في حوار مع quot;إيلافquot; تحدّثت الإعلاميّة نادين البدير بجرأة عن رأيها بالإخوان المسلمين وحذّرت من خطرهم على المجتمع السعودي، ودعت لكشف خططهم ومآربهم التدميريّة.


دبي: هي إعلاميّة سعوديّة عرفت بجرأتها والدفاع عن حقوق المرأة في بلدها، كانت لها عدّة تجارب في الإعلام التلفزيوني وآخرها برنامج quot;إتجاهاتquot;، في حوار مع quot;إيلافquot; تكلّمت عن حالة التمرد التي تسكنها، وعن الأمومة، وعن العادات والتقاليد التي عانت منها كثيراً، إضافة إلى رأيها بالإخوان المسلمين.

على مشارف الأمومة ما الذي سيتغيّر بالنسبة لنادين؟ هل خفّ التمرد؟
لِمَ تفترض أن يخفّ التمرد؟ أنا سبب الخلق وهذا ما زاد إيماني به بعد الإنجاب. في صغري قرأت كثيراً عن المجتمعات الأموية حيث المرأة هي زعيمة القبيلة وهي الآلهة لأن المجتمعات البشرية في بداياتها عجزت عن تفسير قدرة الأنثى على إخراج كائن حي جديد، فما كان إلا أن عبّدتها وقدستها لذا تجد أسماء الآلهة القديمة مؤنثة، أما الرجل الذي لم يمتلك هذه المنحة الكونية فكان يعمل لديها. باختصار كانت سبب الخلق وزعيمة كل شيء. لم أشعر بلغز الخلق لدى المرأة إلا بعد الولادة. ازداد فخري بأني أنثى وأحمل في جسدي معجزة فريدة. وزاد إصراري على حماية هذه الأنوثة من الانكسار والطغيان والتمييز والاضطهاد.
هل يخف تمردي بعد هذا؟ ثم لما لا تفترض أن أصبح أكثر تمرداً مع المسؤولية الجديدة. لما يفترض الجميع أن تخمد ثورة فتاة مع زواجها أو انجابها الأطفال. كأن تمردها كان نزوة في حياتها أو تسلية تشغل بها عزوبيتها. الأمومة جعلتني أكثر قوة ورغبة بالتحدي ثم أن تمردي نبيل وهدفه حياة أفضل لوطني . لا يمكن أن أتنازل عن هذا الهدف.
الأمومة أحيت في نفسي أشياء كثيرة لم أكن أشعر بها. حبي لإبنتي يلازمه خوف على مستقبلها ومستقبل جيلها. لا أريد أن تكبلها القيود وأن تكون امرأة كبقية نساء هذا المجتمع القابعات تحت العباءة، والمترنحات تعباً من فتوى تحرم وجودهن وتحرمهن من الحياة مثل أي فتاة طبيعية على هذه الأرض. أريدها مشرقة تحلم في ظل ظروف بيئية تساعدها على تحقيق الحلم ولا تقول لها كما كنت أسمع في صغري: عيب انت بنت.

