"إيلاف" من القاهرة: إعتاد القائمون على التظاهرات الفنية الكبرى الاستفادة من أخطاء الماضي، إلا أن منطمي حفل جوائز السينما العربية ACA الذي أقيم مساء الجمعة الماضية بمسرح أوبرا جامعة مصر في دورته الثانية قد عكسوا الأمر، فلم يستفيدوا من نجاح تجربتهم السابقة، بل على العكس تراجعوا خطوة إلى الخلف! 
فمستوى الدورة الجديدة جاء أدنى من الدورة الأولى التي خرجت بصورةٍ مشرفة أذهلت الحضور، وجعلت من جوائزها محل ثقة لكونها تتم عبر تصويت لجان تحكيم الكتروني لا يتم الإعلان عن المرشحين فيها إلا على خشبة المسرح بحضور الجمهور على غرار جوائز الأوسكار العالمية.
إلا أن دورة هذا العام شهدت ما يمكن اعتباره مجاملات واضحة في الجوائز. وهو ما أظهر غياب أعداداً كبيرة من المرشحين عن حضور الحفل على عكس العام الماضي الذي شهد حضوراً كثيفاً من غالبية المرشحين للجوائز.

في المقارنة بموقع المسرح الذي أقيم عليه الحفل في الدورة الأولى والثانية، لم يختلف الأمر كثيراً للمنظمين. فالأول كان على مسرح مدينة الإنتاج الإعلامي والثاني على خشبة مسرح أوبرا جامعة مصر، ولم يكن هذا الأمر ذات تأثير كبير على الفعاليات. لكن المشاكل الصوتية التي وقعت لم تكن مقبولة على الإطلاق. فقد أظهرت الحفل وكأنه تم تنظيمه من قبل هواة وليست جهات احترافية. فالميكروفون الخاص بالفنان إدوارد مقدّم الحفل لم يُغلَق خلال غيابه عن المسرح وسُمِعَ صوته أكثر من مرة وهو يسأل عن بعض الأمور الفنية لجميع الحضور، كما تعطل الميكروفون خلال صعود الفنان ماجد الكدواني لاستلام جائزة أفضل ممثل، واضطر لإعادة حديثه مجدداً بسبب تسجيل الحفل. كما قطعت الموسيقى حديث الفنان أحمد داود بعد استلامه جائزة أفضل ممثل!

ولقد بدا وكأنه قد تحول لما يشبه ساحة استعراض لفساتين الفنانات، بعدما تمت الإستعانة بعدد كبير من الفنانين والفنانات للمشاركة في تقديم الحفل. على عكس ما حدث في الدورة الأولى حيث كان يقدّم كل فنان جائزة. أما في الدورة الثانية فثمة جوائز قدمها إثنان من الفنانين لم يكن بينهما أي تفاهم على المسرح. كما حدث بين سوزان نجم الدين وحازم سمير، وبين منة فضالي والمنتج وليد منصور، باستثناء الثنائي نيكول سابا وأمير طعيمة.

ويبدو أن سرعة اختيارات الفنانين لتقديم الحفل لم تسمح بالتنسيق بينهم وبين القائمين عليه. حيث بدا الإرباك بذكر أسماء المرشحين للجائزة. فتلعثمت الفنانة داليا مصطفى خلال تقديمها جائزة أفضل مدير تصوير للمصور أحمد جبر الذي قدمته بأحمد جابر، ولم تصحح الخطأ بينما قام بتصحيحه هو على المسرح، فيما تكرر خطأ الصور التي يتم وضعها للمرشحين للجوائز مرتين على الأقل، فتبرأ أصحابها منها عند استلام جوائزهم.

ومن الأخطاء التي وقع فيها منظمو الحفل أيضاً والتي تكررت، هو عدم التأكيد على مقدمي الجوائز في ذكر اسم العمل الذين نالوا عنه الجائزة، في ظل ترشحهم لأكثر من جائزة. فيما كان لافتا الغياب الواضح للمرشحين وحضور غالبية الفائزين مما أوصل إحساساً للحضور بأن نتائج الفائزين بالجوائز كانت محسومة مسبقاً، فباستثناء حضور شيكو وأحمد مالك والمخرج كريم السبكي الذين لم يحصلوا على جوائز، كانت الجوائز من نصيب جميع الفنانين الحاضرين.

ولقد تضرر الحفل بشكلٍ كبير من عدم البث المباشر رغم تسويق حق عرضه حصرياً لشاشة قناة DMC المصرية التي قامت بتجهيز استوديو للتسجيل مع النجوم خارج المسرح، لكن الحفل تم تسجيله ليُعرَض في وقتٍ لاحق. ما أفقده عنصر التشويق الذي يجذب الجمهور لمشاهدته، على عكس العام الماضي عندما شاهد الجمهور الحفل على الهواء مباشرةً عبر شاشة قناة النهار.

وعليه، فأن منظمي الحفل يجب أن يدركوا أنهم أمام فرصة لاستعادة بريق الجائزة مجدداً في الدورة المقبلة عبر استدراك الأخطاء التي وقعوا فيها هذا العام. خاصةً وأنهم يحظون باحترام الفنانين وثقتهم. وهو ما ظهر في شعورهم بالراحة والحديث بعفوية وحبهم للجائزة وفكرتها، فلأول مرة منذ سنوات يتحدث ماجد الكدواني بعفوية على المسرح، وأيضاً منة شلبي التي كادت تطير فرحاً بالجائزة عن دورها بفيلم "نوار"ة. أما إلهام شاهين فكانت عفويتها وسعادتها بجائزة الإنجاز عن مسيرتها الفنية ظاهرة في عينها بصورة غير مسبوقة. فقد وقفت تتحدث للجمهور بفخرٍ واعتزاز عن مسيرتها الفنية التي بدأتها في العام 1980، واعترفت بأنها بدأت بالتمثيل منذ 37 عاماً. ولم تخجل أو تحاول إخفاء عمرها الفني.

ولا بد في النهاية من القول أن فكرة الحفل جيدة، لكنها بحاجة لمزيدٍ من العمل لتجنب الأخطاء وعودة الثقة للجوائز وقيمتها حتى لا تتحول جوائز السينما العربية إلى مهرجان يُكرَّم فيه من يحضر من النجوم.