يثير هذا الرجل الدهشة والحيرة في نفوس الكثيرين ممن يعرفونه وممن لا يعرفونه، فالجميع يعلم أنه يعشق المغنية اللبنانية إليسا بشكل جنوني، حتى باتوا يطلقون عليه quot;عاشق إليساquot; هذا اللقب الذي يشعره بالغضب فيردّ على من يناديه به بصراخ، كأن الأمر كشف سراً خاصاً به وتدخل في شأنه الداخلي.


بغداد: يعرفه الناس في مدينة (البياع) التي تقع (جنوب غربي بغداد) عاشقاً لأغنيات المغنية اللبنانية إليسا، لأنه لا يسأل سوى عن أغانيها عند باعة أشرطة الكاسيت، وباعة أجهزة التسجيل والمذياع، فهو يمر يومياً في الشارع الرئيسي بالبياع (شارع 20) ويقف عند هؤلاء الباعة سائلاً عن (أليسا) بصوت خافت، أو لأنهم في ما بعد أصبحوا يعرفون جيداً ماذا يريد لمجرد أن يقف عندهم وينظر الى بضائعهم، فهناك من يطلق له صوتها من جهاز التسجيل لإثارته، ومن الممكن بسهولة التعرف على ردود فعله التي تنتشر على ملامح وجهه، كيف أنه يحاول أن يكتم فرحه لكن طربه لسماع صوت إليسا يشي بما يعتمل في صدره، ومن الممكن معرفة ردود الفعل إذا ما أغلق جهاز التسجيل وتوقف الصوت فيشعر بالإنزعاج ويغضب وربما يشتم، هذا الرجل الذي يبدو في الأربعينات من عمره لا يتسول المال فقط، بل يتسول صوت إليسا أيضاً. (وكم حاولنا التحدث معه، لكنه صاح غاضبًا ومضى بعيداً، وطلبنا من أحدهم أن يستوقفه لنلتقط له صوراً لكنه حاول أن يتملص إلا اننا بجهد جهيد تمكنا من إصطياده !!!).

يقول بائع أجهزة كهربائية على الرصيف هناك: إسمه سيد صلاح، هذا وضعه، يتسول بملابسه الرثة ولحيته الكثة وشعره الأشعث، ويبحث عن طعام عند هذا أو ذاك، لكنه يأتيني كل يوم ليسألني عن مذياع لكي يشتريه، وأنا أستغرب أنه يشتري بين يوم وآخر مذياعاً لكنني لا أعرف اين يذهب به، وحين كنت اسأله يقول إنه كسره، فأستغرب مما يقوله خاصة أنه يستجدي المال الذي يشتري به الراديو، الى أن عرفت أنه يريد أن يسمع من الراديو فقط صوت اليسا، وحين يبحث عنها بين المحطات ولا يجدها يغضب فيكسر الراديو !!!.

أما الشاب منتظر، بائع، فقال: سيد صلاح لا يعرف من الدنيا غير اليسا، يعشقها بشكل غريب، اراه يأتي الى بائع الراديوهات ويطلب منه أن يسمع صوت اليسا، وذلك لا يبخل عليه فيسمعه اغنية لها من خلال (المسجل)، لكنه يغضب اذا تلفظ أحد باسمها أو ناداه بإسمها وكأنها ملكه الذي يغار عليه، حتى لو اردت أن تعطيه مبلغًا من المال وذكرت اسمها يتركك ويمشي كأنك تريد أن تأخذها منه.

وأضاف: أعتقد أنه كل يوم يشتري راديو ويكسره، ويبدو أنه يعتقد أن الراديو لا يبث غير أغاني إليسا وحين لا يجدها يقوم بكسر الراديو ثم يأتي في اليوم الثاني بحثاً عن راديو جديد، والغريب أنه يحصل على هذا المال عن طريق التسول، وهو ليس كامل العقل كما يبدو.

وحين سألته: هل هو معجب بأليسا المرأة أم بصوتها فقط ؟ فقال: لا أعتقد أنه يعشقها كإمرأة لأنني لم أرَه يوماً يحمل صورتها، وربما لديه في بيته صور لها، لأنني اعتقد أنه يغار عليها من الآخرين، وذات مرة بصق على احدهم لأنه سأله عنها، يحب أن يسمع اغانيها دائمًا ولا يسمع غيرها، لذلك نسميه (عاشق اليسا)،ولا يمكن أن اجزم أنه ليس معجبًا بجمالها أو صورها، ومن الممكن جدًا أن يكون اعجابه اولًا بشكلها، فهو في كل الاحوال رجل، وربما حركت فيه مكامن الرجولة وعشقها هذا العشق.

فيما قال الشاب سعد: هذا المجنون ربما سبب جنونه اليسا نفسها، فهو شغوف بسماع اغنياتها، وانا لا اشك أنه متيم بها لأنها جميلة ومثيرة، وانا احترم ذوقه وإن كان منظره منظر مجنون ومتسول، ولله في خلقه شؤون، اسمع الكثيرين يتحدثون عنه وأنه يطلب من باعة الاشرطة أن يسمعوه أغنية لها والبعض منهم يتعاطف معه، ما سمعت أنه كثير الشراء للراديوهات وأنه يكسرها لأنها لا تبث له اغنيات اليسا، ولله في خلقه شؤون.