يعتقد العراقيون أن برامج quot;الكاميرا الخفيةquot; لا تصلح للعرب بشكل عام ولا للعراقيين بشكل خاص، بسبب عدم تقبل المواطن العربي للمقالب التي قد تؤدي الى ثلم كبريائه والاستهانة به، ويرى البعض انه لا يتمنى مشاهدتها على شاشة شهر رمضان لأن ما تناله من ذم هو أكبر من المديح، كما أن العديد من القنوات الفضائية التي تنتجها تنتجها بناء على اتفاقات مسبقة وما يجري في التفاصيل هو مجرد تمثيل لإيهام المشاهد أن الأحداث حقيقية.


بغداد:يرى الكثيرون أن الكاميرا الخفية ما عادت مسلّية مثلما كانت في السابق بعد أن تخلّت عن دورها في المشاكسة والمزاح البريء اللطيف، وتحوّلت الى خوف ورعب وسخرية من الآخر باستغفاله واللعب على مشاعره أو سلوكياته أو عفويته، ويمكن عدّ الكاميرا الخفية من أسوأ ما أنتجته التلفزيونات، ويعتقد الكثير من العراقيين ان ما شاهدوه خلال المواسم الرمضانية الأخيرة من حلقات مصورة في العراق هي استهانة بكرامة المواطن او الفنان، واشاروا الى أنالوضع العام للعراق لا يوفر فرصة مريحة بل مقلقة ومرعبة لأن أي حالة استفزاز أو توتر تتبعها ردود فعل غير ايجابية ربما تؤدي الى ما لا يحمد عقباه، وأكدوا أنهم غير مهتمين لها سواء ظهرت على الشاشة أو لم تظهر.

وقبل أن نسأل الفنانين سألنا العديد من المواطنين إذا ما كانوا يحبذون مشاهدتها على شاشة رمضان، فأكدت الأغلبية أنهم لا يستمتعون بها للمواقف quot;البايخةquot; التي تتخللها والتي تجعل من الشخص أضحوكة لمقدم البرنامج الذي يحاول ان يجعل نفسه من النوع الحاذق فيما هو في الحقيقة متشجع بالآخرين، فيما رأى البعض انهم يستمتعون بها من باب التسلية ليس الا.

يقول المخرج هادي الإدريسي: quot;لا بأس من إنتاج برامج ترفيهية وخصوصًا في شهر رمضان الذي أصبح بورصة للأعمال الفنية والدرامية والبرامج المنوعة، لكن الكاميرا الخفية او quot;المقلبquot; كما نسميها قد يسبّب في بعض الاحيان صدمة لأن هناك من يحمل مرضًا وربما يتعرض لنوبة قلبية أو شيء من الرعب غير متوقع بالنسبة له، وربما تتسبب برجة دماغية او ما شابه ذلك، وبعضها مع الأسف اصبح يقوم على الاسفاف، ودون درجة السخافة، وهذه لا تبعث على النكتة ولا الضحكة، وهي مجرد مقلب في مجمله يحمل استهزاءً بالاخرينquot;.

واضاف: quot;انا ضد برامج الكاميرا الخفية، وبالمناسبة انا من اوائل العاملين على الكاميرا الخفية في العراق عام 1993،قدمت خمس حلقات فوجدتها مجرد سخرية من الضيف واستخفافًا به، فلم أستحسنها وتركتها، ولا اعتقد ان الانسان العربي بشكل عام والعراقي بشكل خاص تصلح له مثل هذه المقالب للحالة النفسية التي هو عليها لانه عصبي المزاج، لا اعتقد انني اريد مشاهدتها في رمضانquot;.

فيما قال الفنان الشاب ياس خضير: quot;انا اتابع الكاميرا الخفية الاوروبية لانها مبنية على فعل وليس كلاما وجدلا، والدليل انك حتى لو كتمت الصوت لضحكت، إذن هي مبنية على الفعل الظريف وليس على الكلام البذيء والإسفاف والتقليل من شأن الآخر وكرامته كما يحدث في الانتاجات العربية والعراقية لهاquot;.

