"إيلاف" من بيروت: كان ليوم أمس الجمعة وقعه الخاص. حيث صادف بتاريخه عيد ميلاد الشحرورة الصبوحة التي أثرت الحياة الفنية في لبنان والعالم العربي بأعمالها بين السينما والمسرح والغناء، فكانت أيقونة لفنانة شاملة تميزت بأناقتها وصوتها وأدائها حتى نالت لقب "الأسطورة" التي أسعدت جماهير العالم العربي لأكثر من ستة عقود، ووصلت بشهرتها إلى العالمية.

ولقد احتفل محرّك البحث العالمي غوغل بعيد مولدها الـ 90 باعتبارها علامة فنية فارقة في الشرق الأوسط. فاستبدل لوغو صفحته برسمها الذي ظهرت فيه خلفها فرقة للدبكة اللبنانية الشهيرة التي رافقتها في الكثير من أغنياتها وأعمالها الإستعراضية، بالإضافة لرمزية قلعة بعلبك الأثرية الشهيرة في لبنان، والتي قدمت عليها العديد من العروض التاريخية على المسرح الروماني مع كبار النجوم اللبنانيين منهم العملاق وديع الصافي.

وفي إطلالةٍ على سيرة حياتها، ولدت "صباح" واسمها الأصلي جانيت جرجس الفغالي في قرية جبلية لبنانية، هي وادي شحرور. لكنها عاشت طفولةً مضطربة بسبب مشاكل عائلية متكررة. حيث عانت الأمرين حتى تنطلق في عالم الفن نظراً لنشأتها ببيئة متزمنة إجتماعياً. فبعد أن برزت موهبتها على مسرح المدرسة، لاقت معارضة شديدة من الأهل قبل ركوب موجة الفن التي حملتها إلى الشهرة العربية الواسعة لتبقى حتى اليوم ذات حضورٍ لامع بأعمالها الخالدة.

إنطلقت بعالم السينما في العاصمة المصرية القاهرة في أوائل الأربعينات. وبدأت مهنة التمثيل ليصبح في رصيدها 100 فيلماً وأكثر من 3000 أغنية. علماً أنها حملت لقب "الشحرورة" نظرا لقدرتها على غناء الموال العربي التقليدي بأداءٍ مميز. كما أنها غنّت وقدمت عروضها في جميع أنحاء العالم ومنها قاعة كارنيجي، ودار الأوبرا سيدني، ومسرح بيكاديللي.

ذاع صيت صباح بفنها وبزيجاتها المتعددة، إلا أنها اشتهرت في محيطها بحكمتها وطيبتها وكرمها ونبل أخلاقها بتعاملها مع زملائها، ودعمها للجيل الصاعد من الفنانين. ورغم أنها كسبت الكثير من المال، فقد أنفقت ثروتها لمساعدة المقربين، حتى وصل بها الأمر في نهاية المطاف للعيش بفندقٍ في جبل لبنان لعدم وجود منزل خاص لها. 


عانت هذه النجمة اللبنانية مطولاً من أمراض الشيخوخة في آخر سنوات عمرها، رغم تصديها الدائم لخطوط السنين بإطلالاتها المتميزة وملابسها الأنيقة التي حملت تواقيع أشهر المصممين اللبنانيين. وبقيت حاضرة في الوسط الفني حتى آخر أيام حياتها رغم غيابها المتقطع بداعي المرض، حتى توفيت في العام 2014 في عامها الـ87 بعد حياةٍ حافلة بالعطاء في كل المجالات. علماً أن يوم وداعها كان مميزاً بعزف أغنياتها. حيث زفها محبوها إلى مثواها الأخير بعرسٍ شعبي تنفيذاً لوصيتها بأنها تريد يوم وداعها يوماً للفرح الذي أرادت أن تقدمه دوما لكل الناس.
ولم يكن هذا الوداع مستغرباً بحشوده، لكونها اشتهرت ببسمتها الدائمة، وأسعدت الجمهور دوماً، رغم معاناتها طوال حياتها.