"إيلاف-المغرب" من الرباط: قطعت الممثلة المغربية الشابة نجاة خير الله مسافة طويلة نحو الشهرة. واستطاعت بفضل موهبتها الفنية أن تحظى بقاعدةٍ جماهيرية مهمة، بعد أن شاركت في العديد من الإنتاجات الوطنية التي كانت بمثابة بوابة عبور بالنسبة لها. لتكسب المحبين والمعجبين بمسارها الفني.
وهي تعتز بمغربيتها، وتعتبر نفسها إنسانة قبل أن تكون ممثلة. فتعيش حياتها بشكلٍ عادي، وعفويّ، بعيداً عن جلباب الفنانة. وتصنّف نفسها كامرأة مغربية مئة بالمئة لكونها مناضلة ومكافحة في الحياة.
والمزيد عنها في الحوار التالي الذي جالت خلاله على مسيرتها ورؤيتها للفن المغربي وجديدها المرتقب:

*كممثلة مغربية، كيف تقيمين الصورة التي تظهر بها المرأة المغربية في الدراما والسينما؟
- في المشهد الإبداعي، يعمل الممثل بجهدٍ أكبر من المنتج أو المبرمج بهدف إيصال صورة سليمة عما يقدمه، وقد لا يوفق مئة بالمئة في ذلك، بسبب وجود خلل في النص، عموماً، وبذلك لن نجد صورة سليمة للمرأة المغربية.
هناك حيف كبير في هذه الناحية، فالصورة التي يتم تسويقها عن المرأة تظل نمطية، فنجد غالب الأدوار الخاصة بالمرأة تتمحور حول كونها خادمة تعاني، وعاملة، أو وصمها بالانحلال، باعتبارها سيدة لا تربي أبناءها ولا تقوم بتعليمهم وتوجيههم. إلا أن الأمر لا يخلو من وجود استثناءات، في بعض الأعمال المغربية التي تتناول الأمر بطريقةٍ إيجابية، وتحاول مناقشة المواضيع والقضايا الآنية التي تهم المجتمع، فمثلا بالنسبة للمرأة التي تعاني من التعنيف، ينبغي مقاربتها من جميع الزوايا، وعدم الاكتفاء بطرحها دون معالجة، لذا أضحى من الضروري مناقشة الظاهرة، وتوضيح أسبابها، ومعالجتها في إطار العمل المقدم.

*كيف ترين بعض الأفلام السينمائية المغربية التي تستخدم الإيحاءات الجنسية ولغة الشارع بدعوى تناول "التابوهات" المجتمعية ومحاكاة الواقع؟ وهل أنت مع مصطلح"السينما النظيفة"؟
-السينما النظيفة غير موجودة، وهذا المصطلح لا معنى ولا حدود له، ولا يمكن تصنيف السينما كونها نظيفة أو غير نظيفة. فالواقع المعاش يحمل النقيضين معاً. وما يتم تناوله في الأعمال السينمائية هو جزء من هذا الواقع، والسينما مرآة تعكس مجريات ما يحصل، عن طريق إسقاطه في أعمالٍ فنية، ودمجه مع بعض الخيال، شريطة أن يكون موظفا بشكلٍ صحيح، يخدم سياق النص والعمل بصفة عامة.

*الملاحظ في مجال التمثيل بالمغرب، غياب بعض الوجوه الفنية في مقابل وجوه أخرى يتم تكرارها في أعمالٍ متفرقة. ما هو السبب برأيك؟ هل هو تقصير من الممثلين الذين يضعون شروطا للظهور أم من طرف المخرجين والجهات الإنتاجية؟
-الفنان يتحرك ويعرِّف عن نفسه حينما يشارك في المهرجانات الوطنية التي تشهدها البلاد، وللتعرّف على نوعية الأعمال المعروضة وظروف العمل، لذا، تُعتبر هذه الملتقيات الفنية فرصة للإحتكاك بين المخرج والممثل وجهة الإنتاج، شخصياً. أحرص على الحضور في كل المهرجانات، ومع ذلك أغيب عن القنوات التلفزيونية، السينما والمسرح. التلفزيون له هدف آخر، حيث نعاين مشاركة نفس الوجوه في جميع الأعمال المعروضة أمام المتلقي، وهنا، أتساءل حول إمكانية وجود مكتب مغلق ربما يجتمع فيه هؤلاء لكي يعرفوا بأنفسهم ويصبح بمقدورهم العمل في العديد من الإنتاجات، لا أدري الصراحة ما هي الطرق التي يتبعونها ويعملون وفقها.

هناك كذلك مسألة الاعتماد على وجود جديدة تعمل بأجورٍ زهيدة، وهو الأمر الذي يترجم، من جهةٍ ثانية، مسألة تغييب وتهميش الجانب الفني، والذي لا تتم مراعاته، ليس لدينا منتجون فنيون يفكرون في جودة الأعمال التي يقدمونها لكي تكون في شكل أفضل ينال إعجاب ورضى الجمهور، فضلاً عن غياب المسؤولية والرقابة.

