عاد الى بغداد الموسيقار العراقي المغترب حكمت ناهي بعد نحو 18 عامًا من الغياب والهجرة في عدد من بلدان العالم . وصرح في حوار مع (ايلاف) انه لديه العديد من الالحان الجاهزة للغناء ومن المؤمل ان يكون هناك تعاون مع بعض المطربين العراقيين ،معرباً عن اعتزازه بالقيثارة السومرية التي يجدها رمزًا عراقياً مهمًا .


بغداد : أعرب الملحن العراقي المغترب حكمت الناهي عن وجود فجوة ما بين الثقافة االعراقية والمغتربين العراقيين، موضحا انه من الممكن ردم هذه الفجوة بالفنون الجميلة ، وقال في حوار مع (ايلاف) انه لديه العديد من الالحان الجاهزة للغناء ومن المؤمل ان يكون هناك تعاون مع بعض المطربين العراقيين ،معرباً عن اعتزازه بالقيثارة السومرية التي يجدها رمزًا عراقياً مهمًا .
*ما سبب زيارتك لبغداد بعد طول غياب ؟
- جئت تلبية لدعوة خاصة من وزارة الثقافة العراقية وهي فرصة لكي نلتقي بأحبتنا الفنانين والمبدعين ، وهذا شيء رائع ، وصارت لدينا لقاءات مع السيدين وكيلي وزارة الثقاقة طاهر الحمود، ومهند الدليمي، ومدير عام العلاقات الثقافية العامة السيد عقيل المندلاوي، واتفقنا على صيغة لتفعيل نشاطات ثقافية بين العراق والسويد، نحن يجب ان نواجه الظلامية والحقد ونعيد ضحكة الاطفال بالموسيقى والفنون الجميلة وبالاصرار على الحياة ، العراق بلد حضارة ويجب ان ينهض ويعيد من جديد.
* اي نشاطات لديك او منجزات فنية ؟
- حاليا اكملت كتابة فيلم عن ثقافة المسلمين في الدول الاسكندنافية الخمس ، وفي الخارج عندي محاولات شخصية ، انا اشغل منصب المدير التنفيذي للرابطة الاوربية للتنمية البشرية وثقافة التلفزيون ، الان جئنا نفاتح وزارة الثقافة والمسؤولين من اجل ان يكون هناك تواصل فيما بيننا من اجل تفعيل دور العراق الثقافي في الخارج ، اعتقد هناك فجوة بين الثقافة العراقية وبيننا كمغتربين ، وهذه الفجوة من الممكن ردمها بالفنون الجميلة .
* والتلحين .. هل انقطعت عنه ؟
- لم انقطع عن التلحين وعندي مجموعة الحان جديدة ولكن اتمنى ان تشملنا الوزارة مثلما شملت اقراني الملحنين ان يمنحونا جزء من المال لكي نستطيع ان نسجل هذه الالحان ، وقد التقيت بسعدون جابر، ورضا الخياط وانا على اتم الاستعداد للتعاون مع كل الطاقات الفنية سواء القديمة او الجديدة.
* كيف ترى واقع الاغنية العراقية ؟
- واقعها مؤسف كلاما ولحنا واداء ، العراق بلد حضارة ويجب ان ينهض من جديد وابناؤه قادرون على خلق حالة حضارية جديدة بإذن الله .
* اين الخلل برأيك ؟
- في الوضع العام الذي له اثر كبير والحروب التي صارت على البلد اثرت تأثيرا كبيرا على الفنون ولذلك نتمنى ان تنتهي التراجيديا التي نلاحظها ونستطيع ان نعيد بسمة الطفل وفرحة العراقيين الذين هم اناس طيبون جدا جدا .
* ما الفرق بين فناني الداخل والخارج ؟
نحن اضطررنا للغربة ولا يوجد هناك فرق لان الابداع اساسه في هذا البلد العظيم ، ولكن عندما افكر ان ارجع او اي مبدع من المغتربين فنحتاج الى السكن والى راتب ، وهذه ابسط الحقوق وعندما تضمن لنا سنترك كل شيء هناك ونعود، ولكن كيف نعيش في بلد لا نملك فيه شبرا؟ ، جئت الان وهناك من يقول لي اثبت نفسك كمناضل ، انا لست مناضلا وانما قاومت طغيانا وسأبقى اقاوم كل طغيان في اي اتجاه من الاتجاهات ، نحن احرار وسنبقى احرارا ،اعطونا قليلا من الاهتمام ، اعطوني سكنا فلا يعقل ان اظل متنقلا كل يوم في مكان او فندق ، هذا لا يجوز واعتقد انه شيء معيب ،اعطني راتبا كي لا اعتمد على هذا وذاك ، بلدنا لا يوجد احلى منه وناسنا لا يوجد اطيب منهم ومع ذلك سنبقى نقاوم الظلم وكل الظلامية والكراهية بالموسيقى والفنون.
