تتعرض الساحة الغنائية لحروبٍ مستمرة ما بين القرصنة والإنتاج وعوامل أخرى كثيرة تؤثر سلباً على الأجيال القديمة، بينما تُولَد تباعاً أجيالاً جديدة، وتسير هذه العملية بشكل دائري مستمر، يشبه إلى حدٍ بعيد دورة الحياة الطبيعية إنما على الساحة الغنائية&والفنية بشكلٍ عام.&


القاهرة: لكل فنان مخزون محدد وطاقات فنية معينة لا بد أن يأتي عليها يوم وتنفذ حتى وإن كان ذلك تدريجياً. خاصةً مع المتغيّرات العصرية والعولمة والإنفتاح الذي نعيشه اليوم، حيث شهدت الساحة الغنائية إختفاء الكثير من الأجيال الموسيقية التي كان لها رونقها من قبل. فإختفت أسماءً لامعة من الشعراء والملحنين وحتى المطربين وحلت مكانهم أجيال جديدة أوشكت على الإختفاء بدورها أيضاً.
في هذا السياق، تطرح "إيلاف" في هذا التحقيق آراء صُنّاع الموسيقى حول المتغيرات التي أُصيبت بها الساحة الغنائية، واستوضحت&موقفهم من&مدى انطباق مقولة "جيل يُسلم الراية لجيلٍ جديد":
&
حلمي بكر: نجوم اليوم أسماء وهمية&
أبدى الموسيقار حلمي بكر رأيه بعنوان وفكرة تغيير الساحة الغنائية لجلدها، فقال: "أرى أن الفنانين الموجودين على الساحة هم مجرد نجوم إسمية وليست فعلية، فحينما يتم تكليف فناني اليوم بتقديم أغنية وطنية يخاف الكثير منهم من المشاركة في هكذا مهمة. فعمرو دياب قدّم أغنيتين وطنيتين من قبل، وكانتا عاديتين لم يتأثر بهما الجمهور بشكلٍ لافت، ولكن حينما تمت الإستعانة بحسين الجسمي لتقديم "بشرة خير" حققت نجاحاً كبيراً، وتستطيع أن تسأل مصطفى كامل عن تحضيرات أغنية "تسلم الأيادي"، حيث تحدث مع الكثيرين للمشاركة&في الأوبريت، لكنهم&رفضوا الغناء والمشاركة،&ثم ندموا&حين شهد البعض نجاح هذا العمل، وراحوا يشتكون.&
&
وأضاف: "نحن بحاجةٍ ماسة لجيلٍ جديد من المغنين المميزين، فأصبحنا نعيش زمن مطرب كل ليلة، ولذلك لا أرى أية أسماء ناجحة بين الموجودين على الساحة، رغم ادعاء البعض بأنهم فوق في السماء. حتى أنهم بدأوا يزوّرون بنِسَب المشاهدة الكترونياً. كما أنني لا أعتقد أن الإنتاج يُمثل عائقاً كبيراً لأن الأغنية الناجحة تستطيع فرض نفسها على الجمهور والساحة مثل "تسلم الأيادي" و "بشرة خير" . لكن&كل فنان يرى نفسه وكأنه يعيش فى برجٍ عالي ويؤسفني أن اقول لك أن القمة "مدببة" ولذلك لا يستطيع أي فنان الجلوس عليها&بل عليه أن يستمر بالصعود نحوها.
&
وعن رؤيته لاختفاء جيل الثمانينات والتسعينيات من الشعراء والملحنين وظهور جيل جديد أكثر تميزاً.&قال "بكر": "لا أعتقد ذلك. لأن الوحيد الذي يعمل ومتواجد بشكلٍ قوي هو أيمن بهجت قمر. فعمرو مصطفى حينما قدم "بشرة خير" إستعان بمطرب خليجي وهو حسين الجسمي لأن الفنانين المصريين بعضهم نائم والبعض الآخر واقع، كما أنني أرى أنه لا بد من ظهور جيل جديد ومميز من الفنانين الجُدد على الساحة، ولا بد أيضاً من ظهور قنوات فضائية شرعية تُعطهم النجومية حتى لا نعتمد على مغنين "تحت السلم". فلدينا مغنين لا حصر لهم وعمرهم الإفتراضي منتهي دون أن يدرون. ولا بدّ من وجود&فنانين جُدد يمتلكون خامةً صوتية مميزة ولحن جديد غير منقول وكلمة مميزة حتى نرتقي بالفن المصري".
&
مجد القاسم:&أنماط الموسيقى&جديدة والقديم باقٍ&
ومن جانبه أوضح الفنان مجد القاسم رأيه قائلاً: "أتفق مع المقولة أن هُناك جيل فني&يُسلِّم جيلاً آخر، ولكن دون الإستغناء عن الأجيال القديمة لأنه بأي حال من الأحوال أي شيء ليس له قديم لا يكون له جديد. ومن المؤكد أن الأحداث السياسية الصعبة التي مرّ بها الوطن العربي مؤخراً أثرت بشكلٍ كبير في أداء&الفنانين، الشعراء أو الملحنين أو المغنين. واستدرك قائلاً: في&الحقيقة الجيل الكبير والقديم لم يستطع مواكبة العصر ومعرفة متطلباته على عكس الجيل الجديد الذي تواجد فى الشوارع وقت إلتهاب الأحداث، وكان ذلك سبباً لظهور فرق موسيقية كثيرة مثل الـ"أندرجراوند Underground" على الساحة، حيث إعتمدت هذه الفرق على مشاكل ونبض الشباب، وكذلك اعتمدت نمط الموسيقى المختلفة عن التقليدية التي اعتادها الجمهور".
