباتquot; و quot;كان يجب حماية ثورة الشعب المصري من استبداد آخر أراد الإخوان تطبيقهquot;، على رأي الباحث.
كذلك نقرأ نقدا لتجربة حزب العدالة والتنمية في تركيا، وانتقادا كبيرا للرهان الغربي على quot;الإسلام المرنquot; الذي كان رجب طيب أردوغان، رئيس الوزراء التركي، يمثل وجهه quot;الحضاريquot;، فيرى حامد عبد الصمد بأن تجربة أردوغان اتضحت معالمها الآن، بعد أن بات يعادي الديمقراطية والرأي الآخر صراحة، ويقمع الحريات وينشر في كل مكان أن quot;هناك مؤامرة من الغربquot; عليه، ينفذها خصومه في الداخل.
إذن فلا أمان مع تنظيمات الإسلام السياسي، حتى تلك التي تدعيّ quot;المرونةquot; وquot;الاعتدالquot;، ففي أول اختبار ديمقراطي تكشف عن وجهها الحقيقي ورفضها البنيوي اليقيني للديمقراطية وللرأي الآخر، مصرة على الهيمنة والاحتكار باسم الدين أو معادة الآخر quot;المتربص شرا بالأمةquot;. ونجد بان الباحث يؤيد فكرة التصدي بإطار قانوني صارم، لهذه التنظيمات و الجماعات. فهو أيدّ فكرة الانقلاب العسكري على جماعة الإخوان المسلمين، ويرفض سياسة الحزب الإسلامي الحاكم في تركيا quot;الذي يعتقل الصحفيين والمخالفين له بالرأيquot;، ويطالب بوضع حد لسياسة الرهان على quot;الإسلام المرنquot; في الخارج، وكذلك سياسة quot;الامتيازاتquot; التي تمنحها الحكومات الأوروبية للجماعات السياسية التي تدعيّ تمثيل الجاليات المسلمة.
الإسلام الأوروبي: حماية الأكثرية من شرور الأقلية quot;الفاشيةquot;:
يراقب حامد عبد الصمد منذ زمن تمدد الفكر السلفي الجهادي داخل الجاليات المسلمة في الغرب، وبشكل خاص في المانيا. يتابع مناهج التعليم والخطاب الإعلامي وخطب الجمعة، ويرى كيف تنمو الجماعات السلفية وسط الجاليات المسلمة وبشكل خاص الشباب منها. لذلك ينتقد سياسة الغرب وquot;قلة حيلتهquot; وهو يرى كيف يصادر السلفيون مستقبل الآلاف من الشباب المسلم المحبط ويستغلون حنقه وغضبه من التفرقة العنصرية، ومن واقع التمييز والتهميش المفروض عليه. ويرى الباحث كيف انعكست الأزمة في سوريا على الظاهرة السلفية وساهمت في ازدياد الاهتمام بها، مع تدفق المئات من quot;المجاهدينquot; للانضمام إلى منظمات quot;القاعدةquot; في هذا البلد المنكوب. كما ويحلل عبد الصمد أساليب عمل السلفيين وكيفية اصطيادهم للشباب المسلم المحبط، حيث الإغراءات الكبيرة، مع ملاحظة بنية الخطاب السلفي وأساليب عمله: إشعار الشباب المسلم بمدى أهميته وان الإسلام والأمة بحاجة إليه، وانه، باعتناقه للتطرف السلفي الجهادي، قادر على تغيير العالم، فتتسع الهوّة بين الحقيقة المرة: حيث البطالة والتمييز ورفض المجتمع الغربي، وبين المتخيّل السحري: حيث السلطة والأهمية والشعور بالقدرة الكبيرة على quot;تغيير العالمquot;، وإن quot;الإسلام بحاجة إليهquot;، والواجب الذي يناديه في quot;إنقاذ اخوة الإسلامquot; في هذه البقعة أو تلك من العالم الإسلامي. وأمام هذه المعادلة المختلة، لا يملك هذا الشباب سوى الانقياد للسلفيين والتحول لمسنن صغير في آلتها الكونية الكبيرة المسماة بالجهاد!.
ويطالب عبد الصمد السياسة الرسمية باتخاذ التدابير اللازمة للتصدي للفكر السلفي ومنعه من التمدد عبر سن قوانين رادعة تحد من مساحة الحرية quot;الكبيرةquot; الممنوحة له في تجنيد الشباب المسلم للجهاد ونشر الفكر السلفي بين الجاليات المسلمة، ص 186.