*كيف وجدت بغداد بعد هذه السنوات ؟
- شاهدت بغداد حزينة مع الاسف ان الوضع كل يمكن ان تستشفه او تستقرئه من الوجوه التي نواجهها في الشارع ، لكننا كعراقيين ابناء هذا الوطن ، وطن الحضارة الولاد ، ان نعيد ننهض بالعراق ونواجه الظلامية بالابتسام والفنون الجميلة .
* ما سر القيثارة التراثية التي تعلن اعتزازك بها ؟
- هذه القيثارة العراقية الرائعة الرمز ، هذه مصنوعة قبل 2450 سنة قبل الميلاد ، كلنا راحلون ولكن الرموز العظيمة لهذا البلد العظيم تبقى ، قام عمر محمد فاضل العواد ،بصنع هذه الالة بحجم 60 سم ، وهي نفس القياسات التي وجدوها بالقيثارة الحقيقية ، عمر صنع القيثارة للعزف وليس كشكل فقط ، وهذا انجاز مهم ، ونحن في الرابطة الاوربية سنتبنى هذا الرمز دوليا اينما نقيم مهرجان او امسية او منتدى ثقافي سيكون الرمز حاضرا ونتباهى به .
*من اين كانت بدايتك مع الفن ؟
-البداية .. كنت طالب معهد فنون جميلة، اخذونا صغارا بعد ان اكملنا الصف السادس الابتدائي ، وكان الاساتذة كلهم اجانب يدرسوننا الاصوات ،وهناك امرأة اسمها سلوى شامليان تغني اوبرا عالمية ، وعدد كبير من الاساتذة الذين يريدون ان يخلقوا منا نواة مهمة للفن العراقي او الموسيقى العراقية ، ونتيجة هذه استطعنا ان نكون فرقة التلفزيون الاولى برئاسة الاستاذ عقيل عبد السلام ،وبقيت عازفا في الفرقة هذه وعملت مع فرقة ليبيا في التلفزيون الليبي لمدة سنتين 1976 -1978 ، عزفت مع احمد الحفناوي الذي انا متأثر به ، ومع الموسيقار الكبير عطية شرارة ومع عباس فؤاد عازف الكونترباس في فرقة ام كلثوم وبدأت الموهبة اللحنية ، كان هناك تشديد على النص واللحن وعلى الصوت ايضا لان هذه فنون تدخل الى البيوت مباشرة ويجب ان تكون راقية بكل اتجاهاتها كي يستمع اليها الناس، بينما الان صارت اي كلام وهناك اشياء اسمعها مضحكة ومخجلة ، بدأت الحن في بداية الثمانينيات وأؤلف موسيقى تصويرية وعزفت مع الفرقة السمفونية وتواصلنا على هذا المنوال وانا اعزف كمنجة
*متى غادرت العراق ولماذا ؟
- انا موظف في الجامعة التكنولوجية ومدرب فنون، وفي فترة كنت مدير ثقافة وفنون في الجامعة هذه واعمل كملحن وعازف في التلفزيون ولكنني انقطعت عن الجامعة التكنولوجية عام 1994 بعد شعوري بمضايقة معينة من جهات السلطة في وقتها ، وغادرت العراق عام 1997 .
* اين كان طريق الغربة ؟
- استقريت اولا في المغرب بحدود تسع سنوات ، امتلكت بكل تواضع شركة تلفزيون اسمها (القدس) للانتاج التلفزيوني ، وبدأت أوجه الموهبة الموسيقية باتجاه الكتابة لشؤون ثقافة الطفل والشباب ، واستطعت ان انتج العديد من البرامج والمسلسلات مع التلفزيون المغربي ،الى ان ابلغني الامن السياسي المغربي انني مراقب ومستهدف الان ، فقلت لهم : انا رجل فنان ولا افهم بالسياسة شيئا ، قالوا : نحن لا نخاف منك بل نخاف عليك ، فقبل ايام استهدف شخص عراقي اسمه مؤيد عرب وتم اغتياله في طريق القنيطرة ، وجاء اسمك الان ، وانا ما ان سمعت هذا ، وكما يقال في اللهجة العراقية (خلى دشداشته بحلكه وانهزم رأسا) ، فذهبت وطلبت اللجوء السياسي من الامم المتحدة في المغرب ومنحته بالفعل وتوجهت الى النرويج والسويد ، واعيش في السويد حاليا ، وانا امثل بكل تواضع المدير التنفيذي للرابطة الاوربية للتنمية البشرية وثقافة التلفزيون ، مرتبط بإمرأة نرويجية الاصل .