أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: تغادر مغربيّات بيوتهّن، خلال شهر رمضان، ويطلقن الفقر موقّتًا بالدخول إلى سوق الشغل، ولو لشهر واحد في مجموعة من الشهيوات يعددنها بإتقان لبيعها إما في محلات صغيرة، يكترنها لهذا الغرض أو على عربات متنقلة. النساء اللواتي يشمرن على سواعدهن، في هذه المناسبة الدينية، يكن مضطرات لذلك إما لإعالة أسرهن أو لمساعدة الزوج في نفقات هذا الشهر الفضيل، الذي تزامن مع الدخول المدرسي، وانتهاء العطلة الصيفية.

وتتوزع الوجبات المعروضة بين quot;الشبكايةquot;، وهي حلوى يصعب لفها بسبب شكلها الهندسي المعقد، وquot;البغريرquot; وهو يشبه الفطائر، ثم quot;البسمنquot;، وهو من أطايب شهر رمضان، وفي بعض الأحيان quot;الحريرةquot;، وهي شربة غنية بمجموعة من المواد المفيدة للجسم، إلى جانب quot;البسطيلةquot;، وهي ورقة عجينة تملأ بالدجاج أو السمك أو اللحم أو غريه، ولا ننسى quot;سلوquot;، وهو وصفة مغربية شهيرة تحضر في مناسبات كبيرة كشهر رمضان، والأفراح، والأعياد.

ومن أكثر زبائن بائعات الوصفات المنزلية الموظفات، اللواتي لا يجدن الوقت الكافي لإعداد مثل هذه الشهيوات، ما يدفعن لاقتنائها جاهزة، خاصة أنهن يعرفن بأن المائدة الرمضانية لا يمكن أن تكون ناقصة من هذه وجبات.

وتعترف هؤلاء المغربيات أن مهنتهن الرمضانية لا توفر لهن دخلاً يغطي حاجياته المادية مدة شهرين، بعد أن يعدن إلى منازلهن، عقب رحلة عمل دامت 30 يومًا، في انتظار نشاط موسمي آخر قد يأتي أو لا يأتي.

تقول نعيمة شديري، بائعة quot;بغريرquot; في درب غلف بالدار البيضاء، quot;المدخول اليومي من مهنتي هاته لا بأس به، ويكفيني في إعالة أسرتي، لكن ما أوفر لا يكفيني سوى شهرين، لأجد نفسي مضطرة مجددا لامتهان نشاط آخرquot;.

وقالت نعيمة، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، quot;يكون البيع صعبًا في الأيام الأولى لأن الزبائن يتخوفون من أن تكون البضاعة ليست جيدة، لكن بعد أن يجربوها يصبحون من الزبائن الدائمين، ويطلبون بعض الوصفات الخاصة بيوم أو يومينquot;.

وأضافت أنها quot;تضطر إلى العمل لكون أن زوجها طريح الفراش بسبب معاناته من مرض مزمن، وليس هناك من معيل سوى هيquot;، مبرزة أنها quot;عائلاتها تتكون من خمسة أفرادquot;.

أما سعاد فضل، وهي ربة بيت، فتقول إنها quot;لا تعمل سوى في شهر رمضان لأن الإقبال على هذا النوع من الوصفات يزداد، أما في الأيام في العادية فتعمل في المنزل على إعداد حلويات لمناسبات عائلية تحت الطلبquot;.

وأبرزت سعاد، في تصريح لـ quot;إيلافquot;، أنها quot;تقضي الليل بطوله في إعداد البسطيلة والبسمن، قبل أن تخلد سعات قليلة للنوم لتحمل بضاعتها في منتصف النهار إلى محل تكتريه في المدينة القديمة لمدة شهر، لتعرض سلعتهاquot;، موضحة أنه quot;بتوزيع مداخيل هذا الشهر، على الرغم من أنها تكون مرتفعة شيئًا ما، إلا أنها تبقى ضعيفة مقارنة مع باقي أشهر السنةquot;.

وهناك نوعين من الباعة في المغرب، الأول دائم يمارس نشاطه بصفة دائمة في مكان معين طوال العام أمام المتاجر أو في أماكن معينة داخل الأحياء السكنية، أما النوع الثاني فيمارس نشاطه بشكل موسمي خلال فترات متفرقة في السنة، وحسب الفصول والمواسم، وذلك ببيع سلع تكون متوفرة فقط خلال تلك الفترات.

للمغاربة نظام غذائي في رمضان يختلف عن الكثير من الدول العربية، فيفضل الكثير من المغاربة تناول فطورهم في منازلهم، ويكون من أساسيات الفطور حساء quot;الحريريةquot;، التي صارت علامة هذا الشهر الفضيل، إضافة إلى أكلات كثيرة تتكون من نسبة عالية من المواد السكرية والتي تعطي للجسم طاقة كبيرة تعوّض الإرهاق بعد صيام عدة ساعات.