تعجز الكلمات في حضرتها، مالئة الدنيا وشاغلة الناس. بين سطور كتاباتها الكثير من المتعة، والحبّ، والدهشة، والأحلام الشاهقة. الروائية الجزائريّة الشهيرة أحلام مستغانمي ضيفة "إيلاف" اليوم في هذا اللقاء المصوّر.



&سعيد حريري من بيروت:
تتحدّث الروائيّة الجزائريّة أحلام مستغانمي في لقائها المصوّر مع إيلاف عن فرحتها بالتكريم الذي تلقّته من مهرجان "بياف" الذي أُقيم في بيروت مؤخراً، وتؤكّد بأنّها بصدد التحضير للجزء الثاني من روايتها "الأسود يليق بك"، وتصرّح بأنّ النجاح جميل، ولكنّه في الوقت نفسه مؤذٍ ومخيف،& وتبدي وجهة نظرها بالوضع العربيّ في ظلّ قيام الدولة الإسلاميّة "داعش".
&
نحتفل لننسى...

عن إنطباعاتها بالفوز بجائزة تكريميّة في مهرجان "بياف"، قالت: "في الواقع أنا سعيدة جداً، هذا الوجه الجميل لبيروت، هذا الوجه الراقي الذي نفتقده في هذه الأيّام، وأنا أقول بصراحة بأنّه كان مقرّراً بأن أكرّم قبل سنتيْن من قبل مهرجان "بياف"، ومن قبل الموركس دور أيضاً، ولكن إعتذرت بمحبّة لأنّ الظرف الذي كانت تمرّ به الأمّة العربيّة لم يكن يسمح بأن أظهر بزيّ للبهجة، وأن أحضر مناسبةً كهذه، ولكنّي أعتقد أنّه الآن من الضروري أن نحوّل الفرح إلى فعل مقاومة أيضاً، ولو أنّه كما قلت بأنّنا لا ننسى، فبعد قليل سأعود إلى البيت وسأبحث في الإنترنت عمّا حدث، وعن كلّ مآسينا العربيّة، ولكن نحن كمن يصفّر في الظلام حتّى يبعد عنه الخوف، نحن نحتفل لننسى، ولنبعد عنّا كلّ هذه الهواجس والكوابيس التي تسكُننا".

دائماً أتوقّع نجاح أعمالي!

وعن تلقّيها لنجاح عملها الأخير "الأسود يليق بك"، قالت: "في الواقع لا أدري، ولكنّي دائماً أتوقّع نجاح أعمالي لأنّي آخذ وقتاً طويلاً لكتابتها، كنت سعيدة، ولكن في كلّ مرّة النجاح يسعدني ويخيفني، الآن أحاول أن أعمل على الجزء الثاني من هذه الرواية، وكلّ القرّاء ينتظرون الجزء الثاني بفضول كبير، وأنا مطاردة بمحبّة، ولكن العمر يمضي بسرعة وأنا كسول".

لم أعُد حرّة كما كنت في البداية

وعن خوفها من مواجهة الورقة البيضاء، تقول: "بالطبع، فالنجاح بحدّ ذاته أكاد أقول إنه مؤذٍ، شيئاً ما، النجاح مخيف، أنتَ تسعد لكن في النهاية تعود وحدك في آخر الليل، وعليك أن تواجه الورقة البيضاء، لا توجد لديّ مشكلة الورقة البيضاء، وإنّما عليّ الآن بحكم التأثير الذي لديّ على كلّ القرّاء العرب، أن أزن كلّ كلمة أكتبها، أنا لم أعُد حرّة كما كنت في البداية، وعندما كنت أكتب أعمالي الثلاثة الأولى كتبتُها بتلقائيّة، وكتبتُ كلّ مواقفي وأفكاري فيها، أمّا الآن أصبح الأمر مختلفاً، لأنّ لديّ تأثيراً كبيراً، ويكفيك أن إحدى صفحاتي الموجودة على موقع "فايسبوك" يتابعها ستّة ملايين شخص، وهناك نصف مليون يتابعني على "تويتر"، هذه مسؤولية كبيرة، في البداية كنت أسعد بذلك، وكان لديّ شيء من الزهو، ثمّ يصبح الأمر مرعباً، لأنّه ليس من حقّك أن تُخطئ".

