الخطاب المقتضب الذي ألقاه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح الدورة الرابعة من السنة السادسة لمجلس الشورى السعودية، يوم أمس الأربعاء ، رغم قصره الشديد إلا أنه اشتمل على العديد من المؤشرات التي كشفت عن الإطار العام لسياسة المملكة العربية السعودية ، داخليا وخارجيا.&
ومن خلال التأكيد على الأصل الذي قامت عليه المملكة العربية السعودية : الكتاب والسنة ، كان التفصيل واضحا في الكثير من الحيثيات التي رسمتها المملكة العربية السعودية لجهة سياساتها الداخلية والخارجية.&
داخليا ؛ أكد الملك سلمان على أهمية اللحمة الوطنية كأحد أهم الثوابت المؤطرة لهوية السعوديين . فاللحمة الوطنية والبناء عليها يجعل من التماسك الداخلي لعلاقات المواطنين أكثر قدرة على جسر مختلف العلاقات البينية من الروابط الأخرى كالروابط المناطقية أو الطائفية أو القبلية . ولهذا كان من الضرورة بمكان التأكيد على هذه الحقيقة الهامة . كما جاء في خطاب الملك سلمان حديث واضح حول جعل الإنسان السعودي هو هدف التنمية ، معددا الجهود التي بذلتها الدولة السعودية من أجل تحقيق ذلك الهدف ، العديد من المجالات ؛ كالتعليم ، والصحة ، والإسكان وغيرها من جوانب وميادين التنمية المستدامة.
أشار الملك سلمان في خطابه كذلك إلى التطور الذي ظلت تشهده المملكة العربية السعودية من خلال علميات التحديث التي ظلت مضطردة البناء في كل مرحلة جديدة دون أن تشهد انتكاسة أو انقطاعا ، وأكد على التزام الدولة بالاستمرار في هذه المسيرة المباركة من علمية التحديث الدائم للعديد من جوانب الحياة فيها.&
ولعل من ابرز تلك الجوانب التي شملها التحديث في مجال الانتخابات ما شهدته المملكة ، مؤخرا من الانتخابات البلدية ، في كافة مناطقها &التي شاركت فيها المرأة السعودية ، لأول مرة ، كمترشحة في دوائر تلك الانتخابات ، وليس كناخبة فقط . وهو مسار سيظل متصلا في التطوير المستمر.&
أما في مجال السياسات الخارجية للمملكة العربية السعودية ، فقد أوضح الملك سلمان بن عبد العزيز ، صورة وطبيعة تلك العلاقات التي تستهدف بالأساس الالتزام بالمواثيق الدولية الرامية إلى حفظ الأمن والسلام في المنطقة والعالم ، وكذلك إلى دور المملكة العربية السعودية وأهدافها التي ترتبط بالدفاع عن القضايا العربية ، والأمن الإقليمي العربي.&
الخطاب هذه المرة أشار إلى أن طبيعة الدفاع الذي تتوخاه المملكة العربية السعودية عن القضايا العربية متصل أيضا بعملية مكافحة الإرهاب في والعالم.
ولعل في هذا الربط العضوي في خطاب الملك سلمان بن عبد العزيز بين الدفاع عن القضايا العربية ، ومحاربة الإرهاب ما يدل دلالة واضحة على &أن جزء من الدفاع عن القضايا العربية ذاتها هو محاربة للإرهاب ، ولعل القضية الأولي للعرب (قضية فلسطين) خير دليل على ذلك؛ لأن الكثير من أفعال الإرهاب كانت تجد ضالتها في شعار الدفاع عن القضية الفلسطينية ، كما فعلت القاعدة ذلك ، وكما فعلت بعض الدول الإقليمية في المنطقة .&
في ذات الوقت بدا في خطاب الملك سلمان بن عبد العزيز مؤشر واضح حيال التلازم العضوي بين أمن المنطقة وأمن العالم ، لأن الكثير من ملفات هذه المنطقة أصبحت ملفات عالمية كالإرهاب وغيره.&
الخطاب أشار أيضا إلى التحديات التي لا تزال تواجه المنطقة العربية ، كما أوضح أن أفضل سبيل إلى مواجهة تلك التحديات ؛ أن تكون عبر توحيد الجهود المشتركة بين الدول العربية والإسلامية.&
يمكننا القول من خلال الملامح العامة ، داخليا وخارجيا ، لمؤشرات خطاب الملك سلمان بن عبد العزيز ــ يوم أمس أمام مجلس الشورى ــ أن ما جاء فيه يمثل مسارا واضحا لسياسات المملكة العربية السعودية ، بكلام واضح ، لا لبس فيه حيال الكثير من القضايا والتحديات التي تواجه المملكة العربية السعودية على كافة الصُعد.
إن حرص المملكة العربية السعودية على بناء سياسات متوازنة داخليا وخارجيا ، جزء من دورها الوطني والإقليمي في المنطقة ، لاسيما وأن المنطقة العربية تشهد الكثير من التحديات في ظل غياب مراكز عربية مهمة ، لأسباب مختلفة.
&