نيويورك: يدرك المهتمون بعلم النفس وجود نظريات تعيد الكثير من نشاط البشر إلى دوافع جنسية مخفية، لكن خبير علم النشوء والارتقاء النفسي، جيفري ميلريشير إلى أن الناس تطور عاداتها في التسوق وفق معايير محددة لجذب الشركاء جنسياً، معتبراً في هذا السياق أن المال والأسواق والدعاية كانت أفضل اختراعات البشر عبر التاريخ.

وعلى غرار العالم المعروف، سيغموند فرويد، يرى ميلر طيف الجنس في كل النشاطات الاجتماعية، وخاصة لدى قيام المرء بشراء أغراضه الشخصية، وهو يدعو بالتالي إلى إلغاء الضرائب على الدخل ونشر الضريبة على الاستهلاك.

ويعتبر ميلر أن العالم عرف منذ عام 1990 حدثين أساسيين في سياق تطوره البيولوجي وهما انهيار الشيوعية وظهور فرضية quot;الإشارةquot; الواردة في نظرية النشوء والارتقاء، والتي تفترض أن المخلوقات المتباينة المصالح تصدر إشارات إلى بعضها لتحديد مواقفها، سواء عبر الصراخ أو الاستعراض أو أداء حركات معينة.

ويضيف أن هذين الحدثين يؤكدان بأن البشر إنما يعملون بجهد للتفاخر أمام الآخرين، وليس لتطوير ذاتهم أو المجموعة التي ينتمون إليها، وبالتالي، فإن نظريات التسويق الحديثة تعتمد على رغبة المرء فعلياً بتسويق نفسه من خلال ما يشتريه أو يرتديه، وفقاً لمجلة quot;تايم.quot;

غير أن ميلر أشار إلى أن quot;الزخارفquot; المصطنعة التي يقدم المرء من خلالها نفسه إلى الآخرين لاجتذاب شركاء بينهم تؤدي غالباً إلى إضعاف الملكات الطبيعية التي يتمتع بها البشر للتزاوج، وبينها الطيبة والشخصية المحببة وأسلوب الكلام الحسن.

وأضاف أن هذه quot;الزخارفquot; سرعان ما تسقط من الاعتبار لدى نظر الشريك إلى شريكه، واعتبر أن ذلك يشكل مفارقة على أرض الواقع، حيث يحاول كل شخص إهمال المظهر الخارجي للشريك عند اختياره لعلاقة جدية والنظر إلى ما وراء الشكل الظاهري، مع أن هذا الشخص نفسه يواصل افتراض أنه يخدع الشريك بمظهره الخاص.

ولفت ميلر بسخرية إلى أن ما يقوم به الناس حالياً لجذب الشريك أكثر تعقيداً مما فعله أجدادهم قبل قرون، ورأى أن الناس اليوم سيواجهون مصاعب جمة في شرح أسلوب حياتهم لأجدادهم.

فهم يمضون السنوات الأولى من عمرهم مشدودين إلى كراسي التعليم في المدارس، ومن ثم يتخرجون ليعملوا 50 ساعة أسبوعياً لمدة 40 سنة، ويحرم معظمهم من الاستقرار العاطفي والعائلي، ويقبل بعضهم الآخر على تناول الأدوية لتجنب الانتحار.