*مشاركتك في الفيلم المصري"الوعد" لم يتقبلها عدد من الجمهور المغربي الذي اعتبرها غير موفقة وتسيء للمرأة المغربية، ما الذي دفعك للقبول بدور يتسم بالجرأة؟ ألم يكن هناك تخوف قبلي من ردة فعل الجمهور بعد عرضه؟
-" الوعد" لم يثِر غضب الجمهور، حقيقة الأمر تعود لكون إحدى الفتيات اللاتي يعملن في مجال عرض الأزياء، (ويتعلق الأمر بإيمان الباني التي تزوجت حديثاً من ممثل تركي مشهور) كانت تود المشاركة في الفيلم، لكن لم يتم قبولها بعدما اجتازت مرحلة Casting، فكان ردها أن أقامت بنوع من "البروباغاندا" بهدف إثارة ضجة إعلامية. وقالت في تصريحٍ سابق لها في أحد المنابر الصحفية أن العمل عُرِضَ عليها فعلياً لكنها رفضت المشاركة فيه. وحقيقة الأمر أنها رُفِضَت لكونها لا تمتلك قدرات تمثيلية تؤهلها، وهذه الضجة تمت إثارتها قبل عرض الفيلم وقيل أن الامر يتعلقٍ بفيلم إباحي.

أما عن سبب قبولي المشاركة في "الوعد"، فككل فنانة تحلم بالوصول بفنها للجمهور العربي ولمصر باعتبارها هوليود السينما العربية، قبلت بالتمثيل فيه، حيث قامت الجهات القيمة على العمل بالتواصل معي، مررت بـ"casting" وتم اختياري للدور، لدي خطوط حمراء لا يمكن أن أتجاوزها في عملي، حيث لا أقبل بمشاهد معينة لتجسيدها أمام الشاشة. علمت بداية بنوعية الدور لكن لم أكن أدرك أن الأمر يتعلق بدور عاهرة، و اعترضت على بعض المشاهد الخاصة بالمشاهد الساخنة، وبالفعل تم إلغاؤها.

*هل شعرت بالندم لاحقاً على قيامك بدور مماثل؟
- كانت بالنسبة لي فرصة وجب علي استغلالها، لم أندم عليها لاحقا، بقدر ما ندمت على الطريقة التي قمت بها بتجسيد الدور. كان حرياً بي العمل بجهدٍ أكبر وحرفية أكثر، لكني كنت صغيرة وتجربتي الفنية لم تكتمل بعد، كما أنني وجدت معيقات في تقمّص الدور، بسبب رفض أشقائي لعملي في ذلك الفيلم، بعد الضجة التي حصلت، إلا أنني قمت بإقناعهم بكونه لا يخدش الحياء وشرحت لهم الفكرة. توقف تصوير الفيلم مؤقتا لتتم متابعة التصوير في مصر لاحقاً.

*يشكو العديد من الممثلين والمخرجين المغاربة من وجود ركود فني طوال السنة ماعدا شهر رمضان، حيث تكثر الأعمال التلفزيونية، والتي في معظم الأحيان تثير سخط وانتقاد المتلقي المغربي الذي يصفها بالرداءة، كيف ترين هذا الأمر؟
-الإنتاج الوطني غزير في ظل حضور نفس الوجوه التي تصرح أنها هي التي توجد فقط على الساحة الفنية دون سواها. 70 إلى 80 بالمائة من الأعمال حسب الجمهور لا تلاقي الرضا المنشود. شخصياً، أعجبني المسلسل المغربي"الله يسامح" الذي يُبث على القناة المغربية الأولى، والذي يضم وجوها تمثيلية جديدة، يقومون بالتشخيص بمهنية، إضافة إلى وجود رؤية إخراجية جيدة.

*في سياق الحديث عن الأعمال الرمضانية، ما السبب الذي دفعك للمشاركة في الكاميرا الخفية"مشيتي فيها" التي تبثها القناة المغربية الثانية بعد الإفطار، وهل فعلا ًمشاهدها مفبركة؟
-أنهج سياسة جديدة تمكنني من الظهور والحضور على الشاشة، وكأنني في بداية البحث عن الشهرة والانتشار، مشاركتي في تنشيط الكاميرا الخفية نافذة أطل من خلالها على الجمهور المغربي. أما بخصوص الفبركة، فليس لدي معلومات بهذا الشأن، المخرج والمنتج هما الشخصان الوحيدان اللذان يعلمان حقيقة الأمر، بالنسبة للفنانين المشاركين، يكونون على طبيعتهم، والدليل هو تعرض الفنان منصور بدري لجروح خفيفة، أثناء مشاركته في إحدى حلقاتها.

نافذة أخرى أطل من خلالها على المعجبين والمتابعين لي، من خلال برنامج"مداولة" مع المخرج رؤوف الصباحي، حيث لاقت إحدى الحلقات التي شاركت فيها نسبة مشاهدة عالية، واستطعت ان أكسب جمهوراً عريضاً من خلالها.

