إحدى مفاجآت صيف المدينة المنورة
قطار الحجاز يتحرك بعد 100 عام من السكون

القطار بعد تحركه للمرة الأولى
هيبت برادة من المدينة المنورة: تجمع أهالي المدينة المنورة في موقع واحد أمام مشهد لم يتكرر منذ قرن مضى، وقفوا جميعهم احتراما لهيبة الموقف ولشهادة عودة ميلاد quot;قطار الحجازquot; لدى إطلاق أول صفارة إنذار، إيذانا بتحرك القطار في سكة حديد الحجاز في محطته في العنبرية في المدينة المنورة.

كل ذلك ضمن فعاليات مهرجان صيف طيبة 28 quot;المدينة سكينةquot; الذي عمد إلى أن يكون التحرك الأول للقطار هو مفاجأة المهرجان.

في حين تسابق الأطفال إلى صعود القطار واعتلاء درجه للجلوس والتمتع في رحلة القطار الأولى بعد 100 عام من الزمان، وقد اتخذوه أحد الأساليب الترفيهية المتعددة خلال برامج وفعاليات مهرجان صيف طيبة 28، بينما راح كبار السن يتذكرون ويحكون سيرة quot;قطار الحجازquot; إلى أطفالهم ونسائهم عن سبب توقفه هذه الحقبة الطويلة.

كانت الرحلة قصيرة تقتضي أن يحمل القطار عددا محدودا من العائلات مع أطفالهم في جولة لأرجاء القطار ويعود بهم ليحمل آخرين، حيث ازدحم المكان بالزائرين من المنطقة ومن خارجها لمشاهدة تلك اللحظة التاريخية رؤى العين إذ تجاوز ركاب عربات القطار نحو1000 زائر في ساعات رحلته الأولى.

وفي الوقت ذاته شهد الموقع تجمعا كبيرا ولافتا من مراسلي الصحف والقنوات الفضائية لتغطية هذا الحدث الكبير.

أهمية تاريخية عرفها العالم الإسلامي
يعتبر خط سكة حديد الحجاز البالغ طوله 1320 كم معلما من معالم التلاحم الإسلامي ووسيلة مهمة من وسائل الارتباط بين الخلافة العثمانية والمشاعر المقدسة عبر بلاد الشام، إذ استخدم الخط لنقل الحجاج والزوار من الشام وتركيا إلى المدينة المنورة مختصرًا وقت الرحلة الشاقة التي كانت تستغرق أشهرًا.

فقد كان الهدف من إنشاء سكة حديد الحجاز هو ربط أجزاء الدولة العثمانية المترامية الأطراف كسياسة عليا للدولة، أما في عهد السلطان عبدالحميد الثاني الذي قرر مده من إسطنبول إلى المدينة المنورة مرورا بالعراق وسوريا والأردن لخدمة حجاج بيت الله الحرام الذين كانوا يلاقون صعوبة كبيرة أثناء تأديتهم فريضة الحج قبل إنشاء الخط.

كان طريق الحج العراقي يبلغ نحو 1300 كم وتستغرق الرحلة شهرا كاملا، أما طريق الحج المصري من سيناء الذي يبلغ نحو 1540 كم فيستغرق أربعين يوما، كما يمتد طريق الحج الشامي إلى نحو 1302 كم لتستغرق الرحلة خلاله أربعين يوما، مما يعرضهم خلالها إلى غارات البدو وقطاع الطرق، ومخاطر ومشاق الصحراء.

وقد شيد الخط على درب الحاج الشامي نفسه (لم يحد عنه إلا في بعض المناطق الوعرة) مبتدئًا من دمشق ثم عمان فتبوك ومنتهياً بالمدينة المنورة.

احتفل ببدء المشروع في جمادى الآخرة 1318هـ بعد أن واجهت المشروع صعوبات تمويلية، حيث وجه السلطان العثماني عبد الحميد الثاني نداءً إلى العالم الإسلامي للتبرع للمشروع. ولقي هذا النداء استجابة تلقائية من مسلمي العالم وانهالت التبرعات، ولم تقتصر تبرعات وإعانات المسلمين على الفترات التي استغرقها بناء الخط فحسب، بل استمر دفعها بعد وصوله إلى المدينة المنورة؛ أملاً في استكمال مدّه إلى مكة المكرمة.

وعهدت الدولة العثمانية إلى مهندسين ألمان بإنشاء الخط، لكنها لم تسمح إلا للمهندسين المسلمين بالعمل في مد الخط في المنطقة الواقعة بين العلا والمدينة المنورة.

