أثارت مشاركة الفنان العراقي بهجت الجبوري في مسلسلquot;فرقة ناجي عطاللهquot;جدلاً واسعًا في بغداد على المستويين الفني والشعبي، وتباينت الآراء حولها ما بين ذم ومدح،فوجهت لهاتهامات بارتكابه خطأ كبيرًا من جهة، وحصل على تزكية البعض وافتخارهم بهذه المشاركة التي اكدت نجوميته واعطت صورة عن قدرة الفنان العراقي على منافسة نظرائه العرب من جهة أخرى.


بغداد: لم تكد الحلقات الخاصة بالعراق في مسلسل quot;فرقة ناجي عطا اللهquot; تنتهي حتى شهر العديد من جمهور المشاهدين سيوفهم ضد الفنان العراقي بهجت الجبوري وهاجموه بقسوة، فيما دافع عنه آخرون بضراوة، في حين أكد الجبوري قناعته بالمسلسل ورد على منتقديه بالقول: quot;ما طرح في المسلسل موجود في الواقع كله ولغاية اليوم، لم يطرح المسلسل مسائل خارجية او زيادة على ما هو موجودquot;.

في الحلقات الخاصة بالحكاية العراقية يصل ناجي عطا الله إلىبغداد ويتعرف على مجموعة من العراقيين الذين يتحدثون أمام ضيفهم عن خراب البلاد والطائفية وقصص الميليشيات والخطف والفدية وما شابه، علمًا أن الفنانين العراقيين الذين يظهرون في هذه المشاهد هم بهجت الجبوري، مهدي الحسيني، باسم قهار، راسم منصور، هدى هادي، نجلاء بدر، وسلام زهرة، لكن الجبوري كان في فوهة المدفع لأنه الأبرز بينهم والأكثر شهرة ونجومية.

قالالإعلامي والكاتبمجيد السامرائي: بهجت لم يخطئ بل إنه عدّل على النص كثيرًا، لقد قدم صورة حال العراق بعد الإنهيار مباشرة، وفعلاً كان الحال سيئًا لكنه ازداد سوءًا بعد تشكيل الحكومة، وحتى الآن لم تتعافَ البلاد بعد، مازالت الدماء تسيل في كركوك والفلوجة وبغداد وديالي، اتحدث عن هذا اليوم تحديدًا، لكن سوء استخدام بعض العبارات من عادل امام استفز العراقيين، تمامًا كما حدث مع ساهر الليل.

واضاف: بهجت لم يمثل لقدكان عفويًا، قبل رمضان كان معي في عمان وتحدثنا عن نيله اجرًا مشرفًا كنجم عراقي، لا تنس أنه رفض أن يمثل في فيلم quot;دكان شحاتهquot; لانه لايريد الوقوف أمام من يلام عليها من أولاده وأصهاره وبناته، هكذا قال لي في اطراف الحديث، ومثلما لا اعتقد أن نجومية عادل امام هي التي دفعت به للعمل في المسلسل، لأن النجومية لا تهمه.

فيما قال المخرج المسرحي احسان التلال: كنت في القاهرة أثناء شروع المخرج بتصوير الحلقات الأربع التي هي الآن موضع جدل كبير، وسنحت لي فرصة المشاركة أنا وصديقي الفنان ناظم زاهي في المسلسل لكننا رفضنا لأننا موظفان وإيفادنا الى القاهرة كان محددًا بأسبوعين، والحلقات الأربعيستلزم تصويرها شهرًا، ولربما كان الرفض لصالحنا وإلا كنا من المغضوب عليهم الآن.

وأضاف:ما أريد توضيحه هو أن السيناريو كتب عام 2009 والكاتب كانت في ذهنه أحداث عام 2007 و2008 وقد عُدل السيناريو بعد أكثر من عام أما التعديل الأخير فقد كان أثناء التصويربعد أنتدخل فيه جميع الممثلين العراقيين المشاركين فيه، وكنت هناك واطلعت من خلال صديقي راسم منصور على الكثير من التفاصيل، ونجح الممثلون بتغيير 70% من السيناريو،علمًا أن الأستاذ بهجت الجبوري رفض تصوير أي مشهد حينما عرف أن أحد الأطفال المشاركين في المسلسل إسمه صدام فطلب تغيير الإسم.

