إيلاف من الرباط: بعد طول غياب، أعاد مهرجان "الأندلسيات الأطلسية"، في دورته 13، الفنانة ريموند البيضاوية، إلى جمهورها، في لفتةٍ جعلت من دورة هذه السنة "دعوة مفتوحة لاستعادة الذاكرة وتقاسم لحظات فرح جماعي لن تُنسى ولن تنمحي" حسبما قال عبد السلام الخلوفي، المدير الفني لهذا الحدث الفني مشدداً على أن هذه التظاهرة التي اختُتِمَت فعالياتها، اليوم، السبت، هي "موعد للفرح الجماعي"، وقال: "سعدت باستقبال هذا الصوت المميز والآسر، الذي طبع الأغنية الشعبية المغربية، منذ سنوات عديدة". 

 الأيقونة
وزاد "الخلوفي"، واصفاً "البيضاوية"- التي سبق أن استضافتها "الأندلسيات" في دورتها السابعة- بـ"الفنانة الكبيرة"، التي "تذكرنا جميعاً بحلاوة الإنتماء لأرضٍ طيبة اسمها المغرب"، والتي يُحسَب لها أنها ظلت "تتنقل كالزهرة بين روائع الربيرتوار الموسيقي المغربي"، لذلك "يحتفظ من خلالها المغاربة بكثير من الذكريات الجميلة".

أوزلاي
من جهته، أندري أزولاي، مستشار العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس المؤسس لــ"جمعية الصويرة موغادور"، وصفها بـ"الأيقونة الرمزية"، الأكثر شعبية، والأكثر دفئاً، والأكثر حركية ضمن التقاليد الموسيقية المغربية. 

"جوهرة الشرق"
واستُقبِلَت "الأندلسيات" معها على مرحلتين، ضمن برنامج عام جمع متعة الموسيقى، من خلال فقرات موسيقية لفنانين مغاربة وأجانب، من الديانتين اليهودية والإسلامية، إلى فضيلة الفكر والنقاش، من خلال "منتدى الأندلسيات"، بمشاركة مثقفين ومفكرين ورجال سياسة.

أما في الصويرة، فقد جسدت "البيضاوية" سواء بحضورها على الخشبة، أو بطريقة أدائها وشكل ومضمون أغانيها، كل معاني الحنين والتعلق بمغرب متعدد، ممتد في تاريخ وفـــــيّ لقيم التعايش والاختلاف والتسامح. لذلك، وقف الجمهور طويلاً، متجاوباً، بعفوية، مع أغانيها الراسخة في الذاكرة، وصفق لها باعتبارها "الجوهرة" التي كسبت قلوب عشاق الموروث الشعبي والأندلسي المغربي، ممن يحفظون أغانيها ويذكرون طريقة حضورها على خشبة الغناء. ولقد حياها الجمهور حين أدت أغنياتها الخاصة وأغاني لفنانين آخرين من الموروث الموسيقي المغربي بصوتها. حيث تفاعل الجمهور مع الأغنيات "يـْــديرها الكاس" و"العظمة ما منوش" و"كيف نعمل؟" و"واش الحب كيداوي؟" و"العار يا العار" و"العلوة" و"عياد آعياد آ ميمتي" و"يا نّــاسيني" و"الماضي فات" و"ما أنا إلا بشر" و"يا بيضاوة واش هواكم يتداوى؟" و"شوفي غيرو" و"تزوج ما قالها ليا" و"اصحيبي اصحيبي" و"آ لوليد آ لوليد"، علماً أنها عُرِفَت، أيضاً، بأدائها للأغاني الوطنية، من قبيل "احنا مغاربة".

تعدد المواهب
تُعرَف ريموند البيضاوية، واسمها الحقيقي ريموند كوهين أبيكاسيس، بتعلقها الكبير ببلدها الأصلي، المغرب. ولدت بالدار البيضاء، عام 1943، من أسرة مغربية يهودية. وهي تغني، اليوم، في كل العالم، حاملة ألوان التقاليد الموسيقية والموروث اليهودي الإسلامي.

ولريموند، التي تلقب بـ"جوهرة الشرق"، مواهب متعددة، تشمل، فضلاً عن الغناء والموسيقى، السينما والمسرح. كما تعتبر من أوائل المغربيات اللائي تألقن في أداء الشعبي والملحون والحوزي وأغاني المنوعات. 

موروث مغربي
"أين ريموند البيضاوية .. التي غابت عن عشاقها؟"، تساءل أحد المغاربة، ممن ينشطون على شبكة الإنترنت، مشيراً إلى أنه افتقد صوتها وطلتها، كاتباً: "مع بروز جيلٍ جديد من الموسيقيين والمغنيين والمغنيات، واعتزال البعض، تبقى المطربة ريموند البيضاوية إحدى أبرز الأصوات التي اختفت عن الأنظار، مع العلم أنها تركت إرثاً فنياً كبيراً، له رمزيته، وأصالته المغربية. فأين أنت يا ترى .. ريموند البيضاوية التي تعتبر موروثاً مغربياً؟".

فيما كتب آخر: "ريموند البيضاوية، هي مغربية من ديانة يهودية غنت في بداية سبعينيات القرن الماضي، وكانت تقطن بمدينة البيضاء، وحالياً بمدينة باريس، وكانت من عشاق "ناس الغيوان".

ولعل المثير في تجربتها، فضلاً عن التساؤلات المستمرة من قبلمحبي أغانيها والمعجبين بتجربتها، هو أن الشبكة العنكبوتية تُعرف الزائر بسيرة وحياة هذه الفنانة المتميزة، التي لطالما شدت إليها الانتباه والعيون وشغفت الأسماع.كما أنه يُحسَب للشبكة، أنها تُمكِّن الباحث من إمكانية الاستمتاع أو تحميل أغاني هذه الفنانة المتميزة، سواء صوتاً أو صوتاً وصورة. أما المستمع إليها، فهو بلا شك سيتعلق مجدداً بموروثٍ موسيقي يمارس حضوره البهي، دائماً وأبداً.