واضاف: quot;ربما تكون واحدة من البرامج المسلية ولكن أتمنى ان تكون معتمدة على الموقف وليس على السخرية من شخص آخر وتجريحه، فأي تسلية هذه التي تستفزني فيها وترعبني في لحظة غفلة، خصوصًا ان أعصابنا متوترة لأن وضعنا مضطرب ونشعر بالخوف من اي شيء، لذلك هي ليست فنًا ولا إبداعًا، وانا لا أنتظرها على الشاشة ولا أتابعها ولا تشكل عندي شيئًا لانهالا تمتلك مقومات وجودها للضحك البريء والمتعة والتسلية، لكنني اتابع الكاميرا الأوروبية لأنها ممتعة وليس فيها اسفاف ولا ثرثرة ولا سخريةquot;.

اما الفنان اياد الطائي فقال: quot;أتمنى أن أشاهد الكاميرا الخفية في رمضان ولكن بشكل يعتمد الموقف وليس خدش الكبرياء الشخص او الفنان ومن دون التقليل من قيمته، ولا بأس ان يكون هناك موقف لطيف غير مفجع ولا يؤثرفي صورة الفنان ويهزها كما يحدث في ما تقدمه بعض القنوات العراقية، وكنت قد تعرضت مرتين الى موقفين وتجاوزتهما، وهناك يمكن الإشارة الى ان البعض احيانًا يعلم او لا يعلم بها، وبشكل عام لست مع الموقف الثلب والجامد الذي يؤذي المشاهد ويؤذي صاحب المقلب، ولكن ان تكون نكتة خفيفة كما في الكاميرا الخفية الاوروبية التي فيها لطافة وظرافة ومشاكسة، ولكن نحن ظرفنا وبناؤنا الاجتماعي والنفسي لا يحتمل مقالب من هذا النوع، لاننا اناس موتورون، يعني وضعنا العام موتور ولا نحتمل اي شخص يسبب لنا توترًا آخر، نحاول ان نمتص ولكن في الاخير ننفجر، العراقي لا يمكنه ان يحتمل فينفجر، لا تشغلني كثيرًا ولكن أتمنى أن أشاهد شيئًا مختلفًا ان كان ولا بد.

وقال الفنان باسل الشبيب: quot;الكاميرا الخفية موضة اوروبية ظهرت بداية السبعينات، لكن اوروباقدمتها بذوق وحس عال جدًا وكان الجمهور هو المادة فيه، وانتقلت هذه الموضة الى مصر ومنها الى البلدان العربية ومنها العراق، انا اقول ان من يقود الكاميرا الخفية عليه ان يكون ذكيًا وشاطرًا ودبلوماسيًا مع الآخرين، ولكن الذي حصل في الكاميرا الخفية في العراق ان الذين قادوها اناس غير محترفين، اي انهم حاولوا المساس بمشاعر الناس وبالاخص الفنانين واستهانوا بهم، وما شاء الله اصبحوا اساتذة في اختراع الاساليب التي تسلب حق وكرامة الفنان والمواطن بهذه المقالب، وفي الحقيقة انني اود ان انبه كل الذين يقعون في مصيدة الكاميرا الخفية العراقية لهم الحق في رفع دعاوى لدى القضاء العراقي ضد الذين ينصبون الفخاخ لهمquot;.

اما الصحافي الفني قحطان جاسم جواد فقال: quot;الكاميرا الخفية دعابة لطيفة اذا ما كانت خالية من النيل من كرامة الشخص او الاساءة اليه، ولكن للأسف في المدة الاخيرة تحولت الى سخرية حادة والى رعب، واعتقد لو ان احدًا مريضًا وصرخت بالقرب منه ان هناك قنبلة، فكيف تجد ردة فعله، فمهما يكن يصب بالرعب وربما تتضاعف امراضه، فنحن لا نريدها بهذا الشكل بل على قدر من الظرافة البسيطة التي تزرع البسمةquot;.

واضاف: quot;لا يمكن ان تنجح الكاميرا الخفية في العراق لاننا نحن العراقيين مزاجنا حاد، اي من النوع الذي يستفز بسرعة وتثار اعصابه بشدة، لذلك من الصعب ان تنجح واعتقد ان اغلب ما تم عرضه وتصويره خلال المواسم السابقة هو تمثيل ليس الا، لان جدية تعامل العراقي مع المقالب المفاجئة تؤدي الى اصابته بضرر كبير، لذلك ليس من الضروري وجود برامج الكاميرا الخفية بالشكل الذي شاهدناه في المواسم الرمضانية الاخيرةquot;.