وقال:quot;واذكر موقفًا طريفًا حدث في كواليس التصوير عندما أشاد عادل إمام بموقف الفنانين العراقيين عندما رأى أن العشرة المشتركين في العمل ومنهم أربعة سنة وستة شيعة جميعهم متفقون على تغيير السيناريو بنفس الروحية وبنفس المطالب ونفس الفقرات، اما المفاجأة فكانت حين ألقى عادل إمام جملته الصاعقة حين قال (اللي حصل في عيد الأضحى كان إهانة لينا كلنا) فهي غير موجودة في السيناريو والدليل أن دهشة باسم قهار في المشهد كانت حقيقية وليست تمثيلاً.

واضاف: لقد تطرق بهجت الجبوري في المسلسل وتمثيله لشخصية سعد أستاذ مادة التاريخالى تداعي التعليم في العراق ولم يدخل في تفاصيل ذلك، تلك التفاصيل التي نعرفها جميعًا ونمارسها بكل قباحة ووقاحة من دون أن نخجل من أنفسنا شعبًا وحكومة، والأستاذ سعد ذكر الطائفية ولكنه لم يخض في تفاصيلها المندية للجبين والمقرفة إلى حد الموت، لم يتطرق الأستاذ سعد الى وصف القتل القذر الذي مارسته الميليشيات بفتاوى الشياطين، لم يتحدث بلسان المتطرف السني الذي أفتى بالنص (أقتل ألف علي وأفرح قلب عائشة) ولم يتحدث بلسان المتطرف الشيعي الذي أفتى بالنص (أقتل ألف عمر وأفرح قلب الزهراء)، هذه الملحمة التي تفتخر بها بعض العقول الشاذة كانت نتائجها مقبرة من المغدورين سنة وشيعة جمعتهم أرض النجف من دون أن يتم التعرف على هوياتهم وإنتماءاتهم، نحن بحاجة الى صدمات لكي نعي واقعنا المر، وإنظر إلى أي درك تهافتنا ووصلت عقولنا المريضة المتعبة، لقد ضحكت بألم عن إتهام هذا الرجل بالطائفية ظلمًا وجهلاً وعدوانًا، وهو لم يكن في يوم من الأيام طائفيًا فهو فنان محترم وما قاله في المسلسل جزء بسيط مما حدث ويحدث في العراق.

اما الاعلامي في قناة الحرة عراق عماد جاسم فقال: اجد أن هناك حدية وتعصباً بالتعامل مع الفنان الذي له حرية اختيار الدور وحتى إن اختلفنا مع ما هو موجود في نص المسلسل الذي لا يتطابق مع حقيقة البلاد، الا أن علينا أن نحترم قناعات الفنان ولا ننسى أنه ممثل، ومجرد ممثل في المسلسل، فلماذا نحمّل الامور اكثر من طاقتها ونحول النقد الفني الى هجوم طائفي أو سياسي، ويبدو أن المشاهد العراقي لم تعد له رغبة بالاستمتاع ويذهب بعيدًا نحو تفحص الاثر الفني مذهبيًا أو فكريًا وهو ما يبطل متعة المشاهدة، لا انكر أن هناك اخفاقات كثيرة في مسلسل عادل امام، فهو لم يحمل علامة تميز واحدة ويفتقر الى التنامي الدرامي والرؤية الموضوعية للاحداث العربية وكان يترجم نظرة قومية فردية قاصرة على استيعاب المشهد العربي المعقد، لكن من الصعب ان نطالب فناناً أن يجيب عن اسئلة سياسية محيرة أو نطالبه ان يتطابق مع رغباتنا او نظرتنا للواقع الذي يمكن ان تكون له زوايا متنوعة، والاهم هو أن نكون اكثر مرونة مع ابناء وطننا ومع فنانينا واكثر تسامحًا واقل قسوة في الحكم.

واضاف: اعتقد أن حالة الخلاف على مسلسل ناجي عطا الله تعكس صعوبة توافق الانطباعات للجمهور المنقسم الآن سياسيًا بين متفق مع الحكومة لاسباب طائفية او اسباب أخرى، وبين معارضين لاسباب عديدة اولها طائفي وفيها توجهات سياسية، واخرى تنبثق من رفض الواقع المزري مع غياب الخدمات والفساد المتعاظم ونفوذ السياسيينما يثير اشمئزاز وحقد الناس الذين يجدون أن اي نوع من النقد للحكومة هو مقبول وإن كان لا يستند الى معايير موضوعية، كما حصل مع عادل امام الذي استسهل الحالة بين مقاومين للاحتلال ومع الاحتلال وكانت بعض المشاهد الساخرة مستفزة للكثير من العراقيين بالاخص السخرية من اعداد الارامل وامكانية أن يكون احد شباب الفرقة وهو ابراهيم على علاقة معهن، وفي ذلك استهانة بمشاعر المجروحين من العراقيين.

