خسر الفن المصري ما بين تاريخي&30 مارس(آذار) 1977 الذي رحل فيه العندليب الأسمر و27 مارس(آذار) 2005 الذي رحل فيه النمر الأسود أحمد زكي إثنين من أبرز علاماته، فالأول نجح غنائياً وتمثيلياً والثاني سطر اسمه ضمن عمالقة الفن المصري في التمثيل.


&& القاهرة: شاء القدر أن تحمل الأيام الأخيرة من شهر مارس (آذار) الذكريات المؤلمة للفن المصري والعربي. فإن أقسى ما فيها هو رحيل العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ الذي رحل في30 مارس(آذار) 1977 والنمر الأسود الفنان أحمد زكي الذي رحل في 27 منه في العام 2005.

واللافت أن هناك ثلاثة قواسم مشتركة بين "الأسمرين"، وأولها أن كلٍ منهما من مواليد محافظة الشرقية في دلتا مصر، وثانيها أن المرض تمكن من الإنتصار عليهما بعد رحلة علاج طويلة حملت الكثير من القصص والآلام الموجعة لهما، وثالثها أن&كلاهما قد عاش&يتيماً للأب، فالعندليب الأسمر فقد والده بعد شهور قليلة من ولادته وهو القدر نفسه الذي واجهه الأسمر "زكي" الذي نشأ في كنف جده بعد زواج والدته.

العندليب الأسمر:
ولقد بدأت موهبة عبد الحليم حافظ الفنية بالظهور بحبه للموسيقى في المدرسة وتميّزه في الإنشاد الديني. بينما اكتشفه الإذاعي حافظ عبد الوهاب الذي منحه اسمه ليكون اسمه عبد الحليم حافظ بدلاً من عبد الحليم شبانة وهو اسمه الحقيقي. وقدم "حافظ" عشرات الألحان الناجحة، بينما شارك في المجهود الحربي بإحياء مجموعة من الحفلات بعد نكسة 1967 وقدم مجموعةً من الأغاني الوطنية التي لعبت دوراً كبيراً لرفع معنويات الجنود، فيما يبلغ رصيده الغنائي أكثر من 200 أغنية ونحو 16 فيلم سينمائي آخرها فيلم "أبي فوق الشجرة" الذي مُنع من العرض في التليفزيون لفترة طويلة بسبب جرأته.

هذا توفي "العندليب" نتيجة إصابته بمرض "البلهاريسيا" الذي انتقل&إليه من تردده على ترعة القرية التي وُلِدَ بها، فيما تفاقمت حالته الصحية بعدما أصيب بتليّف في الكبد نتيجة نقل دم ملوث له.

النمر الأسود:
أما الفنان الراحل أحمد زكي فظهرت موهبته التمثيلية خلال دراسته بالمدرسة وترأس فريق المسرح بمدرسته قبل أن يقرر الذهاب إلى القاهرة ويلتحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية، وتخرج منه عام 1973 حيث كان الأول على دفعته. واشترك&بالتمثيل خلال دراسته بالمعهد في مسرحية "هالوا شلبي" التي حقق من خلالها نجاحاً كبيراً زاد مع مسرحية "مدرسة المشاغبين" التي خلقت له جماهيرية كبيرة.

تزوج "زكي" من الفنانة الراحلة هاله فؤاد لفترةٍ قصيرة أنجب خلالها ابنه الوحيد هيثم، فيما قدم نحو50 فيلم سينمائي في مسيرته التي امتدت على نحو 30 عاماً، بالإضافة إلي 4 مسلسلات أبرزها "هو وهي" مع الفنانة سعاد حسني و"الأيام" الذي جسد خلاله شخصية الكاتب الكبير طه حسين.

هذا وقدم زكي مجموعةً من الأفلام الواقعية أبرزها "الهروب"، "العواكة 70"، و"شفيقة ومتولي"، فيما حقق نجاح كبيراً في فيلم "أيام السادات" الذي تناول فيه شخصية الرئيس الراحل أنور السادات. وكان لافتاً بنجاحه بأدواره الإمبراطور والنمر الأسود اللذين تحولا إلى لقبين له يُذكر فيهما، وأيضاً بتجسيد شخصية الزعيم الراحل جمال عبد الناصر في ناصر56.‬

ولقد توفي&"زكي"&عن عمر يناهز 56 عاماً بعد معاناةٍ مع مرض سرطان الرئة. و بالرغم من أنه قد واجه المرض بروح معنوية عالية و تحداه إلا أن المرض قد تمكن منه بشكلٍ تام حتى مات إكلينيكيا قبل أيام بسبب تعرضه لجلطات متعدده في أماكن متفرقة من جسمه.

والجدير بالذكر هو أن "زكي"&كان يحاول قدر المستطاع أن ينهي المشاهد الأخيرة من فيلم&"حليم" الذي يحكي قصة حياة العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ. حيث تمكن من إنهاء 90 % من مشاهد الفيلم. إلا أنه لم يستطع إكماله بسبب الإنتكاسات التي تعرّض لها. ولم يبقَ سوى المشاهد الخاصة بجنازة عبدالحليم لإنهائه. فطلب "زكي" من مخرج الفيلم في حالة وفاته أن يقوم بتصوير جنازته&لإكمال باقي مشاهد الفيلم. وقد توفي "زكي" قُبيل&الذكرى الثامنة والعشرين لوفاة عبدالحليم حافظ.