لكن الباحث يدعو، في نفس الوقت، المسلمين لتنظيم صفوفهم بشكل جيد والتصدي لكل من يحاول مصادرة مستقبل أولادهم وسوقهم نحو التطرف والقتل، ويحثهم أن يرفعوا أصواتهم ضد التطرف وألا يبقوا في موقع المتهم، منتقدا دور الجمعيات والمنظمات الإسلامية التي لا تتحرك سوى ضد سياسة الدولة في quot;التمييزquot; ضد المسلمين. كذلك، يرى عبد الصمد، إنه من المهم أن تتوقف الحكومات الغربية ومؤسساتها المعنية عن مخاطبة المسلمين عبر هذه المنظمات وعدها هي فقط من تمثلهم، بل اللجوء مباشرة إلى المسلمين، وحل مشاكلهم بعيدا عن quot;التسييسquot; الذي تحاول هذه الجمعيات والمنظمات الاستفادة منه لتحسين موقعها ونشر خطابها، ص 197.
وفي نهاية الكتاب يقتبس الباحث جزءا من حوار دار بينه وبين المفكر السياسي الأميركي فرانسيس فوكوياما، صاحب نظرية (نهاية التاريخ)، فيسأله عن رأيه حول quot;نهاية الإسلام السياسيquot; فيجيب فوكوياما بأن حالة الإحباط والغضب لدى الشباب المسلم، بالإضافة إلى التردي الاقتصادي وفشل التنمية، سوف يزيد من قوة وحضور الإسلام السياسي الجهادي في الفترة القادمة، وهو ما يعني مشاكل اكبر في الفترة القادمة، واضطرابات في العالم الإسلامي، وكذلك وسط الجاليات المسلمة في الغرب، وهو ما يتطلب وضع مشروع كبير من اجل الحد من الظاهرة واستيعاب مئات الآلاف من الشباب المسلم المحبط في الغرب، والذي يعاني من صعوبة الاندماج ويحتفظ بقدر لا بأس به من الغضب والحنق إزاء سياسة الاندماج الغربية التي ترفضه وتجعل منه quot;مشروع فشلquot; فيقع فريسة سهلة لحركات الإسلام السلفي المدعومة بالأموال الخليجية وبفتاوى الشيوخ العابرة للقارات، فينكفئ على نفسه، قبل أن يتحول من تلك الحالة البائسة إلى quot;منقذquot; للأمة مصحوبا بفتاوى quot;صحيحةquot; حول الجهاد وquot;الحرب المقدسةquot; وquot;التضحية بالنفس للدفاع عن عرض وحياة المسلمينquot; هنا أو هناك.
في quot;الفاشية الإسلاميةquot; يحاول حامد عبد الصمد الإشارة إلى أصول العنف والشمولية الحاضرة والتي يعتبرها ضربا من ضروب quot;الفاشيةquot;، ومن ثم يستقرأ الحاضر والمستقبل، وفي النهاية يقدم العلاج على أن يكون الطبيب حازما وحكيما في نفس الوقت.
التجربة الشخصية للكاتب ومعايشته للواقع وتواصله مع الناس، وقراءاته الكثيرة والمعتمدة على أكثر من وجهة نظر للقضية، وخبرته بالمجتمع الغربي واطلاعه على المشاريع الفاشلة لدمج وتفعيل المهاجرين المسلمين، يجعل من الأهمية الكبرى متابعة رأيه والاستماع إليه وهو يحلل ويضع مقترحات الحل وquot;التهدئةquot; بين الجميع. حامد عبد الصمد في كتابه الجديد يقدم: الصدمة والردع، بمعنى: الإشارة إلى quot;جذورquot; المشكلة وquot;منبعquot; كل هذا العنف، ومن ثم الحزم وعدم التردد في تحجيم الخطاب السلفي في منبته الشرقي، وكذلك المٌصدّر من الخارج لأوروبا، ومكافحته على أكثر من محور وصعيد، بالقانون وبمزيد من الأبحاث الجادة الصادمة...
[email protected]

بطاقة تعريف بالكتاب:
Hamed Abdul-Samad
Der islamische Faschismus
2014 Droemer Verlag, Muuml;nchen, Deutschland
221 S.