تشارك ستة أفلام لبنانية قصيرة ووثائقية تركّز على مواضيع اجتماعية وإنسانية بعيداً عن الحرب والسياسة في إثنتين من فئات الدورة الرابعة عشرة لـ"مهرجان بيروت الدولي للسينما"، التي تقام بين الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل والتاسع منه في صالات سينما "أبراج" في فرن الشباك.


&

&& بيروت: تشارك ستة أفلام لبنانية وثائقية قصيرة&في إثنتين من فئات الدورة الرابعة عشرة لـ"مهرجان بيروت الدولي للسينما"، التي تقام بين الأول من تشرين الأول (أكتوبر) المقبل والتاسع منه في صالات سينما "أبراج" في فرن الشباك، وبدا لافتاً أن كل هذه الأفلام تركّز على مواضيع إجتماعية وإنسانية،&بعيداً عن السياسة وموضوع الحرب اللبنانية، وبعضها مستمدّ من تجارب شخصية. ونستعرض فيما يلي الأفلام الستة:


المرأة ومرآتها
في مسابقة الأفلام الشرق أوسطية القصيرة، يبلغ عدد الأفلام اللبنانية المشاركة أربعة& من أصل 17 فيلماً تتنافس على جوائز هذه المسابقة. وبين الأفلام اللبنانية الأربعة، إثنان من إنتاج معهد الدراسات السمعية البصرية والسينمائية IESAV في جامعة القديس يوسف، أحدهما Le Miroir (المرآة) الناطق بالفرنسية، للمخرجة الفرنسية/اللبنانية سيلين قطيش، التي تجسد في فيلمها دورة حياة المرأة وتطورها في فصول أربعة، منذ ولادتها وحتى يوم وفاتها، ولكن من وجهة نظر مرآتها. فـ"إيفا"، وهي رمز لكلّ النساء في العالم، تكتشف، وهي تنظر كلّ يوم الى نفسها في المرآة، في كلّ مرحلة من حياتها، تحوّلات جديدة في جسدها وحميمياتها. وعلى مدى 15 دقيقة، تتقدم المرأة& في السن بخلفية حمام يتغير مع تغيّر مراحل الحياة: حيث تبدأ يافعة في ربيع عمرها، وتنضج لتصبح في صيف حياتها، لتصل في ما بعد الى مرحلة الخريف وتبدأ ملامحها بالتغيّر، إلى أن تنتهي أخيراً في الشتاء حيث يموت كل ما يحيط بها في الحمام وتفسُد مرآتها وتظهر ملامح الشيخوخة عليها تدريجياً الى حين تنطفئ كلياً.
وتشرح "قطيش" عن تجربتها هذه أن كونها إمرأة تمكنت من أن تصوّر بواقعية مراحل حياة هذه السيدة وعلاقتها بالمرآة "رفيقتها الدائمة في الأفراح والاحزان"- على حد تعبيرها. وقالت أنها تعتبر أن "الفضول سيدفع الرجال قبل النساء إلى مشاهدة الفيلم للتعرّف أكثر الى حياة المرأة الحميمية، وخصوصاً ان "المرآة" عاجزة عن إخفاء أي تفصيل وتُظهِر كلّ شيء على حقيقته".

"ومع روحك" في الدير
أما الفيلم الثاني من إنتاج IESAV فهو "ومع روحك" لكريم رحباني، الذي اختار أحد أديرة لبنان مسرحاً لفيلمه الذي يتورّط فيه القيّم العام الأب جريس عن طريق الخطأ بمقتل عبدو اللحام، بعد شجار بينهما، فتنتابه الحيرة بين ضرورة مصارحة الآباء الآخرين بما حصل، أو ترك الأمر سراٌ. ويزداد وضعه تعقيداً عندما يتراءى له، لدى محاولته إخفاء الجثة، طيف الولد أمين الذي انتقل للعيش مع الآباء بعد وفاة أهله في معلولا السورية ولجوئه الى لبنان. ويقول المخرج "رحباني" أنه تأثرمنذ صغره بفيلم Marcellino pane e vino، الولد اليتيم الذي يُترك طفلاً رضيعاً على باب الدير فيعيش حياته مع الرهبان، ومنه استوحى "ومع روحك". ولكي يتعرّف عن كثب على حياة الرهبنة، أمضى ستة أيام في أحد الأديرة، لمس خلالها طريقة تعامل الرهبان مع بعضهم.& هذا واستغرق إنجاز فيلمه نحو سنةً ونصف سنة.


