القانون يجرّمهم والشرطة تلاحقهم والمجتمع لا يتقبلهم
المثليون فى مصر بين مطرقة الأمن وسندان المجتمع

اقرأ أيضا في ملف ايلاف

المثلية الجنسية في العالم العربي... حياة سرية وضياع للهوية

محمد حميدة من القاهرة: للمثليين في مصر وضع خاص بهم، لا يختلف كثيرًا عن غيرهم في الدول العربية والإسلامية... تكاثرت أعدادهم بصورة ملحوظة... وزادت تجمعاتهم وأماكن لقاءاتهم، لكن حياتهم ليست تبات ونبات. فالمثليون في مصر شأنهم شأن أي جماعة متطرفة أو خارجة عن القانون، الشرطة تداهم أوكارهم بين الحين والآخر والقانون يطاردهم بعقوبات تصل إلى 3 سنوات، والمجتمع لا يتسامح معهم لذلك يضطر المثليون إلى التكتم على ميولهم وعدم التصريح بها أمام الآخرين.

لكن يبقى اللغز المحير هو عددهم لا سيما في وجود تضاربات كبيرة بين الأرقام والإحصاءات الرسمية وغير الرسمية، ففي الوقت الذي تؤكد الأرقام الرسمية أن الأجهزة الأمنية قامت منذ عام 2001 وحتى الان برصد 171 شخصًا فقط بتهمة ممارسة المثلية الجنسية، إلا أن الإحصاءات غير الرسمية تؤكد أن عددهم يتعدى الآلاف. وقد قدرت صحيفة quot;اوبزر فاتور quot; الفرنسية عدد المثليين في مصر حوالى 10 آلاف من أعمار مختلفة وشرائح اجتماعية متباينة. لكن المثليين يرون ان أعدادهم تتجاوز 100 ألف على مستوى الجمهورية، بحسب رئيس رابطة quot;الاحباءquot; للمثلية، وهي رابطة غير رسمية يتخذ أعضاؤها من مقهى بوسط القاهرة مقرا لهم، ويسعون من ورائها الى الضغط على الدولة للاعتراف بـ quot;حقهمquot; في ممارسة اللواط وتشكيل حزب لهم. حيث قال مؤسسها لـ quot;إيلافquot; وهو في منتصف العشرينات ويعمل محاسبًا في شركة استثمارية، ان quot;عدد المثليين في مصر يقدر بنحو مئة ألف شخص من مختلف الأعمار والفئات المهنية، تحتوي القاهرة على 7 آلاف منهمquot;. وتنتشر المثلية في مصر على مستوى الجمهورية، حيث كونوا شبكة تعارف كبيرة من خلال المنتديات والنوادي والجامعات، ويتجمعون في دورات المياه العامة وعلى المقاهي والفنادق وتجمعهم وسائل اتصال عدة أهمها بعض المنتديات على شبكة الانترنت.

لا يوجد نص قانوني خاص

وعلى الرغم من عدم وجود نص قانوني خاص للمثلية إلا ان ممارساتهم تدرج ضمن اتهامات الدعارة والفجور بحسب مصدر قضائي، وتصل العقوبة عن هذه التهمة حسب القانون المصري إلى 3 سنوات، أو غرامة 100 جنيها . وكثيرًا ما دخلت السلطات المصرية في مواجهات مع منظمات حقوقية دولية بسبب القبض على مثليين اشهرها قضية quot;مركب كوين بوتquot; التي تم خلالها القبض على عدد من الشباب المثليين، وأثارت الرأي العام الذي طالب بعضه بإعدامهم أو رجمهم في ميدان عام. لكن لم يؤثر الضغط الدولي على الموقف الحقوقي المصري تجاه المثلية الجنسية باعتبارها فكرة تتنافى مع قيم المجتمع وتقاليده المحافظة، ولم يسجل تدخلاً للمنظمات الحقوقية المصرية حتى ولو بالشجب والادانه لتعامل السلطات مع المثلية باستثناء موقف منظمة واحدة اتهم صاحبها بالمثلية.

الشارع: مرض يستوجب العلاج

موقف الشارع المصري ضد المثلية ثابت عنوانه quot;عدم التقبل quot;حيث أكد العديد ممن استطلعت quot;إيلافquot; آراءهم وقوفهم ضد المثليين مطالبين بمساعدتهم حتى يتم علاجهم. وقال حاتم محمود (موظف بشركة محاسبة) انه ضد نبذ هؤلاء والابتعاد عنهم. ولابد من مساعدتهم حتى يتخطوا مشكلاتهم. ورفض محمد فؤاد (مدرس) اعتبار المثلية الجنسية حرية شخصية، مشيرًا الى ان quot;الحرية في هذه المسألة ليست في صالح المثلي ولا المجتمع لما انه يعرض نفسه لمشاكل صحية خطرة ومهلكة، وتلقي على الجانب الاخر بتبعات سلبية على المجتمع من ناحية قيمه وأخلاقهquot;. وقالت مها فهمى (طالبة بجامعة القاهرة) quot;انها ضد ملاحقة هؤلاء قانونيًا وإيداعهم فى السجون لان ذلك ربما يزيد من الظاهرة واستفحالها quot;، وأكدت مها على أهمية quot;تغير نظرة المجتمع لهم واعتبارهم بانهم مرضى يحتاجون إلىالعلاج quot;. وشددت سامية عبد الحافظ (مديرة تنفيذية بمؤسسة تجارية) على ضرورة توعية المجتمع بالمعاملة السليمة لهؤلاء وضرورة الوقوف بجانبهم حتى يتجاوزوا حالتهم المرضية .