كثيرون يرون في تنانيرك القصيرة ثورة على التقاليد المحافظة للمجتمع السعودي. ماذا ترين؟
لا أؤمن بأن الملابس والأفكار يمكنها أن تحكم علاقتنا مع الله. هذه أمور سخيفة ومن يحكي فيها أسخف منها. التدخل بالملابس والشكل الخارجي للإنسان خصوصاً المرأة هو قمة الانحدار الحضاري، أتفاءل في المقابل بالربيع العربي كونه كشف عن سطحية المتطرفين وقصر مداهم. فهم وحدهم الذين يراقبون تنانيري وفساتيني. معذورون إذ لا يفقهون شيئاً من الحضارة، وفكرهم فارغ سوى من الجنس وجسد المرأة. مرضى نفسيون، صورة المرأة لا تعني لهم سوى الفراش ولأنها كذلك يظنون أن بقية الكون يقبع بالفراش ايضاً، لذا يريدون تكفينها وتغطيتها. استمع لمحاضراتهم وندواتهم كلها تبدو كمحاضرات بورنو.
وبالمناسبة أنا لا أؤمن بالحجاب لأني لست سطحية. إن كان القرآن الكريم مرشدنا فليست هناك آية واحدة تنص حرفياً على وجوب تغطية الشعر. الحجاب فرض علينا بموجب تفاسير بشرية، ولم يخرج الحجاب للوجود البشري إلا مع الإسلام السياسي. راجع الشوارع العربية في الستينات وما قبل لن تجد محجبة واحدة. ثم إن حرية الملبس التي أطالب بها لم آتِ بها من فراغ إنما من آيات القرآن. الله منحنا حق التدبر والتفكير والعمل فلِمَ أستجيب لدعوات حجب وسجن رأسي مصدر انطلاق الأسئلة والأفكار ؟
أما عن التقاليد السعودية، فلا أعتقد أن اللفظ مناسب. لأن كل ما نشهده اليوم هو عادات ظهرت حديثاً كنتاج للتطرف الموجود منذ أيام دخول الاخوان واختلاط فكرهم بفكر السلفية التقليدية، الأمر الذي أنجب لنا (فرانكشتاين) فبدأ جهيمان باحتلال الكعبة ثم تلته حركات الإرهاب سواء الفكرية أو الدموية . أما المجتمع السعودي فليس متخلفاً كي نلصق به كل تأخر يحدث. هو ذات المجتمع الذي وافق على ابتعاث بناته للخارج من أجل التعليم. هو نفسه الذي نجده كل صيف في عواصم العالم يسافر ويستمتع بالبلدان وبالدنيا. فلِمَ اطلاق صفات توحي بتخلفه تحت شعار التقاليد والأعراف؟ المجتمع السعودي بالأمس كان أكثر رقيًا وتحضراً. كانت هناك سينما وكانت نسبة الاختلاط أعلى منها اليوم. كانت النساء تذهب للحقل مع الرجال دون غطاء يخفي الوجه. وكانت تبيع في الأسواق مع الرجال ونحن نزغرد لمجرد منحها حق العمل كبائعة، وكانت المرأة في قرى كثيرة تستقبل الرجال في غياب زوجها. أشياء كثيرة انتهت لأنها تحولت بين ليلة وضحاها إلى :حرام.
أنا أعرف مجتمعي جيداً وتصلني رسائل ومكالمات من رجال ونساء يصفون برنامجي وأستلم عبارات الاطراء على ملابسي وهندامي، الذي ينتقد حرية ملبسي تجده يكتب مقالات عناوينها باعثة على الضحك : نادين وتنورتها. نادين وسيقانها. نادين وجسدها. كله مرتبط بالجسد. فكيف يكون مدافعاً عن الدين والأخلاق في ذات الوقت الذي يراقب به تفاصيل امرأة. هل أغيّر نمط حياتي لأجل هؤلاء الذين كتب لهم التطور الطبيعي للحياة والكون النهاية والزوال، وأكبر دليل سقوط الاخوان.

هل الإعلام عليه مسؤوليّة في هذا الخصوص؟
برأيي القضية الأبرز اليوم التي يجب التركيز عليها إعلامياً لتوعية المجتمع بخطورتها هي انتشار الإخوان في الداخل السعودي. هم سبب كل النكسات التي تمرّ بها المنطقة العربية وسبب النكسة المجتمعية السعودية. صحيح كانت هناك سلفية في الماضي لكنها سلفية بسيطة لا تصل لمكر ودهاء تنظيم دولي قادم بمؤامراته ومخططاته للسيطرة وبسط النفوذ تحت مسمى الأممية والخلافة الخزعبلاتية. استغل الإخوان سذاجة الصحراء وقتها وبساطتها حين قدموا للمملكة هرباً من بعث العراق وسوريا ومصر الناصرية وقرروا أن تكون لهم في شبه الجزيرة العربية اليد الطولى وهكذا كان. استلموا كل شيء ودمّروا كل شيء. التعليم، الإعلام وكل المجالات الحساسة الأخرى حتى استلموا منصب وزير التربية والتعليم في إحدى دول الخليج كلها باسم الدين. والآن بعد كل هذه الأعوام من تشويه السمعة السعودية على يد المنتج الاخواني (تنظيم القاعدة) ما زلنا صامتين وما زالت الدولة تلزم سياسة العمل بسكون. ليس الصمت دائماً حكمة ولا أحد يريد للسيناريو المصري أن يتكرّر هنا ولا نريد لسيناريو الستينات والسبعينات السعودي أن يصاغ من جديد. يجب تطهير البلاد من تنظيم الإخوان ومن آثار الجماعة التي أنهكتنا عشرات السنين وفرخت تنظيم القاعدة وكل التطرف والإرهاب في السعودية كان أساسه صناعة إخوانية. وإذا ما علمنا أن الاخوان بدورهم كانوا صناعة بريطانية وبدعم أميركي اليوم يكون أمر مواجهتها واجباً عروبياً وقومياً.
هم انتحروا في مصر فليس واجبًا علينا إيجاد بيئة جديدة لولادتهم وسيطرتهم. بل الكشف عنهم في الداخل السعودي وتقليص انتشارهم. ومن منبر إيلاف أطالب بمحاكمة كل رموز وعناصر الإخوان في السعودية والخليج إن كانت هناك عدالة. محاكمة علنية لعلها تعوّض الحياة التي أضعناها في التخلف. كلنا كان يعلم أنه يحيا بعالم مختلف تماماً عن أبناء جيله في أي أرض أخرى.
فيما كان النشيد الوطني محرماً في الطوابير الصباحية المدرسية كان نشيد حسن البنا يصدح بالمراكز الصيفية الإخوانية التي يتم تجنيد الشباب فيها. ماذا ننتظر إذن؟ يجب أن ننتبه إلى أنه تنظيم خطير جداً لديه مصادر تمويل عظيمة لذا علينا ألا ندفن رؤوسنا في الرمال هرباً من المواجهة، وعلينا أن نتحرر من سيطرتهم لئلا نختطف لصالح حزبية يسيطر عليها الإخوان.
لنحدد مَن هم المسلمون ألم يكن أجدادنا مسلمين قبل مجيء الإخوان؟ ونحن الممسكون بالدين الإسلامي المنتشر منذ زمن أجدادنا الخالي من الحزبية والعقد والتطرف ألسنا مسلمين؟ كيف منحناهم الفرصة على خلق تعاريف مزيفة للإسلام وكيف منحناهم فرصة تكفير المسلم الحقيقي؟ وكيف تنصلت ملايين منا من إسلام أجدادنا ليقدسوا في المقابل دستور الإخوان المرسوم بيد سيد قطب ؟