اما الفنان فلاح ابراهيم فقال: اريد أن اقول أي تفاهة حين أن نتصور أن سرقة بنك هو انتصار للعرب، ثم اضاف: انا ضد أي فنان يعمل في عمل فني يتناول الموضوع العراقي ويكون العمل فيه اساءة للعراق، لا يهمني بهجت أو فلاحأوغيرهما، ما يهمني هو المبدأ، والاهم إلى ماذا يهدف هذا العمل وما هي مكانة الممثل العراقي فيه؟ وهل الدور يتفق ومكانة هذا الممثل في بلده؟ انا بصريح العبارة ضد العمل سواء كان فيه بهجت الجبوري أو لا.

واضاف: المسلسل ليس واقعيًا ولا عادل امام ولا الانسان المصري سوبر، وسؤالي هو لماذا لم يتعرض الى الخليج لأنهم ممولو المسلسل؟ لماذا أظهر على أن العراقيين ليس فيهم شخص جيد وكلهم عملاء لاسرائيل؟ المسلسل في اخطاء كثيرة وفلسطين لا تتحرر بسرقة بنك ولا بهذه السذاجة في الطرح،كماأنكل الشباب الذين رافقوا عادل امام ليسوا بالمستوى المطلوب على الرغم من البداية التي جعلتنا نشعر اننا امام شباب مهمومين.

وتابع فلاح: انا ضد الشتم والتشكيك، ومع العتب واللوم والصدمة من فنان كبير، نعم انا ارى ان الفنان بهجت الجبوري أخطأ في مشاركته، ولكن لا أرى في ذلكجريمة وكلنا نخطىء وانا مع الاعتذار منه لمحبيه.

فيما قال الممثل العراقي فيصل جواد كاظم: بهجت الجبوري عراقي، وليس لنا الحق في أن نشكك بعراقيته وانتمائه، وكم اتمنى ان نوقف زحف النار في تصريحاتنا المتوترة والموتورة ونتأمل أكوام الرماد التي خلفتها تطرفاتنا وغلو بحثنا عن مفازات رخيصة لا طائل من الجري خلفها تحت أي مسمى ولصالح أي طائفة، من كان يخشى شماتة احد فلينظر الى شوفانية طروحاته ويعلن ثورته على ما ابتلتنا به ولادات ومساقط رؤوس وولاءات تجاوزت العراق الارحب لصالح الطوائف الاضيق، وصولاً الى الخلاص الأسمى في التجلي.

اما الصحافي ظافر جلود فقد كتب على صفحته في الفيسبوك يقول: لا يا سيدي بهجت الجبوري، ما كان عليك أن تنطق بهذه الأوجاع أمام الملأ، احترم فيك جهودك وعراقيتك منذ أن عرفتك معلمًا متعلمًا ونحن طلابك في المدرسة المركزية في الناصرية، لقد مسحت كل نجوميتك وأنت الفنان الذي كنت أرى فيك النسخة المكررة لعمالقة التمثيل في العراق. كانت آخر مرة التقينا في الإمارات، تحادثنا وتكلمنا وأنا أجلك واحترم آراءك لأني تلميذك، وبعد ذلك صديقك، أحسست حينها مدى قدرة تشويش الإعلام عليك الذي فيه الصالح والطالح، وبكل تواضع طالبتك بالذهاب إلى بغداد لكي ترى الصور بصورة أوضح، نعم هم يعانون من مساوئ عديدة، لكنهم يعيشون بإصرار على الرغم من الجراح والآلام والموت الذي يحيط بهم، صابرون، مجدون يعملون، مدارس متخمة بطلابها وجامعات محشوة برؤوس تبحث في العلم والمعرفة أساتذة علماء مجدون يا أبا هدى، لم أكن أتوقع منك أن ترتضي لنفسك إن تشتم وتهين شريحة العلماء اليوم، العراق بلدك أولاً وأخيرًا، وما يمضي سيكتب للتاريخ، وإذا كان عادل إمام شفي غليله من العراق، فانه يا سيدي قد حمل الجمل بما طاب ولذ أيام سنوات القهر والعذاب،لا أريد أن اتهمك بأي شيء لأني اعرف معدنك الأصيل، لكن الحسرة في قلبي والآلام تعتصرني، ومهما كانت المبررات فإنها لا تدفع بمثلك أن يصدر الكذب لأهله وذويه، كانت فرحتي كبيرة بمشاركتكم في عمل تلفزيوني عربي على الرغم من كونه قصة فاشلة وخرافية، لكنني أطبقت أسناني على يدي من الندم.