لوحة الفنانة العراقية quot;سندسquot; هل توقظ الضمير الإنساني؟
العالم أجبر إنانا السومرية على ممارسة البغاء في دمشق

اللوحة والتعليق
محمد حامد ndash; إيلاف: استطاعت الفنانة العراقية الكندية quot; سندس عبدالهادي quot; بريشتها أن تطلق صرخة مدوية في وجه الضمير الإنساني الغارق في غيبوبة الموت، إن لم يكن قد مات إلى غير رجعة، فقد أرسلت تلك الفنانة لوحتها quot; إنانا في دمشق quot; إلى صحيفة quot; أميركان كرونيكل quot; وهي اللوحة التي تصور فتاة عراقية تمارس الدعارة في سوريا، حيث تظهر فتاة عارية ومحاطة برجال مدنيين وجندي، وأرفقت quot; سندس quot; مع لوحتها تعليقها حول المعاناة التي تعيشها آلاف النساء والفتيات العراقيات اللاجئات في سوريا وغيرها من البلدان العربية، حيث يتم إجبارهن على ممارسة البغاء نظرًا إلى الظروف المعيشية القاسية التي فرضها عليهن الظرف السياسي والأمني الذي يمر به العراق منذ بداية الإحتلال الأميركي .

وأشار تقرير الصحيفة الأميركية إلى أن تلك المعاناة الجنسية والذل هو أمر شائع الآن منذ أن دفعت الحرب على العراق حوالى 50 ألف فتاة وسيدة عراقية لاجئة في سوريا وفي الدول العربية الأخرى إلى ممارسة الدعارة ( ليست هناك أرقام دقيقة عن آلاف النساء والفتيات اللواتي يمارسن البغاء داخل العراق بالإكراه)، وقد تقدم الدكتور quot;فلاكونبيرغquot; الذي اهتم بلوحة الفنانة العراقية ونشر قصتها في الصحيفة الأميركية بالشكر لها قائلاً ... أود أن أشكر السيدة سندس على تلك اللوحة المعبرة وقد طلبت منها الإذن باستخدام معلومات من رسالتها التي أرسلتها عبر البريد الإلكتروني لأن مثل تلك الرسالة تعد أمرا شخصيا، وقالت إنها تود أن أنشر ما تعرفه للآخرين، وأنها ترغب في توصيل رسالتها إلى العالمquot;

ها هو ما قالته الفنانة عن لوحتها... إن تلك اللوحة quot; إنانا في دمشقquot;. وإنانا هي الإلهة السومرية للجنس والحرب ( أو الحب والخصوبة ndash; وهي الآلهة التي تساوي أفروديت) تعتمد على الأصل الذي رسمه جان ليون جيروم، المستشرق الفرنسي، والمعنونة quot; سوق العبيدquot; عام 1867.

كما قالت quot;سندس عبدالهاديquot;... في الوقت الذي بدأت فيه التفكير في رسم هذه اللوحة، لم يكن هناك الكثير من المعلومات المتاحة عن مأساة اللاجئات العراقيات العاملات في الدعارة في سوريا، ودبي والدول العربية الأخرى. ولهذا لجأت إلى موقع يوتيوب حيث يوجد هناك العديد من أرقام الهواتف المعروضة على مقاطع الفيديو التي سجلها زبائن الدعارة في النوادي وفي غرف الفنادق أثناء لقاءاتهم مع تلك الفتيات والسيدات.quot;

كما كانت الفنانة العراقية في سوريا ورأت بنفسها ما كان يحدث. وها هو ما تقوله....عندما كنت في زيارة إلى دمشق في شهر أبريل الماضي، اكتشفت أنهم يظنون أني عاهرة أمارس الدعارة، ذلك لأني امرأة عراقية في سوريا. للأسف فوجود امرأة عراقية لاجئة الآن هو مرادف لكونها عاهرة في أماكن معينة.

وعن اللوحة تقول: إن وجود الجندي في لوحتها له سببان. الأول أنه تذكير وإشارة إلى الاحتلال الأميركي الحالي في العراق، وهو سبب الهجرة الجماعية الكبيرة للاجئين إلى الدول المجاورة. والثاني، أنه إشارة إلى نظرة الرجل الغربي إلى المرأة العربية. وبخاصة في حالة الجنود الذين كانت لهم لقاءات مع نساء عربيات عاهرات في العراق أو في إجازاتهم في دبي والكويت والأردن.

وقد كتبت أيضا قائلة: إن هذا الموضوع هو موضوع محرم تماما في المجتمعات العربية، وقد عرضت لوحتي على القليل من الأشخاص عندما كنت في منطقة الشرق الأوسط وكنت مندهشة جدا للمقابلة الجيدة التي قوبلت بها تلك اللوحة من قبل جميع العرب الرجال والنساء. وقد أخبرني القليل منهم أن ذلك النوع من الخيال الفني من الممكن أن يسبب لي المشاكل، ولكن على أي حال فقد كانت التعليقات مشجعة لي.

فهذه اللوحة لم تصور فقط ورطة تلك الفتيات بشكل مؤلم ومعبر ولكن كلما نظرت إليها كلما رأيت فيها الكثير. فالرجال المحيطون بالفتاة يرتدي أحدهما زي الرجل التقليدي العربي والآخر يرتدي الملابس المدنية. كما أن الفنانة تمزج بين منظر دمشق القديم بمآذنها وحوائطها المتهدمة والحداثة في شكل السيارات الرياضية الحمراء في الجانب الأيمن السفلي. وقد جعلت الجندي من جنس غير محدد، من الممكن أن يكون قوقازيا أو أسود أو إيطاليا أو أسبانيا، وكل ذلك يشير إلى عالمية موضوع التحرش الجنسي بالفتاة. إن الرجال، العسكريين والمدنيين، من كل العوالم وكل الأجناس وكل الأزمنة في التاريخ قد استغلوا النساء بالطريقة نفسها .

ويظهر رجل في الصورة كما لو كان يضع سيجارة في فم الفتاة، وبدا جسمها كما لو كان يرتعش وعيناها سوداوان ولا يظهر فيهما البؤبؤ كما لو كان الماكياج الشديد لازما من أجل تغطية وجه المرأة المومس بحيث لا يوجد مدخل إلى روحها. إن هذا الجسد المنهك يجعلها تبدو بلا أمل. إنها لوحة حزينة ومؤثرة، ويجب أن تدفع أصحاب الضمائر التي مازالت على قيد الحياة إلى فعل شيء لتغيير الحقيقة المؤلمة لجميع النساء مثلها في دمشق، وجميع اللواتي يتم إجبارهن على بيع أجسادهن بسبب ظرف سياسي أو امني أو اقتصادي يعصف بآدميتها .

[email protected]