&واجه الفنان السعودي ناصر القصبي حملةً قاسية من التكفير والتهديد بالقتل من قبل المدافعين عن تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"وذلك بسبب تناوله لممارساتهم عبر برنامجه "سيلفي"، فيما انطلقت بالمقابل موجة مدافعة عنه، ما فتح باب الجدل واسعا عبر الإنترت بين من يكفره بتعاليم واجتهادات مبتكرة، ومن يسانده مدافعاً عن مفاهيم الإسلام وتربيته السليمة.



بيروت: نجح الفنان السعودي ناصر القصبي بإطلاق ذخائره الفنية بوجه الإرهاب، وسلط الضوء على تجاوزات المتأسلمين الذين يستغلون الدين الإسلامي حتى في الشهر الفضيل وقدم رسالة توعية ارتدت عليه بإتهامات بالكفر والتجذيف وانهالت عليه التهديدات بالقتل في شهر السماح والزكاة والبركة!
ولا شك أن "القصبي" وفق في هز شباك الإرهاب وسجل هدفا توعويا استدعى تلك الردود القاسية عليه ومؤلف العمل خلف الحربي من حساباتٍ موتورة لم يتحدث أصحابها باسمائهم الحقيقية، فيما لعب هو بكل هدوء دور "الوعاء الأكبر الذي يستوعب الأصغر" بحكمة تسببت له بجراحٍ معنوية ضمدها بجرأة تقبله للحملة الشعواء التي طالت عمله "الرمضاني" الكوميدي "سيلفي" التي خصصها للسخرية من تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" منتقداً طريقة سيطرته على أتباعه والممارسات التي قدمها بصورة حسية بناءة وضع من خلالها الإصبع على جرح التجاوزات لأصول الدين والقيم الإنسانية عبر استرقاق البشر وتكفيرهم واستغلالهم وتوجيه الشباب إلى مغالطات حول "جهاد النكاح" و"الغزو" والسبي".

في الشق الفني، الإجتماعي، لقد أعاد القصبي للكوميديا دورها الهادف البناء عبر "سيلفي"، بمشاهد تلوّن الكوميديا بعمل مشهدي يجسد سخرية القدر، لكن العمل يحمل أبعاداً إجتماعية مؤلمة حين يقتل الإبن والده لإيمانه بأنه يفعل الصواب حسب الشرع، في وقت تناسى ما يوصي به الدين الإسلامي بشكلٍ خاص عن احترام وتقدير للوالدين! فقد تناولت الحلقة الثالثة إعدام "أبو عبد الله" على يد ابنه الداعشي، وبعد هذه الحلقة بساعات خرج إحدى خطباء الجمعة في أحد المساجد ليكفّر الممثل القصبي بإهانات واتهامات بالتعدي على الدين، لكنه سرعان ما اعتذر عنها مساءً موضحاً أنه أخطأ في مسألة التكفير! الأمر الذي يطرح السؤال ما هي معايير التكفير بعيداً عن أصول الدين؟!

واللافت أن الهاشتاغ(الوسم) المندد بعمل "القصبي" قد تصدر مواقع التواصل الإجتماعي لفترة غير قليلة، ما استدعى إنشاء "وسم" مناهض له فانطلقت عدة حسابات لتدافع عنه وعن نهجه المعتدل ليتحوّل المشهد إلى جدل واسع بين التطرف والإعتدال في الدين الإسلامي، ليبقى المخاض مستمراً بين حقيقة التفسير والإجتهادات المشوهة لعمق الدين!

لقد أشعل القصبي وفريقه مواقع التواصل الإجتماعي بالتعليقات، فالوسم #سيلفي قد وصل إلى المرتبة الأولى عالمياً كأنشط المواضيع تداولاً عبر "تويتر". لكن، في الميزان بين المنددين بـ"القصبي" والمدافعين عنه، ربما فاق المهاجمون بإسم داعش المدافعين عددياً، لكن معظم حسابات هؤلاء لا تحمل أسماءً رسمية ولا هوية لأصحابها، في وقت جاهر المدافعون عن "سيلفي" بأسمائهم وأعلنوا أنهم بدفاعهم عن "القصبي وبرنامجه إنما يدافعون عن إيمانهم ودينهم قبله. فقد علق البعض قائلاً" :لحلقات الأولى فقط كانت كافية لتسليط كل الضوء والاهتمام على ناصر القصبي، وفريق عمل هذا المسلسل الإجتماعي الكوميدي، فيما علق البعض أن "الغياب الذي طال سنة، كان كفيلاً بتقديم منتوج كوميدي بأعلى مستوى، ولهذا السبب بعد حلقة واحدة فقط من "سيلفي"، تم تجنيد وسائل التواصل الاجتماعي، و"الهاشتاقات" في حربٍ على بطل العمل ناصر القصبي والمؤلف خلف الحربي". كما اتهم بعض المغردين القصبي بـ"الكفر" وترددت أنباء عن تلقيه تهديداتٍ أمنية، في حين رأى بعض المغرّدين أن القصبي إنما كان ينقل ما يجري في التنظيم، وبالتالي فإن "ناقل الكفر ليس بكافر."