&
وتابع القاسم: "أي شيء فى الدنيا له مخزون بالتأكيد سينفذ يوماً ما، وأي فنان مهما كانت طاقته الإبداعية، فسيأتي عليه اليوم ويقلّ مخزونه تدريجياً عما قدّمه في أوجّ شبابه وعزّعطائه، ولذلك لكل زمن آذان. بالإضافة إلى أن فكر الجيل القديم يختلف عن العصر الحالي الذي نعيشه ونتعايش فيه مع عناصر التكنولوجية الحديثة والمتنوعة في ظل العولمة. فالوضع قد تغيّر حالياً وإختفت عناصر كانت موجودة قديماً مثل الكاسيت وما إلى ذلك بوجود الجيل الحالي الذي يتعامل أكثر بالتكونولجيا".
&
فيروز كراوية: لا بد من وجود قوائم الغناء في مصر
وعلى صعيدٍ آخر، أوضحت الفنانة الشابة فيروز كراوية رأيها بفكرة المتغيرات على الساحة الغنائية وظهور أجيال وإختفاء أخرى، فقالت: "أنا متفقة على أن التغيير هو دورة الحياة الغنائية الطبيعية، ولكن تغيير الجلد فى مصر يتم بوسيلة بطيئة للغاية مقارنةً بأي بلد آخر في العالم. وتوقفت عند عبارة "تسليم الراية" لافتة لأن المطربين الكبار لا يعتزلون ولا يسلمون الراية للآخرين"، ولكنهم يدعمون الوجوه الجديدة ويحفزّون التغيير لأن ذلك يحافظ على المستوى المطلوب بتجدد دائم. لأنه حينما يظل النجوم الكبار مسيطرين على الساحة لثلاثين عام أو ما شابه ذلك، سيبقى النجوم الجُدد يعملون تحت راية "المطرب الصاعد" أو "الوجه الجديد" وسيحملون هذه الألقاب لسنواتٍ طويلة في الوسط".
&
وأضافت "كراوية": "لابد من وجود تنوع على الساحة الغنائية بين الجيل القديم والجديد. أما في مصر فلا يختفي الجيل القديم من الفنانين إلا لأسبابٍ إنتاجية أو فنية. وأعتقد أنه من الطبيعي حينما تكون لدينا ساحة غنائية فيها تنافس جيّد، أن تكون لدينا أيضاً "قوائم الغناء"، حيث يتم تصنيف الألوان الموسيقية المختلفة وتتنافس فيما بينها، حيث يتم من خلالها تعريف الجمهور بأفضل الأعمال لكل عام. وأعتقد أيضاً أن "قوائم الغناء" كفيلة بإظهار وجوه جديدة على الساحة الغنائية. فعلى سبيل المثال المغنية الإنجليزية "أديل" لم تتجاوز الخمسة أعوام على الساحة الغنائية، ولكنها أنتجت أغنية تصدرت بها قوائم الغناء وحصلت على فرصتها من خلالها. وبناء على ذلك، يمكن القول&أننا في الوطن العربي ومصر لدينا الغلبة أكثر لمن يستطيع التواجد والإنتشار بشكلٍ أفضل. ولابد من تطوير الصناعة من قبل المهتمين بالموسيقى لأن المسالة ليست قائمة على العشوائية. فالمستوى قد هبط بشكلٍ كبير لأن هناك نجوم لهم سنوات طويلة مسيطرين دون إعطاء الفرصة للنجوم الجُدد".
&
هانى شنودة:&بدأت في عصر الموجي وعبدالوهاب وأتابع مع الجيل الجديد
من ناحيته الموسيقار هانى شنودة شرح موقفه قائلاً: "لا أتفق&مع فكرة تسليم الراية لجيلٍ آخر. لأن الجيل القديم يتواجد مع الجديد، فحينما ظهرت أنا على الساحة الغنائية كنا في عصر الجيل القديم مثل الموجي وعبدالوهاب وكان هُناك فكرة التقاء بين الجيلين. بمعنى أنني كنت أعمل في مجالي من خلال تقديم بعض النجوم الجُدد وكانوا هم يعملون مع الجيل القديم فى الوقت نفسه، وبعدها تعاونت مع نجاة وفايزة أحمد وأحمد عدوية وغيرهم وتعاونوا هم مع الجيل الجديد من الفنانين، وكذلك الأمر يُكرر نفسه بشكل دائم فما زلت أواصل ألحاني حتى الآن في ظل ظهور أجيال جديدة كثيرة.&وأضاف شنودة: "كما أنني أرى أن فكرة ظهور الجيل الجديد لا تعني نسف الجيل القديم ومحوه من على الساحة، ولكن هناك نقطة إلتقاء، فكل جيل لديه أفكار يُقدمها".
&
وعن موقفه من ظهور أجيال جديدة على الساحة من مطربين وشعراء وملحنين، يقول شنودة: "بالطبع أنا مع ظهور أجيال جديدة، ولكن هناك مشكلة تقفُ عائقاً أمام الجيل الجديد، لم تقف أمامنا من قبل. فلا بد من حماية الأغنيات من القرصنة على الإنترنت، فظهور شاب جديد بنجاح على الساحة&بات أمراً&صعباً للغاية، لأن الكبار فقط يستطيعون حماية أعمالهم من القرصنة لكي يفرضوا على الجمهور حضورهم في الحفلات الخاصة بهم".

&