"بعتذر منك بيروت" تحت الجسر
وفي فيلم "بعتذر منك بيروت"، حاول المهندس أنطوان فاضل إظهار التحوّل العمراني في بيروت بعيني ميكانيكي ستيني خسر عائلته ومنزله في بيروت فأصبح ينام وحيداً تحت الجسور ويتنقل من مكانٍ إلى آخر مراقباً هذه المدينة التي حفظها غيباً، فأصبح شاهداً على التحوّلات العمرانية التي حلّت بها.
ويشرح "فاضل" أنه استوحى فكرته من مشهد سائق سيارة أجرة يسكن تحت الجسر الذي يصل طريق الجديدة ببرج حمود وينام على أريكة وقد رسم خلفه "غرافيتي" وزيّن المكان بزينة العيد. ويثير في فيلمه مسألة "تشييد المباني الشاهقة والأبراج من دون إيلاء أية عناية بالحفاظ على الملامح الاساسية للمدينة".

"يلدا" الناجية وخسارة الأحبة
وفي المسابقة نفسها أيضاً، فيلم "يلدا" Yalda لرشا فرج. ويرمز إسم "يلدا" في الأساس إلى العيد الذي يحتفل به الإيرانيون في آخر يوم من فصل الخريف وهي الليلة الأطول في السنة وأكثرها ظلمةً، في تقليدٍ يعتقدون أنه يُبعِدُ النحس عنهم. وتدور أحداث الفيلم حول فتاة تدعى "يلدا"، تنجو وحدها من حادث سير فيما يلقى أصدقاؤها الأربعة (ثلاثة شبّان وفتاة) حتفهم، عندما كانوا جميعاً يوصلون صديقهم النازح السوري الذي قرر العودة الى بلده. وعلى مدى 36 دقيقة تعكس رشا فرج في فيلمها علاقات الحب والصداقة، والعلاقة بالوطن، والمشاعر الناجمة عن الموت وخسارة الأحبة.

"بيروت حنان بيروت" بين البدوية وبنت المدينة
ومن خارج المسابقات الثلاث، يشارك فيلمان لبنانيان آخران في قسم "الساحة العامة" الفرعي الذي يندرج ضمن إطار فئة "جبهة الرفض" التي استُحدِثَت هذه السنة في المهرجان.
ويبرز شريط "بيروت حنان بيروت" الوثائقي لباتريك عيسى تبادلاً ثقافياً يحصل بين فتاتين: الأولى تعيش في بيروت وسط مجتمع إستهلاكي تتوافر فيه كل وسائل التكنولوجيا، وهي فتاة متمردة ومتمدنة وطموحة وبالرغم من ذلك لم تجد بعد ما تبحث عنه، والثانية فتاة بدوية متمرِّدة أيضاً وذكية تعيش مع أهلها في جرود عيون السيمان لرعاية الماشية وهي محرومة أبسط حقوقها لدرجة نسيت فيها أنها أنثى، لكن حلمها هو أن تصبح مضيفة طيران.
"بيروت حنان بيروت" هو باكورة أعمال "عيسى" في مجال الإخراج. وهو يقول أن فكرة الوثائقي بدأت من حديث بين شقيقته وفتاة بدوية عندما كان يلتقط صوراً لتجمّع للبدو قرب صنين. ويشدد الفيلم على التناقض الموجود بين بيئتين في البلد نفسه، فالمسافة الجغرافية بين البيئتين لا تتعدى الـ 50 كيلومتراً لكن الفارق الزمني يصل الى 100 عام.&هذا ويحمل&الوثائقي رسالةً واضحة للمرأة اللبنانية تدعوها لأن تكون ما بين الإثنين وتختار العيشة الوسط.

&

المخرج المصاب بالإيدز:هكذا تصرفوا معي في المجتمع
أما& الوثائقي "Will you marry me?" الذي يُعرَض ضمن الفئة نفسها، فيتناول حياة مخرجه الشاب زهير كريدية المصاب بفيروس نقص المناعة (HIV) والذي يعيش مع صديقه رامي. ويركّز الفيلم على رد فعل أهل المخرج، وأصدقائه، وغيرهم من أفراد المجتمع، لدى معرفتهم بمرضه. و"كريدية" الذي يحاول من خلال فيلمه أن يقلل من أهمية مرض نقص المناعة المعروف بالـ"إيدز"، منتقداً استمرار البعض في إخفاء مرضهم عن شركائهم، يروي بالتفصيل المعاناة التي مرّ بها منذ إصابته بالمرض ولغاية اليوم.&بدءاً من&مشهد احتجازه ثم ترحيله في إحدى الدول العربية التي قصدها بحثاً عن عمل، مروراً بخلافه مع والده ومغادرته المنزل الأبوي، وعلاقته المتردية بوالدته المنشغلة عنه دوماً، وصولاً إلى تصرفات أصدقائه في الجامعة، وقد اختار "كريدية" مشاهد جريئة لإيصال رسالته.