وفيما أظهر "القصبي" في عمله "الكوميدي" قدرات "التنظيم المتطرف" العالية في استخدام وسائل الإعلام بعرض لقطات عالية الجودة لعمليات ''الذبح''، ونشر الأفلام الوثائقية عن الحرب التي ساهمت في الترويج لفكره المتطرف، جاءه الرد سريعاً من أحد أنصار تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي هدده عبر "تويتر" قائلاً: "أقسم بالله لتندم يا زنديق." وأضاف في تغريدة تم تداولها أكثر من 3000 مرة "لن يرتاح بال للمجاهدين في الجزيرة حتى يفصلوا رأسك عن جسدك والأيام بيننا." وفي ذات السياق، غرّد أحد الدعاة قائلاً: "القصبي يستهزئ برجال الدين، هل يستطيع أن يستهزئ بمعممي الشيعة! والله إن أمثاله من أعظم أسباب انتشار الغلو والتطرف."

هذا ووجه بعض المعلقين انتقادات من نوع آخر للقصبي، قائلين إن برنامجه الذي يُظهر كيفية سفر رجل سعودي بسيط إلى مناطق داعش من أجل استعادة ابنه المقاتل بالتنظيم ومن ثم يقوم عناصر داعش بمنحه بيتا وزوجة وتدريبات عسكرية ووظيفة، قد يخدع البسطاء بإمكانية الحصول على ذلك بحال انتقالهم للقتال هناك، وربما يشجعهم على ذلك بغفلة منه!

القصبي يرد:
من جهته، اكتفى القصبي بالتغريد عبر حسابه بموقع تويتر، وعلق على الحملة قائلا: "حسابي الآن يطفح بالشتامين والمهددين واللاعنين بكل فنون اللعن والتهديد والشتم.. فأقول لهم قليلاً من الهدوء ورمضان كريم وترى حنا بأول يوم." وصرّح أن برنامجه يحمل رسالة جدية رغم تقديمه بقالب ساخر، مؤكداً على أن التهديدات التي تلقاها من أنصار تنظيم "الدولة الإسلامية" منذ بداية العرض لا تخيفه. وأوضح في حديثه لقناة العربية الفضائية مؤخراً أنه "في الأول والأخير الحامي هو الله.. ومهمة الفنان هي كشف الحقيقة حتى ولو كانت على حسابه. هذا ثمن يجب أن ندفعه. ولو كنا غير جادين لبقينا في بيوتنا." وبينما أعلن أنه سيلجأ إلى القضاء ضد من يشوه سمعته، مؤكدا أنه لن يقاضي الشيخ الذي كفّره، لأن هذا الشيخ قد سحب كلامه، أجاب الكاتب الساخر خلف الحربي، بدوره، على أسئلة الجمهور والمتابعين، موضحاً أن "الخوف ليس على حياته وحياة ناصر القصبي، وإنما الخوف الحقيقي هو على أمن البلد وعلى أبناء البلد الذين يذهبون ولا يعودون". وقال: فنيا، لا يوجد أي استقصاد في حلقة الشاب المغني المتدين، وحلقتي داعش، وأوضح أن "ما عرض ليس سوى 3 حلقات من أصل 30 حلقة ستستعرض مواضيع أخرى كثيرة ومتنوعة"، وقال إن "ما عرض في #سيلفي قليل من كثير موجود في الواقع وليس من الخيال".

وفيما عبّر بعض المشاهير في الشرق الأوسط عن دعمهم له، كان بارزاً رأي الفنانة الكويتية شمس التي غرّدت قائلة: "من ٤ سنين وقناة الجزيرة والعربية تعرض فضائع "الدولة الإسلامية" ولم يحرك الرأي العام ساكنا، "(لكن) حلقتين بعشرات الدقائق صحت ضمير أمة.. نعم إنه الفن."

في المحصلة، لا يتوقف الأمر عند مضمون هذه الحلقة الثالثة من "سيلفي" التي هزت التويتر بتغريدات جدلية بين مؤيد ومعارض، بل حول مستقبل الفن وحرية التعبير عن الرأي في عالمنا العربي. كما يستوقفنا هذا الجدل لنمعن النظر بالحمم التي يطلقها هذا البركان الذي يهدأ لفترة ثم يثور فجأةً بصراعاته العبثية. قد يخمد بركان "سيلفي" قريباً، لكن الدمار الثقافي مستمر، فهل ستستمر المقاومة الفنية بالتصدي للأفكار التي تسرق الشباب من حياتهم وتسلبهم إيمانهم وتدمر القيم الدينية المثلى أم سيستمر نزيف الأمة حتى في الشهر الفضيل؟!

&

&

&


فيما يلي رابط الفيديو للقصبي متحدثاً، ويليه جملة من التغريدات التي تفاعلت مع "سيلفي":


&



مشاعركم الفياضه بالحب والتأييد التي تغمروني بها الآن أسعدتني كثيراً قدركم أن أشكركم كل بأسمه والله يعيني على ( طقطقتكم ) علي في حلقة اليوم

— ناصر القصبي (@algassabinasser) June 21, 2015

&