تعود غادة عبد الرازق هذا العام الى صدارة المشهد الدرامي بعمل مشوق ومختلف، يشد المتابعين من أول مشهد، وينجح بإثارة فضول المشاهد مع كل حلقة جديدة وصولاً الى الحلقة الثامنة منه، فالغموض يزداد والخيوط الدرامية تتشابك وتتعقد مع إستمرار بحثها عن قاتل إبنها.


&
بيروت: تبدأ الحلقة الأولى من مسلسل "الكابوس" بمنام مزعج ترى فيه مشيرة (غادة عبد الرازق)&&إبنها فارس (كريم قاسم)&وهو يحاول أن يوحي لها بالذهاب الى مكان ما ويرفض في نفس الوقت النظر اليها فتصحو منزعجة، لتكتشف مقتله بعدها بساعات قليلة يوم وقفة العيد، عندما تزور مصنع البلاستيك الذي تملكه لتشرف على ذبح عجل وتوزيع لحمه على الفقراء، وهو تقليد تتبعه سنوياً، وتقرر المرور على "مقلب النفايات" وهو المكان الذي توفي فيه زوجها، وهي حامل، بصعقة كهربائية وهو يحاول فصل التيار عن الكسارة التي كان قد إشتراها كخطوة أولى لتحقيق حلمه بإنشاء مصنع لتدوير النفايات البلاستيكية، ولا يعيدها من ذكرياتها إلى الواقع الا مشادة بين زبالتين تتصارعان على كيس نفايات يتمزق ويتدحرج منه رأس فارس ليستقر أمامها فتنهار وتفقد الوعي، &وتتوالى الكوابيس التي يزورها فيها إبنها المقتول ليرسل إليها رسائل تساعدها في البحث عن قاتله.
&
سارة والإدمان
ويسير المسلسل بخطين زمنيين متوازيين الحاضر ، والماضي الذي يتكشف من خلال "فلاش باك" يحركه مكان أو موقف أو غرض ما في كل حلقة، فنفهم بأن علاقة فارس بوالدته مضطربة جداً، وبأنها حرمته من الزواج بالفتاة التي كان يحبها وبدأ ينهار ويدمن المخدرات ولم ينفع زواجه بـفتاة تدعى "ريماس" في تغييره.
&
ريماس والرسالة وشاليه العين السخنة
الشرطة بقيادة الضابط (محمد شاهين) لا تزال تبحث عن بقية جثة فارس بالإضافة الى قاتله، مسرح الجريمة شاليه تمتلكه العائلة في العين السخنة، إرسلته إليه والدته ليقضي مع زوجته&ريماس إجازة العيد أملاً في إصلاح العلاقة المضطربة فيما بينهما.&خصوصاً وأن مشادة كبيرة حصلت قبلها بيوم، وكانت ريماس خلالها مرعوبة ومنهارة وترفض الإفصاح لمشيرة عن فحوى رسالة قرأتها على حساب زوجها فارس على الفيسبوك وكانت سبباً في المشكلة التي إندعلت بينهما.
لا تعثر الشرطة على ريماس في الشالية الذي يعتقد أنه موقع الجريمة لوجود أثار دماء على الأرض، ويتوصلون إليها لاحقاً وهي في حالة يرثى لها بعد تعرضها لإعتداء شديد في أحد المستشفيات القريبة من المنطقة، وتم نقلها إلى المستشفى&بعد أن وجدها أحدهم فاقدة للوعي على قارعة الطريق، ولم يتم التعرف على شخصيتها إلا بعد إستعادتها لوعيها، تحاول الشرطة ومشيرة في نفس الوقت معرفة تفاصيل ما حصل لكن دون جدوى، فالزوجة الشابة تعيش حالة من الرعب تجعلها تدخل في حالة هستيرية كلما طلب منها أحدهم سرد وقائع ذلك اليوم المشؤوم لدرجة أنها تحاول الإنتحار بقطع شرايينها لتهرب من الإستجواب.
&
زيزي
&لمشيرة &إبنة تدعى زيزي (آيتن عامر) تعيش في كندا وتعود إلى مصر بعد معرفة خبر وفاة شقيقها، وتبدو العلاقة بينها وبين والدتها مضطربة كذلك، كما يتضح أنها لا تحب شقيقها كثيراً، وتحقد عليه لأنه كان يستأثر بإهتمام والدته طيلة الوقت، وكانت هي في خلفية المشهد دوماً، فرغم أنها أكبر منه سناً، لكن والدتها كانت تخضعها لسيطرته لأنه "رجل البيت". ولزيزي خط درامي خاص بها فهي أيضاً تحيطها أحداث تتسم بالغموض لم تتكشف تفاصيلها بعد.
&
دينا علي وعبدالله والشقة القديمة
تتذكر مشيرة موضوع الرسالة والمشادة، وأن فارس رمى بكومبيوتره المحمول على الأرض يومها خلال فورة غضبه، فتجد الجهاز وتخفيه عن الشرطة، في محاولة منها لفتح الحساب الخاص بفارس على الفيسبوك ومعرفة فحوى الرسالة قبل تسليمه لهم، لأنها تشك بأن فيها ما سيسيء لسمعة إبنها المتوفي، لكنها تفشل لأنها لا تعرف كلمة المرور الخاصة به.