نحن لا ننجو من الحبّ، والحبّ لا ينجو من السياسة!

وعمّا إذا كانت رواياتها القادمة ستحمل مواضيع مختلفة لا ترتكز بالضرورة على الحبّ الذي ميّز مواضيع رواياتها السابقة، قالت: "نحن لا ننجو من الحبّ، كلّ حبّ هو سياسيّ كما يقول مالك حدّاد، وحتّى الحبّ العادي لا ينجو من السياسة، وحتّى بإختيارك لمن تحبّ أنت تقوم بفعل سياسيّ، لكن لا يُمكن أن تكتب روايةً مجرّدة من الحبّ، أنتَ تحتاج، خاصةً عندما يكون لديك عمل بالقدر الذي أضع& فيه أنا من التاريخ الموثّق، ومن الأحداث التاريخيّة التي تحتوي على الكثير من الفجائع، ومثالاً على ذلك ما تضمّنته رواية "الأسود يليق بكِ" من الإغتيالات، ومن الإرهاب الموجود دائماً، هناك مآسٍ، وهناك جُثث، لا يمكن أن تبدأ عملاً روائيّاً بوضع جثّة في الصفحة الأولى، عليك أن تشدّ القارئ بقصّة عاطفيّة، ومن خلالها تمرّر أفكارك، ولهذا لا بدّ للحبّ أن يكون موجوداً، ثمّ إنّ الحبّ موجودٌ في حياتي، ومن الطبيعي أن يكون موجوداً في كُتبي" (تبتسم).

راودتني فكرة أن أكون من الدروع البشريّة

وعن رؤيتها للوضع العربيّ في ظلّ قيام الدولة الإسلاميّة "داعش"، قالت: " القضيّة كلّها أنّنا في حرب ضدّ ظلاميين، ونعتقد بأنّ الأمّة العربيّة منذ سقوط بغداد تغيّرت والكثير من الأشياء، نحن لم نعِ أنّه بسقوط بغداد ستسقط الكثير من الدول بعدها، وأنا في الحقيقة حملتُ حداد بغداد، وأكاد أقول، إلى اليوم، فأنا أعيد طباعة كتابي "قلوبهم معنا، وقنابلهم علينا"، وأنا كتبت عن إجتياح أميركا للعراق ما يقارب الستين مقالاً، وكنت ألازم الفراش، وكنتُ أمرض وأنا أتابع الأحداث، والآن عندما أرى ما حدث، تصوّر، أنّي كنت من الحماس في فترة معيّنة بأني فكّرت بأن أكون من الدروع البشريّة، لقد راودتني هذه الفكرة بأن أكون مثل كل الدروع البشريّة القادمة من كلّ مكان، من الناس المسالمين الذين قدموا من أوروبا ومن كلّ البلاد ليدافعوا عن العراق، وهم عُزّل، الآن تبدو لي هذه الفكرة ساذجة وغبيّة لأنّ عدد الموتى لم يغيّر شيئاً... مئات الآلاف ماتوا ولم يتغيّر شيء، والعالم العربيّ& كلّه ذاهب نحو هذا الإنحدار المفجع، والآن أعتقد أنّه علينا أن نُعيد النظر في كلّ شيء، القوميّة العربيّة "إنضربت"، وكذلك كلّ القضايا التي آمنت بها، وما يؤلمني أكثر أنّ القضايا ندرت لها عمري وقلمي أراها تمضي نحو الأفول أمامي، هذا هو الأمر الأكثر وجعاً".

تصويرفوتوغرافي: إيلي كوزمان
تصوير فيديو ومونتاج: كارن كيلايتا

لمشاهدة لقاء "إيلاف"&المصوّر بالروائيّة الجزائريّة أحلام مستغانمي:&