إيلاف من بيروت: مجدداً تعود الفنانة المصرية شيرين عبدالوهاب الى الواجهة وتتعرض لهجوم إنطلق من وسائل التواصل الإجتماعي، وإمتد الى وسائل الإعلام، وصولاً الى نقابة نقابة المهن الموسيقية التي أصدرت قراراً بوقفها عن الغناء وإحالتها للتحقيق.
والسبب "مزحة" ردت بها شيرين خلال احد حفلاتها على معجبة طالبتها بغناء أغنية "مشربتش من نيلها" ... لترد عليها الفنانة المصرية بما معناه: " اشربي مياه معدنية افضل من ان تصابي بالبلهارسيا ...".

موضوع بسيط ... وفي أي جزء في العالم كان الحضور سيضحك ويمر مرور الكرام ... لكننا في العالم العربي نعشق الإزدواجية ونستلذ بإغتيال الناجحين معنوياً.

نعم شيرين فتاة ذات نشأة بسيطة، موهوبة جداً، حققت نجاحاً لافتاً لا تستوعبه ويفقدها توازنها نفسياً، وقد تقول أشياء تثير إستياء البعض منها بين الحين والآخر ... لكن كل هذا لا يعني نقابة المهن الموسيقية، ولا يفترض أن يدخل ضمن إختصاصها، ولا يمنحها الحق بمنعها عن الغناء او التحقيق معها بسبب مزحة لا تخل من سخرية سوداء من حقيقة.

لأننا لو تجاوزنا براءة الدعابة ونظرنا للواقع لوجدنا ان النيل فعلاً ملوث ... شأنه شأن الكثير من الأنهار حول العالم .... 
فهل لو خرجت فنانة فرنسية وقالت ما قالته شيرين عن نهر السين ستوقفها نقابة الفنانين في فرنسا عن الغناء... ؟ بالطبع لا فهذا لا يحصل الا في عالمنا العربي... عالمنا الثالث الذي لا يبدو أنه يتقدم بل يتراجع ليصبح عالم رابع أو خامس بسبب تدني المستوى الثقافي والوعي والحس الإنساني ونمو الحس الداعشي وتغوله ... نحن كلنا دواعش كل بطريقته ... مهما كانت خلفياتنا الفكرية ... دواعش الفيسبوك وتويتر ... لم يهزهم تلوث النيل ... ولم يقفوا مرة ليطالبوا بمحاسبة من يلوثونه بحملة وطنية لوقف التلوث ... لكنهم على استعداد للإنقياد كالخراف في حملة اغتيال معنوي ... اطلقها مجهول بغرض خبيث لأذية الفنانة ... بنبش فيديو قديم ... ليصبح حدث الساعة.

اللافت هنا موقف الإعلام ... الذي تواطأ مع المزاج العام "الغوغائي" ... ضاغطاً على الفنانة مجبراً إياها على الإعتذار عن شيء لا يستحق حتى الإعتذار.

من هدد عمرو أديب؟

وفي سياق متصل كان لافتاً كيف إستهل الإعلامي المصري عمرو أديب الفقرة التي خصصها للحديث عن هذا الأمر ... حيث إدعى إنّه تلقّى تهديدات من جهاتٍ لم يُسمّها، في حال دافع عن الفنانة المصرية، بعد قرار نقابة المهن الموسيقية إيقافها وإحالتها للتحقيق؛ إثر "سخريتها من نهر النيل".

 

السؤال هنا ... من هدد الإعلامي المصري ويملك السلطة لينهاه عن الدفاع عن الفنانة المصرية؟

معارضوا النظام وإعلامهم غمزوا من جهة النظام، لكن آخرون قالوا أن الأمر أبسط من ذلك، قد يكون صاحب المحطة صديق الفنان الذي أساءت له شيرين قبل أشهر ويشتهر بتصفية حساباته بالضرب تحت الحزام من وراء الكواليس هو من منع الإعلامي المصري من الدفاع عنها، والبعض رفض كل نظريات المؤامرة وإعتبر أن أديب كان يشير ببساطة للرأي العام المتطرف. 

في كل الأحوال وبغض النظر عن مصدر التهديد... شيرين تتعرض دون شك لحملة ممنهجة لتدميرها تقوم على إستغلال عفويتها وجموحها وعدم قدرة العاملين معها على ترويضها والسيطرة على تصرفاتها وأقوالها وأفعالها. 
في أي مكان في العالم تترك من مثلها للجمهور الذي إما يحبها أو يكرهها ... لكن في جزئنا من العالم حيث عبادة الرمز لا تزال تشكل اساس تنشئتنا دمها محلل واغتيالها واجب.