العلماء: سجنهم يشيع الظاهرة

ومن وجهة نظر العِلم، قالت الدكتورة عزة كريم أستاذ علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث لـquot;ايلافquot; ان رأي العلم الطبي والاجتماعي والنفسي في المثلية يتفق مع رأي الدين الاسلامي الذي حرمه ومنعه ولعنه، مشيرة الى انه يؤدي الى أمراض عضوية كثيرة مهلكة ومخاطر ومشاكل اجتماعية كثيرة تكون عائقا أمام الزواج والسلام الاجتماعي، لان المثلية علاقة غير مثمرة لا تتفق مع الطبيعة البشرية , فالعلاقة الجنسية ليس الغرض منها المتعة فقط بل الهدف الاساسي منها استمرارية الحياة. ورفضت الدكتورة عزة اعتبار المثلية الجنسية حرية شخصية قائلة quot;اذا تركنا كل شيء للحرية الشخصية سيؤدي الى دمار المجتمع، لأن كثيرًا من الحريات تسيء الى الجماعة وهذه مشكلة خطرةquot;.وجدتأمثلة للعلاقات في العالم الغربي والتي تبدأ فى سن مبكر خارج إطار الزواج مشيرة الى النتيجة أصبح هناك كم كبير من الأطفال غير الشرعيين وأناس كثيرون من دون هوية جيدة داخل المجتمع. وقالت انها ضد اعتقال المثليين لان سجنهم يشيع الآفة داخل السجون مؤكدة ان المثلية تبدأ بمرض, إحباط او كبت او تعرض الضحية لاعتداء جنسي وهو صغير ولذا quot;لا يجب ان يترك ليتفشى، فلا بد من متابعتهم وليس سجنهم حتى يمكن معالجة هذا المرض اللعينquot;.

وبسؤالها حول ما إذا كان هناك لمجتمعات بعينها تأثير على الميول الجنسية قالت الدكتورة عزة كريم ان الجنس غريزة وليس ميل وزرعها الله سبحانه وتعالى في الانسان والحيوان لتؤدي دورًا، ولم يمنع الدين استخدامها لكنه وجهها في الطريق الصحيح. اما المثلية فهي غريزة جاءت بناء على امراض نفسية،وانتشارها في الغرب يعود الى المبالغة في استخدام هذه الغريزة نظرًا لانهم ملوا من ممارستها بالشكل الطبيعي . وأرجعت انتشار الشذوذ فى مصر الى الفضائيات والانترنت وإثارة الإعلام للقضية ,مؤكدة ان كثرة تناولها يؤدي الى المزيد من الانتشار، وطالبت بعدم التطرق اليها وعرضها على الشاشات كي لا تغذي هذه الظاهرة.

وقالت quot;ان المجتمع عليه أكثر من دور لا بد ان يعطي توعية للأسرة لتحمي أطفالها من الوقوع فريسة للمرض ورفضت فكرة إنشاء عيادات خاصة حتى لا يوصم كل من يدخل اليها، وخوفًا من أن تتحول الى مكان للتعارف بين الشاذين وبالتالي تفشيه بصورة اكبر.

ومن جانبها اعتبرت الدكتورة داليا مؤمن أستاذة مساعد علم النفس في جامعة عين شمس أن الانفتاح على الثقافات الاخرى من خلال الانترنت والفضائيات، ساهم في تعاظم الظاهرة لا سيما التي تظهر هذا السلوك على انه شيء طبيعي ومقبول. وتضع الدكتورة داليا المثلية في قائمة الأمراض النفسية موضحة أنه نوع من أنواع الاضطرابات التي تحتاج إلى علاج؛ لأن الطبيعي أن الرجل يميل للأنثى والعكس، إلا أن هناك عوامل كثيرة - كالاعتداءات الجنسية - مثلا هي التي تدفع إلى مثل هذا الاضطراب الذي يحتاج إلى علاج. وقالت المثلية قد ينظر إليها على أنه أحد الأمرين؛ إما مرض أو انحراف سلوكي، مشيرًا إلى أنه في حالة المرض يعاني الشخص المثلي مما هو فيه وتتكون لديه رغبة ملحة في التخلص منه، وحينها علينا مساعدته، أما في حالة الانحراف السلوكي فيكون الشخص مستمتعًا وراضيًا عما يفعل وحينها يستحق العقاب. وشددت على ضرورة التنشئة الاجتماعية الجيدة ومراقبة الأب والأم لأطفالهم حتى لا يتعرضون لاعتداءات.