متى ستعودين إلى الممكلة أم أن هجرتك أبدية؟ وهل إن بلادك لا تصلح للسكن؟
هي تصلح ولا تصلح. الذكريات التي فيها وحكايات عمرها أعوام تجعلني ملتصقة بها ولو لم أعش فيها. السعودية لم تخرج يوماً من داخلي. كل كتاباتي عن بلدي وكل أحاديثي ونشاطاتي تدور في النهاية حولها. لا أعرف أين ستأخذني الدنيا ولا أحب أن أخطط. الآن بعدما انتقل برنامج اتجاهات إلى الرياض شعرت بصدمة في البداية كوني سأبدأ تسجيل حلقاتي من هناك لكنها زالت تدرَّجاً مع نجاح أولى الحلقات حيث حققت شهرة ومشاهدة عالية وهذا ما يهمني. فنجاح عملي هو ما تدور حوله حياتي. سأعود لارتداء العباءة التي أكره فكرتها وأتحمل مختلف التناقضات. الحياة في وطني صعبة لكنه وطني وأحبه.

وصلت المرأة السعودية لمجلس الشورى، ماذا بعد؟
المرأة السعودية كسولة أو خائفة. مطالباتها ليست جريئة لا تصل إلى واحد على مليون من شجاعة ونشاط النساء العربيات. كل مطلب تقدّمه تكون الحكومة سبقتها إليه. قبل سنوات حين كنت أكتب عن قيادة السيارات كانت ناشطات يبعثن لي برسائل ينتقدن ما أفعل لأن الأولوية حسب قولهن لأشياء أخرى. واليوم حين تأكدن أن الحكومة لن تضع في السجن من تطالب بالقيادة صرن أنفسهن يتسابقن على المطالبة بها. أنا محظوظة لكوني أشق الطريق دائماً وأطالب بالأشياء من دون معرفة رأي المسؤولين وفي أوقات يخاف به الجميع. ثم تلحقني البقية. لا تستبعد أن تطالب النساء بعد فترة بحق تعدد الأزواج.
كنت أطالب بالحريات السياسية ويبعثن لي أن الوقت الآن للمطالبة بأوضاع للفقيرات والمطلقات والأرامل، كنت أقول لهن ماذا عن النساء الطموحات اللواتي لسن مطلقات ولا أرامل أو فقيرات هل ينتظرن إصلاح أوضاع القاع ليتمكنّ من الحياة برفاهية. وأنظر إليهن اليوم، بمجرّد ما أعلن الملك عبدالله إعلانه المصيري عن حقّ المرأة بالمشاركة في الشورى صرن يتبارين على الظهور وإعلان أهمية المشاركة السياسية. قمة النفاق والتعالي على الحركة النسوية الحقيقية، هؤلاء غير مستقلات بل تابعات، والتبعية لا تستوي مع النشاط والمطالبة بالحرية.