صادفت المشروع عقبات كثيرة، كان على رأسها نقص المياه، وأمكن التغلب على ذلك بحفر آبار وإدارتها بمضخات بخارية أو طواحين هواء، وجلبت المياه في صهاريج تسير على أجزاء الخط التي فرغ من مدّها.

الأطفال يعتلون القطار
ولمواجهة نقص العمال وتوفير النفقات استخدمت قواتٌ من الجيش العثماني بلغ عددها زهاء ستة آلاف جندي ومئتي مهندس كانوا يعملون في الخط بصفة دائمة. كذلك كانت السيول الجارفة إحدى العقبات التي شكلت خطورة كبيرة وحقيقية على خط سكة حديد الحجاز في مرحلتي البناء والتشغيل؛ لذلك قام المهندسون بإنشاء مصارف للسيول على طول الخط الرئيس.

أما الرمال المتحركة التي تعرض الخط للخطر أمكن التغلب عليها بتغطية منطقة الرمال المتحركة بطبقة من الصلصال، وبُني سد حجري ضيق يمتد موازيًا للخط ليحول دون خطر تغطيته بالرمال المتحركة أما مشكلة الوقود فتم استيراد الفحم من الخارج وأقيمت مستودعات ضخمة لتخزينه وبعد 8 سنوات من الجهد الجبار بدأ التشغيل التجريبي للخط برحلات منتظمة بين دمشق والمدينة المنورة حيث وصل أول قطار إلى المدينة المنورة في 22 رجب 1326هـ الموافق 23 أغسطس 1908م قاطعاً المسافة في خمسة أيام فقط بدلاً من أربعين يومًا، ووصل عدد الحجاج إلى 30،000 الف حاج سنوياً في عام 1330 هـ (1912م)، وقفز إلى 300.000 ألف حاج سنوياً في عام 1332هـ (1914م) عندما تم تسيير ثلاث رحلات منتظمة من دمشق إلى المدينة المنورة أسبوعياً.

واستمر العمل بخط سكة حديد الحجاز حتى تم تدميره بعد بداية الحرب العالمية الأولى عام 1337هـ (1919م) بمؤامرة من الجاسوس الإنكليزي لورنس وتنفيذ الشريف حسين ومساعدة من الأعراب القاطنين شمال الجزيرة العربية حيث تم تخريب الخط ونسف جسوره وانتزاع قضبانه في عدة أجزاء منه، وكانت الذريعة التي سوّلت للشريف حسين القيام بهذا العمل التخريبي تتمثل في احتمال قيام quot;أحمد جمال باشاquot; قائد الجيش العثماني الرابع باستغلال خط سكة حديد الحجاز في نقل قواته لضرب الثورة العربية في عقر دارها.

ويمثل تدمير الخط حلقة البداية لتقطيع أوصال العالم الإسلامي بين المنتصرين في الحرب العالمية وبخاصة بريطانيا وفرنسا ونهاية للخلاقة العثمانية الإسلامية.ومحطات خط سكة حديد الحجاز في منطقة العلا ومدائن صالح من الشمال إلى الجنوب، محطة مبرك الناقة ويحتوي الموقع على مبنى استراحة السكة الحديد من الحجر المشذب، كما توجد بعض الجدران جنوب المبنى. محطة مدائن صالح وهي إحدى محطات خط سكة حديد الحجاز الرئيسة، ويحتوي الموقع على قلعة إسلامية قديمة في وسطها بئر الناقة، كما توجد بركة قديمة وخمسة آبار مطوية بالأحجار، وكذلك ستة عشر مبنى من مباني السكة الحديد قد بنيت بالحجر المشذب. محطة العذيب تقع جنوب محطة مدائن صالح بنحو 9 كيلومترات في وادي العذيب، والمبنى من الحجر المشذب، كما يوجد مبنى بالحجر فوق جبل على مسافة 2 كيلومتر شمال العذيب يعرف بموقع (قويع الترك))ومحطة العلا) وتقع في مدينة العلا، وهي إحدى المحطات الكبيرة في خط سكة حديد الحجاز، ويحتوي الموقع على مدينة كبيرة قديمة محاطة بجدار شمال المدينة عبر الوادي، ويوجد فيها عدة قنوات تمتد إلى عكمة حيث عيون الماء، كما توجد قلعة وبها قبر موسى بن نصير فوق جبل مرتفع يتوسط البلدة القديمة (حي الديرة بالعلا).