غاب التسلسل المنطقي للأحداث عن سيناريو المسلسل اللبناني "ياسمينة" وذلك في بعض المشاهد غير المقنعة لافتقادها التفاعل الطبيعي للبشر بغضبهم وحقدهم وتسامحهم، فبدت القصة في بعض مفاصلها مفككة لبعدها عن الواقعية.


كارول الحاج تتوسط فادي ابراهيم وباسم مغنية خلال تصوير المسلسل

&& هلا أبو سعيد- من بيروت: نال المسلسل اللبناني "ياسمينة" نسبة مشاهدة عالية، لكن التسلسل المنطقي للأحداث غاب عن سيناريو وإخراج المسلسل رغم عمقه ورسائله الإجتماعية في الكثير من المشاهد، وذلك لأن بعض المواقف لم تكن مقنعة ولا تشبه التفاعل الطبيعي للبشر بغضبهم وحقدهم وتسامحهم، فبدت القصة في بعض مفاصلها مفككة لبعدها عن الواقعية.

لقد نجح الكاتب في اللعب على وتر العاطفة الشرقية وحنين المشاهد لزمن الأصالة والتراث الشعبي وبيوت الصخر وتقاليد بدايات القرن الماضي التي لطالما تغنى بها اللبنانيون من جيلٍ إلى جيل.&وأعادنا مع "ياسمينة" إلى براءة الشابات في ذاك الزمن الأقرب للنظافة والطيبة. وعدنا معها لصوت الحق الصارخ والمناضل في سبيل المحبة والصدق. وبلا شك، لقد أخذ المسلسل مكانته بين المسلسلات اللبنانية التي استحوذت على اهتمام ومتابعة نسبة عالية جدا من اللبنانيين والعرب الذين أحبوا بـ"ياسمينة" صورة جديدة ومختلفة للشابة اللبنانية الأصيلة غير تلك التي يرونها غالباً على الفضائيات. لكن، فوق العاطفة، وفوق حنين الذاكرة، هناك جملة ملاحظات ومآخذ على سبك السيناريو القافز فوق المراحل بأسلوب غير منطقي. فمن غير الطبيعي أن ينسى الفنان القدير فادي ابراهيم بدور"ابراهيم باشا" حقده وغضبه بهذه السرعة بسبب مرض شقيقه، فيتصرف بكل هذه المغالاة بالتفاني لعلاجه، ثم تعود علاقتهما لقمة الصفاء بقدرة قادر- بعد المغالاة بتصفية الحسابات!

أما الفنان باسم مغنية بدور "نادر" فقد عرف دوره- رغم حرفيته- بعض الأداء غير المقنع، فكأنه غاب عن تميزه وأخفق في إقناعنا بشخصيته طيلة فترة فقدان ذاكرته. ثم إن سلمنا جدلاً أن "ياسمينة" تملك كل هذه الطاقة للتسماح والمثالية، فهل يعقل أن تمرّ كل أفعال "كريمة" مرور الكرام ودون حساب بحجة أنها تصرفت بـ"غريزة الأمومة"؟! وماذا عن "الطبيب والخادمة وسامر"؟! ألم يبقيهم الكاتب على الهامش؟!

أما الثغرة الكبرى برأي الكثيرين من المتابعين فهي في خاتمة دور الفنانة جويل الفرن بدور "سمية" التي يُشهد لها أنها تميزت بأداء دورها، لكنها لعبت شخصية نافرة لشابة أنانية وصولية تسببت بالأذى بحجة الحب ثم غدرت وتجاهلت الحبيب بدافع المصلحة، إلا أن دورها سجل مفارقة غير منصفة عندما انتهى بإخبارنا أنها تزوجت من رجل غني! فهل عاقب الكاتب الممثلة رندة الأسمر بدور "كريمة" على أطماعها بغدر من قبل "طمّاعة" مثلها؟! هل يعقل أن تُعاقَب إنسانة تصرفت بالسوء من قبل سيئة أخرى نجت بأفعالها فظفرت بزواجٍ مثمر يرضي غرورها بعد كل الأذى الذي تسببت به لـ"نادر وياسمينا"؟!

لا شك أن مسلسل "ياسمينة" قد روى عطش المشاهد المشتاق لأصالة الأعمال فأحب الممثلة كارول الحاج بأدائها الطبيعي في دور "ياسمينة"&كما أحبها مسبقاً في دور "مريانا"، لكن، هل ستنجح "الحاج" بعد هذين الدورين بشخصية مختلفة أم ستستمر بتكرار أدوارها؟!&ثم، لماذا حُرِم المشاهد من فرح مشاركة العرسين بزفاف قروي يكمل في ذهنه&صورة ذاك الزمن بتقاليده وتراث أعراسه؟!

في المحصلة،&وقع المشاهد-&خاصة في حلقات المسلسل الأخيرة- في حيرة&العتب بين اتهام الكاتب بثغراتٍ في نصه أو لوم المخرج في قفزه عبر الزمن والتفاعلات في تسريع وتيرة المَشاهد. وعليه،&يمكن القول أن مسلسل "ياسمينة" قد روى جمالية&الحب بقصةٍ تخطت عقبات&الزمن في ظل معاناة اللبنانيين في الحرب العالمية الثانية، ولقد حرص الكاتب والمخرج على ذكر بعض التواريخ الهامة ودعما الحلقات بمشهدياتٍ صادقة عن زمن الفقر والمحطات الصعبة، إلا أن الرواية تاهت في أولوياتها بين "الحب والحرب" وقفزت عن الأحداث بطريقةٍ غير منطقية، ثم تركت المُشاهد عطشاً لنهاية ما بعد النهاية؟!

&