تقودها&زيارة من جارة قديمة لتعزيتها بوفاة إبنها الى شقتها القديمة أيام الفقر، وتتعرف هناك على شاب يدعى عبد الله (كريم محمود عبد العزيز) طالب فنون وسائق تكسي يسكن في غرفة على سطح نفس المبنى،&يساعدها في الولوج الى حساب فارس، فتطلع على الرسالة لتكتشف أن مرسلتها إمرأة تدعى دينا علي (رحاب الجمل)، تحذر فارس من أنه إذا لم يلتزم بوعده لشخص مجهول،&فمصيرهما "حبل المشنقة".
&
أمجد ولغز مصنع البلاستيك&
تقرر مشيرة أن تلجأ لأمجد (عمرو عابد) صديق إبنها ويعمل في مصنعها لتستدل منه على عنوان دينا لكنه ينكر معرفته بها، وبمساعدة عبدالله من جديد تتوصل الى معرفة العنوان عن طريق حساب الفتاة على الفيسبوك، وقبل تبليغ الشرطة عن إكتشافها تطلب من عبدالله أن يحذف حساب إبنها من موقع التواصل الإجتماعي.
في نفس الوقت يتعرض المصنع الذي يديره (أحمد راتب) للسرقة، وتوضح الأحداث أنه يستغل المصنع دون علم مشيرة في نشاط مشبوه، وأن أحد المجرمين يهدده بمشاكل جمة إن لم يسلمه البضاعة المشبوهة التي سبق ودفع ثمنها، وتعطل تسليمها بسبب وفاة فارس والتحقيق، وتواجد شقيق مشيرة الذي فرض نفسه على غدارة المصنع مستغلاً إنشغالها في البحث عن قال إبنها،&كما يبدو أن أمجد وفارس وعمال آخرين كانوا جزءاً من هذا النشاط المشبوه، خصوصاً وأن إدمان فارس كان يضعه تحت رحمة أمجد الذي يوفر له المادة المخدرة، وقبل وفاته كانت مشيرة قد طردت فارس من العمل في محاولة منها للتضييق عليه كي لا يجد المال الذي يشتري به المخدر فلجأ الأخير لبيع ذهب زوجته (ريماس)&لتوفير المال.
وعندما لم يعد هناك ما يباع أشار عليه أمجد أن يصلح الحال مع والدته بأن يبتاع لها هدية ثمينة، وبالفعل يقدم لها فارس الهدية قبيل سفره الى العين السخنة، وهي عبارة عن ميدالية ذهبية على شكل خروف ذهبي، نكتشف لاحقاً أن فارس أخذها من دينا رغماً عنها ليهديها لوالدته.
تنجح مشيرة في الوصول إلى دينا وتعرف منها جزءاً من الحقيقة، وهي أنها وأمجد وفارس كانوا يقيمون حفلات جنس ومخدرات ثلاثية، وأن من كان يهددهم هو الرجل الذي كان يزودهم بالمادة المخدرة، لأنهم كانوا يدينون له بمبلغ كبير من المال، كما توحي لمشيرة بأن فارس قبل وفاته تورط بجريمة قتل. ونكتشف أيضاً أن زوج دينا الثري العراقي كان قد أهداها الميدالية التي أعطاها فارس لوالدته، وضربها عندما إكتشف بأنها أضاعتها.&
وتنتهي الحلقة الثامنة برسالة تصل لهاتف مشيرة المحمول تفيد بأن مقتل فارس ماهو إلا البداية، وبأن سرقة المصنع ليست النهاية.
&
عمل متكامل
تقدم غادة إداءاً طبيعياً تلقائياً رائعاً في شخصية مختلفة عن كل ما قدمته من قبل، حيث وفقت في إختيار سيناريو ممتاز كتب بحرفية عالية من هالة الزغندي، كما نجح المخرج &إسلام خيري في تقديم عمل مشوق، بإيقاع سريع، وصورة جذابة، وتمكن من الفصل بشكل مميز بين الحاضر والفلاش باك بمساعدة مديرة التصوير المتميزة نانسي عبد الفتاح.
&
بين الكابوس والسيدة الأولى
عبد الرازق نجحت بـ "مع سبق الإصرار" نجاحاً ساحقاً شكل نقلة نوعية في مسيرتها الفنية، تبعته بمسلسل "حكاية حياة" في الموسم قبل الماضي الذي نجح ولكن بنسبة أقل من سابقه، إلا أنها&لم توفق في العام الماضي بعمل "السيدة الأولى" ليس لرداءته ولكن لأن التوقيت خانها في إختيار الموضوع الذي قدمته لمشاهد مل من المشهد السياسي بكل تفاصيله،&وكان يبحث عن مهرب في الدراما ينسيه الواقع الكئيب المربك، بالإضافة إلى أن مجموعة من الكتاب والمخرجين والممثلين الشباب نجحوا في السنوات الأخيرة بإحداث تغيير جذري في ساحة الدراما المصرية وصل ذروته العام الماضي،&وذلك من خلال تقديم أنماط جديدة على المشاهد المصري والعربي كالتشويق والإثارة، والحركة، والفانطازيا، والإجتماعية الواقعية،&بالإضافة الى&إعتمادهم تكنيك سينمائي متطور يكاد يضاهي ما يقدم في الدراما العالمية، مما فرض على غادة وجيلها والجيل الذي قبلها التماشي مع الموجة الجديدة، أو الإكتفاء بالجلوس في المقاعد الخلفية، وهو ما تنبهت له بسرعة وذكاء مكناها من العودة للمنافسة على صدارة المشهد في وقت قياسي من خلال عمل لا يزال في حلقاته الأولى لكنه يعد بالكثير.
&يعرض المسلسل على قناة سي بي سي المصرية، وأبو ظبي الخليجية، و زي الوان الهندية، و أو أس أن المشفرة.
&