*نلاحظ توجه بعض الممثلين والممثلات المغاربة نحو الإخراج، هل برأيك هذه ظاهرة صحية في غياب وجود تكوين أكاديمي لديهم؟ وهل يمكن أن نرى نجاة خير الله مخرجة يوما ما؟
-لا أعتقد أنه بإمكاني العمل كمخرجة، لدي رؤية فنية لكني لا أفهم في الإخراج على المستوى التقني كما أني أفتقد لوجود موهبة كبيرة تؤهلني للعمل كمخرجة، اتجاه الممثلين المغاربة نحو الإخراج أعتبره ظاهرة صحية وإيجابية، كان لدي رأي مخالف في السابق، لكن بمجرد عملي مع مخرجين ممثلين بالأساس كالفنان رشيد الوالي، على سبيل المثال، غيّرت وجهة نظري، حينما لاحظت طريقة الاشتغال والكيفية التي تتم من خلالها الإدارة الفنية للممثل.

في المقابل، هناك مخرجون لا يقومون بتوجيه الممثلين نهائيا وهي كارثة بكل المقاييس، المخرج عموما عليه أن يكون مدركا لكيفية التوجيه، أما إذا كان ممثلاً في الأساس، فالعمل يكون سلساً مع فريق التمثيل. من جهةٍ ثانية، ليس كل ممثل ناجح مخرجاً متميزاً وناجحاً بالضرورة، وهنا أعتبر بأن تجربة الممثلين رشيد الوالي وسناء عكرود كانت موفقة في الإخراج.

*هل أنت راضية عن مسارك الفني؟
- لست راضية تماماً، عانيت خلال 18 سنة قضيتها في المجال. الأعمال التي قدمتها لا تساوي المجهود والكفاح الذي بذلته لإثبات نفسي كممثلة. لقد عملت جاهدة وبتفان في أعمالي، تم تقليص مشاهد منها، بالنسبة لي كان من المفروض أن يكون العطاء بشكل أكبر، وصلت لهذا المستوى بعد جهدٍ وكفاح، في مجال الفن والإبداع، تظل مسألة الوصول مهمة صعبة، وإذا تحققت فتلك معجزة.

*ألم تفكري يوماً في اعتزال التمثيل والابتعاد عن الأضواء؟
الفنان ما زال يعاني، وهو الأمر الذي دفعني للتفكير في الاعتزال منذ 6 سنوات، المسؤولية الملقاة على عاتقنا كبيرة وهناك محاسبة من طرف الجمهور المغربي، والقيمون على المجال لا يوفرون لنا الظروف المناسبة للعمل وتقديم الأفضل. في المغرب، من الصعب أن يكون هنالك فنان مسؤول. بالنسبة لي، عدم رضاي عن حصيلتي الفنية يرجع لشعوري بالإرتباك والحيرة حينما ألتقي شخصا أجنبيا يسألني عن أعمالي، أجد نفسي مضطرة لعرضها بشكلٍ متفرق، من كل عمل مشهداً معينا أو مشاركة ما لتبيان تجربتي في الميدان، هناك رضى نسبي على بعض الأعمال.

*نلاحظ غيابك عن الظهور في البرامج التلفزيونية المغربية، هل هو قرار اتخذ عن اقتناع أم تقصير من طرف القائمين عليها؟
-هو تقصير وتغييب لي شخصياً ولمجموعة من الفنانين المغاربة، كما أنه لا يوجد برنامج يوفر مقابلاً ماديا للفنانين الذين تتم استضافتهم من خلاله، وهناك من يشاركون في برامج طوال السنة فقط من أجل الظهور دون أن يكون لديهم جديداً يذكر، يقدمونه للجمهور.

*ما هي الطقوس الخاصة بنجاة خير الله في رمضان؟
- يمر شهر رمضان الكريم في جوٍ جد عادي، لم تعد الأجواء الخاصة به كما كانت من قبل، مع الأسف، بدأنا نتخلى عن كثير من الأشياء. شخصياً، ليس لدي طقوس معينة في الأكل. أواظب على الصلاة، لا أمارس الرياضة بشكل منتظم، هناك صلة الرحم مع الأقارب والأحباب، خاصة ان الأمور أضحت سهلة في ظل وجود"واتساب" ومواقع التواصل الاجتماعي.

*ما هو جديدك الفني؟
لدي مسلسل قيد التحضير حالياً، من المرتقب أن يتم عرضه بعد شهر رمضان، تحت عنوان"ولا عليك"، مع الفنانين محمد خيي، عزيز داداس، سعيدة باعدي وآخرين. وأنا متفائلة كثيرا بهذا العمل الجديد، خاصة أنه من إخراج المبدع علي المجبود، والذي أعتبره أفضل مخرج تعاملت معه. تفاعلت بشكلٍ كبير مع فكرة المسلسل والدور الذي أجسده والذي سيمكنني من إبراز قدراتي التمثيلية. وأستطيع القول أنه سيكون أحسن عمل أقدّمه إن شاء الله.